اللاجئون وحلم العودة للعراق
22 جمادى الثانية 1429
د. جاسم الشمري

الأعمال الإجرامية المقصودة وغير العشوائية التي تلت احتلال العراق من قبل قوى الظلام والدمار والاستعباد بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية وحلفائها ، وكذلك غياب سيطرة الاحتلال والحكومات التي جاءت معه على الأوضاع في عموم البلاد ، وانتشار البطالة وقلة موارد العيش ؛كل هذه الأسباب دفعت الملايين من العراقيين للبحث عن ملجأ آمن للحفاظ على حياتهم وحياة عوائلهم ، وللبحث عن لقمة عيش في دول الجوار وغيرها .
وبعد خمس سنوات من الاحتلال نسمع دعوات من الحكومة العراقية للمهجرين بالعودة إلى ارض الوطن بحجة استقرار واستتباب الأوضاع الأمنية في البلاد ؛وآخر هذه الدعوات كانت من قبل رئيس الوزراء العراقي نوري المالكي في زيارته الأخيرة إلى الأردن الشقيق .
ولا اعتقد أن أحداً من العراقيين لا يتمنى أن يعود إلى وطنه وأهله وأصدقائه ،فهذا هو الحلم الذي يراودهم ويرافقهم أينما كانوا ؛لكن الأمر لا يتعلق بقرار العودة، وإنما يتعلق بحقيقة استتباب الأوضاع الأمنية في البلاد ،وهل فعلا استقرت البلاد وسيطرت القوى الأمنية على زمام الأمور إلى درجة تدعو إلى العودة ؟
ونحن نستغرب من هذه الدعاوى التي تتناقض مع مجريات الأحداث في الشارع العراقي ،فقبل أيام قتل 63 شخصا في بغداد وبعدها بيوم واحد قتل 12 شخصا في مدينة بعقوبة التي توصف من قبل العديد من البرلمانيين العراقيين بأنها خارج نطاق سيطرة "الدولة"، بالإضافة إلى العشرات من الجرحى في الحادثين؛وفي بعقوبة أيضاً قتلت المليشيات الطائفية ( 3) أشخاص من عائلة واحدة بعد عودتهم للحي السكني الذي هجروا منه ورفضهم ترك المنزل مرة أخرى.
وبمناسبة اليوم العالمي للاجئين الذي يوافق الـ(20) من حزيران من كل عام ،نريد أن نسجل جملة من الملاحظات على دعوات الحكومة العراقية المتكررة للعودة إلى البلاد ومنها:ـ
1ـ إن دعوة الحكومة العراقية للمهجرين العراقيين ينبغي أن تكون متطابقة مع الواقع ، وواقع الحال يخبر باستقرار امني هش قابل للانفجار في كل لحظة كما حصل في مدينتي الحرية وبعقوبة .
2ـ إن رسم صور وردية في الخيال عن الواقع الأمني الهش في البلاد لا يمكن أن يغير من الواقع شيئاً، بل قد يعرض حياة المئات من الذين يعودون للتصفيات الجسدية، والابتزاز من قبل المليشيات والخلايا الخاصة التي تسرح وتمرح في البلاد.
3ـ إن دعوى المصالحة الوطنية التي تدعيها الحكومة العراقية ينبغي أن تكون واقعا ملموسا من قبل الذين هجروا خارج البلاد، وعلى العكس من ذلك نلمس إهمال الحكومة العراقية للملايين من المهجرين ،مما سيقود بالنتيجة إلى ضعف أو ضرب الروح الوطنية لدى هؤلاء ،بسبب هذا الإهمال لهم بينما يجدون العناية والاهتمام من دول غربية وذلك بتوطينهم وتوفير فرص معيشة آمنة لهم ولعوائلهم.
4ـ والملاحظة المهمة في هذا الإطار أن الحكومة العراقية تحاول إظهار الاستقرار الأمني من اجل تسجيل مكاسب إعلامية وسياسية لها.
وعليه فان الرجوع إلى الوطن هو الحلم الذي يراود الجميع، لكن واقع الحال يجبر الملايين على البقاء بعيدا عن الوطن، بينما قلوبهم وأرواحهم ترف في سماء العراق.
[email protected]