أنت هنا

29 ربيع الأول 1429
المسلم- وكالات

في خطوة اعتبرها مراقبون مغرضة وتأتي للدفع باتجاه التدخل العسكري، ومن ثم تدويل القضية، اعترفت الأمم المتحدة بتدهور الأوضاع الإنسانية في دارفور، رغم مرور أربع سنوات على انعقاد أول اجتماع لمجلس الأمن بشأن دارفور؛ ودعت لتحرك عاجل لإنهاء معاناة أكثر من أربعة ملايين مدني في إقليم دارفور غربي السودان. يأتي هذا في وقت تبدو فيه عيون الغرب شاخصة على ثروات السودان وبصفة خاصة منطقة دار فور الغنية بالنفط واليورانيوم.
وحذر الأمين العام للأمم المتحدة "بان كي مون" في بيان أصدره صباح السبت 5/4/2008م، من تحول الأوضاع من سيء إلى أسوأ، معتبرًا أن القوة المشتركة للأمم المتحدة والاتحاد الإفريقي التي تتولى حاليا مهمة حفظ السلام في الإقليم يمكن أن يكون لها دور فاعل فقط "إذا كان هناك سلام تحافظ عليه" على حد قوله.
وكان البروفسور محمد هاشم عوض؛ رئيس قسم الاقتصاد بجامعة الخرطوم قد اعتبر في تصريحات صحفية له أن موقع السودان الجغرافي وتمتعه بكمية لا يستهان بها من الموارد البشرية والطبيعية شكلت عامل اهتمام الإدارة الأمريكية ومطمعا في نصيب من ثرواته، مشيرا إلى أن السودان صنف في العام 1974 م من قبل منظمة الأغذية وضمن ثلاثة دول (استراليا -كندا- السودان) قادرة على تغذية العالم في القرن الحادي والعشرين وذلك لما يذخر به السودان من موارد!!
وقال هاشم إن "السودان يجلس على بحيرة نفطية"، مستشهدا بالخرائط النفطية للسودان والتي وضعتها أمريكا للتعرف على كمية وحجم البترول السوداني، وأضاف أن شركة شيفرون بدأت في الشرق ثم أمرت بالتحول إلى الجنوب ثم وجدت البترول في الشرق والبحر الأحمر وشواطئه ودواخله وحتى الجزيرة الواقعة بين السعودية والسودان.
وذكر هاشم أن مدير شركة نيوتكساس بحلايب كان قد ذكر في زيارة مع مدير مركز الجلود أن كميات البترول التي وجدت في حلايب تكفى لان تجعل السودان دولة نفطية من أغنى دول العالم، وأضاف أن الدراسات تؤكد أن دارفور غنية بالبترول حيث بدأت شيفرون وكذلك الجنوب وان البترول يعتبر الثروة الباطنية الوحيدة التي بدأ السودان في استغلالها حيث ما زالت معظم الثروات غير مستغلة في باطن الأرض.
وأضاف أن السودان لن يستسلم بعد أن قررت شيفرون للخروج من عمليات الاستخراج للنفط بحجة انه لم يحن الوقت بعد للاستفادة من بترول السودان حسبما خططت له أمريكا بان يكون ذلك قبل العام 2015 م إلا أن السودان سعى سعيا جادا في البحث والتعرف على ثرواته كما أن السودان يعتبر وفقا لخبراء ضمن أكبر شريط نفطي في العالم يبدأ من إندونيسيا ويمر بالجزيرة العربية ثم البحر الأحمر ويعبر السودان حتى نيجيريا، ليتعدى المحيط الأطلنطي، ليصل إلى الولايات المتحدة الأمريكية وكوبا، معتبرا أن "هذه الحقائق تؤكد أن هنالك عوامل جاذبة تجعل الولايات المتحدة تهتم بالسودان".
وكشف الأمين العام عن أنه "رغم مرور أربع سنوات من أول اجتماع عقد لمجلس الأمن بشأن دارفور يبقى الوضع مروعا كما كان، إن لم يكن أسوأ"؛ مشيرًا إلى أن "استمرار أعمال العنف ضد المدنيين بمن فيهم النساء والفتيات وتصاعدها بصورة خطيرة دون ظهور بوادر لنهايتها أو لمحاسبة المسئولين عنها".
وقال "بان كي مون": "إن معاناة 4.27 مليون مواطن مازالت مستمرة، بينهم 2.45 مليونًا شردوا داخل السودان"، في إشارة إلى أوضاع معسكرات اللاجئين في الإقليم، موضحًا أن 100 ألف مدني (أي بمعدل ألف شخص يوميا) اضطروا للفرار من ديارهم هذا العام فقط نتيجة استمرار هجمات القوات الحكومية السودانية والجماعات المسلحة.
وجاء بيان الأمم المتحدة مرفقا بالتقرير الدوري الذي يقدمه الأمين العام إلى مجلس الأمن حول الأوضاع في دارفور؛ والذي أكد حدوث تدهور كبير في الوضع الأمني في بعض مناطق الإقليم خاصة غرب دارفور المتاخم للحدود التشادية.
وأضاف الأمين العام في بيانه أن "العنف في غرب دارفور الذي شرد عشرات الآلاف من المدنيين الأبرياء قد يعرقل نشر القوات الأممية الإفريقية"، مطالبًا بـ"سرعة استكمال نشر قوات الأممية الإفريقية بكل الوسائل الممكنة لحماية شعب دارفور".
جدير بالذكر أن الأمم المتحدة نشرت حتى الآن 9200 جندي ورجل شرطة فقط، من إجمالي 26 ألفًا يجب كان من المقرر أن تنشرهم هناك لحفظ الأمن.
وقال الأمين العام إن المنظمة الدولية تسعى حاليا لتسريع نشر كتائب من مصر وإثيوبيا وبعد ذلك ستكون الأولوية لنشر وحدات من نيبال وتايلاند.
وكان مجلس الأمن الدولي قد تبنى منذ عام 2004 سبعة قرارات بشان النزاع في دارفور الذي تقول الأمم المتحدة إنه أدى لمقتل أكثر من مائتي ألف. وخلال السنوات الثلاث الماضية أيضا بلغت تكاليف مهام الإغاثة الإنسانية الدولي ما يقارب مليار دولار أمريكي سنويا.
وتمثل السودان أحد المداخل الأساسية للقارة الأفريقية بمساحة تزيد عن 2.5 مليون كم2، وبطاقة سكانية تبلغ 34 مليون نسمة، وتمثل حدود السودان الطويلة مع 9 دول إحدى أهم نقاط الضعف في معالم جغرافيته السياسية.
ومن بين 26 ولاية يجسد إقليم دارفور ما يمكن اعتباره "السودان المصغر" بتنوع أعراقه ولغاته ومشاكله الداخلية، وتأثير دول الجوار والقوى الدولية، وتمثل مرتفعات دارفور إحدى الكتل التضاريسية التي لم تصلها أيادي النهر.
وتقع دارفور في قلب المنطقة الصحراوية- إلى الشمال من خط التماس مع إقليم الساحل- بظروفها القاسية، من تذبذب الأمطار، وقيام حياة رعوية وزراعية هشة، وندرة في موارد المياه.
وقد أفضى النزاع القبلي في دارفور إلى مقتل آلاف السكان (ترفع الحركة الانفصالية هذا الرقم إلى 10 آلاف إنسان) وتشريد عشرات الآلاف (ترفع الهيئات الدولية هذا الرقم إلى مليون نسمة).
ونظرا لخطورة الحالة الإنسانية في الإقليم ومع غياب دور المنظمات العربية والأفريقية لتقديم الدور الواجب عليها من إقرار الأمن، ودعم السكان بالغذاء والمياه -تدخلت الأمم المتحدة في الإقليم.
ويعتبر الغذاء والماء أهم ضرورات العون التي ينتظرها سكان الإقليم، مع تخوف من أن تضرب الإقليم مجاعة تسقط آلافا أخرى من السكان، وتتفاوت القدرة الإعاشية لهذه المخيمات بين أقل من 5 آلاف نسمة كما هو الحال في مخيم ميليت، وأم قدادة، وبورسعيد، والشريف بن حسين، والفاشر؛ وبين 5 إلى 25 ألف نسمة كما هو الحال في كاموي، وموكجار، وكرنك وجبل مرة، ونحو 50 ألف نسمة كما هو الحال في مخيم قبقبية وموي.