أمريكا من الداخل
20 ذو الحجه 1439
د. زياد الشامي

 رغم الهالة التي تحاول الولايات المتحدة الأمريكية رسمها وترسيخها في أذهان الناس عبرالتظاهر بالمستوى "الحضاري" الذي وصلت إليه والتفاخر بالقوة العسكرية التي تتمتع بها والتبجح بهيمنتها الاقتصادية على السوق العالمية....... إلا أنها في حقيقتها ترزح داخليا تحت وطأة أمراض صحية قاتلة و أزمات اجتماعية مدمرة .

الأرقام و الإحصائيات هي التي تتحدث عن تفاقم الأزمات الداخلية التي يعاني منها العم سام وتضخم ذلك الورم الخبيث وانتشاره بشكل متسارع داخل جسد الولايات الأمريكية .

آخر تلك الأرقام تشير إلى ارتفاع عدد المصابين بأمراض منقولة جنسياً في الولايات المتحدة بصورة مقلقة بحسب أرقام حديثة أعلنها المركز الأمريكي لمراقبة الأمراض والوقاية منها .

التقررير الحديث كشف أن العدد الذي جرى تسجيله في 2017 يفوق رقم الإصابات القياسي في 2016 حين سجلت الولايات المتحدة 200 ألف إصابة جديدة.

وذكرت "سكاي نيوز" على موقعها الإلكتروني أن عددا من الفيروسات التي يصاب بها الأميركيون من جراء ممارسات جنسية غير آمنة قابلة للعلاج بمضادات حيوية لكن عدم الانتباه إليها قد يؤدي إلى مضاعفات خطيرة مثل العقم .

ونبهت الأرقام إلى أن حالات الإصابة بمرض الزهري (السفيليس) زادت بنسبة 10% بينما ارتفعت حالات الإصابة بفيروس السيلان 18% .

رئيس قسم الأمراض المنقولة جنسيا في المركز الأمريكي لمراقبة الأمراض والوقاية منها جيل بولان قال : إن الإحصاءات الأخيرة تبعث على القلق الشديد على اعتبار أن وتيرة الإصابة تسير في منحى تصاعدي منذ خمس سنوات.

وأضاف المسؤول الطبي أن السلطات الصحية في الولايات المتحدة لم ترصد ارتفاعا من هذا القبيل في أمراض الجنس منذ ما يقارب عقدين من الزمن.

ويعزو مسؤول في المركز الصحي الأميركي هذا الارتفاع إلى ضعف التمويل الاتحادي لجهود تطويق هذه الأمراض المنقولة جنسيا .

الحقيقة  أن ضعف التمويل ليس السبب الجوهري والرئيسي في زيادة أعداد المصابين كما يحاول المسؤولون الأمريكيون تسويقه للعالم , بل هو الانحلال الأخلاقي و التردي القيمي وغياب أي نوع من أنواع الرقابة الداخلية والرادع الأخلاقي أو الوازع الديني و العقدي .

يمكن اختبار مستوى مصداقية وثبوت هذه الحقيقة من خلال المقارنة بين أعداد المصابين بالأمراض الجنسية في الدول الغربية عموما و بين أمثالهم في الدول العربية والإسلامية التي يدين غالبية سكانها بدين  الله الحق , حيث يظهر الفارق الكبير بينهما بشكل ملحوظ .

اللافت في الإحصائيات والتقارير التي تتناول موضوع الأمراض الجنسية في الولايات الأمريكية هو الارتفاع المستمر في أعداد المصابين عاما بعد عام , فالعدد "غير مسبوق" في كل عام و القلق والتحذير هي العبارات المتكررة على لسان المسؤولين .

ففي العام الماضي حذر التقرير السنوي لمراقبة الأمراض الجنسية المنقولة الصادر عن "مركز الوقاية ومكافحة الأمراض" الأمريكي من ارتفاع الأمراض الجنسية المنقولة إلى مستويات غير مسبوقة، لتسجل أكثر من مليوني حالة إصابة بأمراض الكلاميديا، السيلان، والزهرى في الولايات المتحدة.

وشدد التقرير على أن هذه التقديرات تعد "الأعلى على الإطلاق"، فمعظم حالات الإصابة الجديدة سجلت 1.6 مليون حالة فى عام 2016، خاصة حالات الكلاميديا، وهي عدوى بكتيرية تؤثر على الرجال و النساء على حد سواء.

وأوضح التقرير أن معدلات الإصابة بالسيلان شهدت ارتفاعا مضطردا بين الرجال والنساء في العام الماضي وصلت إلى 470.000 حالة , وشدد القائمون على التقرير أن هذه الاتجاهات " مقلقة بشكل خاص" بسبب التهديد المتزايد من مرض السيلان لمقاومة المضادات الحيوية المعالجة الموصى بها حيث بلغ عدد حالات الإصابة بمرض الزهري 28.000 حالة ، وهو معدل مرتفع بنسبة بلغت 18 % في الفترة من 2015 إلى 2016 .

لا يبدو أن الأزمات الداخلية التي يعاني منها العم سام في طريقها إلى الحل ولا يلوح في الأفق أي ملمح لإعارة المسؤولين الأمريكيين انتباههم للعلاج الناجع والفعال للأمراض الاجتماعية التي تعاني منها بلادهم و المتمثل بالعناية بغرس الرقابة الداخلية في النفوس والوازع الأخلاقي في القلوب والذي لا يمكن أن يتأتى إلا بالدين الحق والعقيدة الصحيحة .