توحيد "المرجعية" السنية في العراق
13 ربيع الأول 1429
أحمد الجاسم

سبق لي أن كتبت موضوعاً حول السامرائي والحرب على هيئة علماء المسلمين في العراق ونشر على صفحات موقع المسلم ، إلا انه وللأسف الشديد حاول البعض استغلاله من باب الطعن بمجلس علماء العراق .
إن مجلس علماء العراق يضم نخبة من علمائنا الذين نجلهم ونحترمهم ولم يكن الغرض من الموضوع بحال من الأحوال الطعن في المجلس.
وبمناسبة الذكرى الخامسة للاحتلال الغاشم لبلدنا الحبيب أود أن اطرح فكرة توحيد المرجعية السنية في العراق ، حيث إنني سبق لي وان كتبت حول أهمية استغلال الترنح الأمريكي في العراق ودعوت فيه إلى ضرورة تكوين مجلس موحد للمقاومة العراقية الباسلة على الرغم من الاختلافات الفكرية، وان يكون للمقاومة مجلس موحد يضم جميع المكونات الحقيقية للمقاومة وعلى أن يكون لها ناطق رسمي في الإعلام لا يكشف عنه إلا في الوقت المحدد لان الاحتلال يحاول أن يخرج من العراق بماء وجهه إلا انه لا يعرف مع من يتحاور .
أما بالنسبة لفكرة تأسيس مرجعية موحدة لأهل السنة في العراق ، فالمعروف أن في العراق اليوم العديد من الهيئات والجمعيات الدينية وأبرزها ـ مع احترامي وتقديري لجميع الهيئات والجمعيات الأخرى ـ هيئة علماء المسلمين في العراق التي يرأسها الشيخ الدكتور حارث سليمان الضاري وكذلك مجلس علماء العراق الذي يرأسه الأستاذ الدكتور نعمان السامرائي وكلاهما من الرجال الصادقين ـ ولانزكيهم على الله ـ الذين قدموا للعراق الكثير من الخدمات الجليلة في الماضي والحاضر .
ونحن نعرف أن مرجعية موحدة لأهل السنة في العراق ستقود في النهاية إلى توحيد القرار العراقي والصف السني في مواجهة المد الفارسي الصفوي الحاقد .
ولعل هنالك من يقول أن هنالك خلافاً بين هذه الأطراف، ونحن بدورنا نقر بهذه الحقيقة التي لا يمكن تجاهلها بسهولة ؛ لكن هل هذه الخلافات مستعصية بحيث لا يمكن أن تحل من قبل علماء العراق الذين عرفوا بالحكمة والشجاعة والصبر ؟!
إن علماء العراق ـ وكلنا يعرف هذه الحقيقة ـ تربطهم علاقات حميمية متينة ، ولاقوا ما لاقوا من ظلم الأنظمة السابقة والحالية وهم على الرغم من ذلك صابرون محتسبون .
إن الخلافات في النظر إلى المسائل أمر لا يمكن أن ينكر، فلكل وجهة نظر لكن هنالك جوامع وروابط وثيقة تربط جميع هذه المكونات ،منها عقيدة التوحيد الجامعة للعراقيين وكذلك مقارعة المحتل وضرورة طرده من العراق وغيرها من الثوابت التي لا يمكن أن يختلف عليها احد .
هذه الجوامع يمكن أن تكون المنطلق لفكرة التوحيد هذه ،وأما بالنسبة للأمور المختلف فيها فيمكن الاستعانة بأهل الحل والعقد من العلماء ، ففي العراق علماء أجلاء لهم ثقلهم على الصعيد الدولي ومنهم الدكتور عبد الكريم زيدان أطال الله في عمره ، ويمكن أيضاً إدخال علماء من العالم الإسلامي ومنهم فضيلة الدكتور يوسف القرضاوي حفظه الله وأطال في عمره وغيرهم الكثير من أهل العلم والصلاح في العالمين العربي والإسلامي .
والحقيقة أن الأمر يتطلب النظر إلى مصلحة الأمة وتقديمها على كل المصالح وضرورة أن نعمل على يكون للعراقيين مرجعية موحدة لأننا مقبلون على مرحلة خطيرة من تاريخ العراق فإذا انسحب الاحتلال وهذا الأمر وارد جداً ، فقد يموج الشارع وتنفلت الكثير من الأمور ويحاول البعض الانتقام ممن ظلموهم فهذا الأمر يراد له مرجعية تهدئ الناس وتطلب منهم الوقوف عند حدود الشارع الكريم وان القانون هو الذي يأخذ مجراه في هذه المسائل وغيرها, وغيرها من الإشكاليات التي ستظهر بعد انسحاب الاحتلال .
مرجعية موحدة تمثل الجميع ولا يمكن الاعتراض عليها بحال من الأحوال ، وهذا لا يمكن أن يكون إلا بتوحيد صفوف المرجعية .
وعليه فأنني ادعو علماءنا الأخيار المجاهدين أن يعرفوا أننا ننظر إليهم وننتظر منهم ما يوحد الصف لاما يشتته وادعو جميع الأخيار من أبناء الأمتين العربية والإسلامية إلى الوقوف مع هذه الدعوة، والله من وراء القصد.