الحجاب في تركيا.. مشكلة إردوغان الحالية
22 رمضان 1428

أشعلت قضية الحجاب فتيل أزمة في الساحة السياسية التركية، وذلك بعد أشهر من الفوز الساحق الذي حققه حزب العدالة والتنمية في الانتخابات التشريعية التي جرت في يوليو الماضي.<BR>فمن جديد تعود مشكلة الحجاب إلى الواجهة في تركيا لتجدد الصراع بين الإسلاميين والعلمانيين ولكن هذه المرة الحالة مختلفة حيث إن حزب العدالة والتنمية الحاكم يسيطر على المشهد السياسي التركي بالكامل.<BR>فقد برزت هذه المشكلة بشكل واضح بعد انتخاب عبد الله غول مؤخراً رئيسا للجمهورية التركية مرة أخرى إلى المقدمة، ورغم أن منع ارتداء الحجاب في الأماكن العامة بدأ عام 1998 إلا أن النقاش لم يتوقف أبدا بل وقد اكتسب قوة اندفاع مع وصول "السيدة الأولى" التي تغطي رأسها خير النساء إلى القصر الجمهوري الذي كان حكراً على العلمانيين منذ أيام مؤسس الجمهورية التركية العلمانية مصطفى كمال أتاتورك.<BR>وكثير من المتتبعين لقضية الحجاب في تركيا يؤكدون على أن هذه المشكلة لا تقتصر على فئة محدودة من المجتمع بل تشغل أكثر من 80% من نساء تركيا، وفي خطاب لرجب طيب إردوغان أمام حشود من أنصار الحزب تجمهرت أمام مقره ذكر أن حزبه سيرفع كل العوائق الموضوعة أمام حرية التعبير.<BR><font color="#0000FF">معارضة علمانية لرفع الحظر على الحجاب</font><BR>أعلن (رئيس مجلس التعليم العالي) إردوغان تيزيتش معارضته الشديدة لرفع حظر الحجاب في الجامعات التركية مطالبا وقف إعداد الدستور الجديد وتأجيله إلى ما بعد الاستفتاء على الإصلاحات الدستورية.<BR>وأكد تيزيتش أن رفع حظر الحجاب في الجامعات لا يمكن بأي حال من الأحوال مشيرا إلى أن المحكمة التركية اتخذت قرارا بهذه المسألة ووافقت عليه المحكمة الأوروبية لحقوق الإنسان.<BR>ولمح تيزيتش إلى إمكانية إغلاق حزب العدالة والتنمية الحاكم في حال إصراره على رفع حظر الحجاب قائلاً: "انظروا إلى إغلاق حزبين من ذي قبل حاولا رفع الحظر على الحجاب".<BR>وتحظر السلطات العلمانية الحاكمة في تركيا على النساء اللواتي يرفضن رفع الحجاب الانتساب والدخول إلى المدارس والجامعات ومؤسسات الدولة أو تولي وظائف إدارية باعتباره مساسا بالنظام العلماني.<BR>وتلاحق النخبة العلمانية بدعم من الجيش الذي يتمتع بنفوذ كبير أي تعبير عن الإسلام "السياسي" (إن جاز التعبير) وتعتبره خطرا على البلاد وعلى توجهها الموالي للغرب، وقد تم التشديد في تركيا على تطبيق قانون حظر الحجاب منذ عام 1997 عندما أطلق الجيش حملة علمانية عنيفة نتج عنها عزل أول رئيس حكومة إسلامية نجم الدين أربكان.<BR>هذا وقد فشلت المحاولات التي بذلتها حكومة حزب العدالة والتنمية خلال الأعوام الـ 5 الماضية لحل مشكلة الحجاب بسبب اعتراض القوى العلمانية التي يبدو أنها مصممة على التصدي لسياسات الحكومة في هذا الموضوع.<BR><font color="#0000FF">حكومة إردوغان مصممة.. </font><BR>ويبدو أن حكومة إردوغان التي نالت رضا الشعب التركي للمرة الثانية على التوالي مصممة هذه المرة على رفع الحظر المفروض عن الحجاب في حين تحاول بالمقابل العمل على عدم التصادم مع بعض القوى التركية الرافضة لإثارة هذه القضية والمؤيدة لعلمانية الدولة.<BR>هذا وقد شكل وصول أحد كوادر التيار الإسلامي ( حزب العدالة والتنمية) إلى أعلى هرم في السلطة حدثا خطيرا فبعد سنوات من التضييق السياسي والعراقيل القانونية استطاع هذا التيار أن يتجاوز ويتخطى كل ذلك ليكون على رأس هرم السلطة داخل الساحة السياسية التركية.. هذا الحدث التاريخي لم يكن ليستساغ من طرف خصوم التيار الإسلامي كما لم يكن ليقبل من طرف الجهات الخارجية التي رأت في وصول هذا التيار إلى هذا الموقع تهديدا حقيقيا لمصالحها في المنطقة فأعطيت الإشارة مرة أخرى لشد حبل الخناق عليه وقد بدا ذلك واضحا خلال الأشهر الخمسة الماضية أثناء عملية انتخاب عبد الله غول لرئاسة الجمهورية لكن حزب العدالة والتنمية بزعامة إردوغان فهم اللعبة التي حكيت من قبل ضد أربكان ورفاقه في التسعينات واستطاع بحكنته السياسية أن يتفوق على خصومه.<BR>وتعد تركيا البلد الأكثر الذي أصبحت فيه قضية الحجاب قضية مثيرة ومعقدة حيث أصبحت هذه القضية المنعطف الذي تقف عنده هوية تركيا الحديثة بين التغريب والذوبان في الثقافة الغربية والتمسك بالهوية الإسلامية.<BR><font color="#0000FF">مشكلة الحجاب في تركيا... </font><BR>يذكر إلى أن مشكلة الحجاب في تركيا تفاعلت أكثر عندما وصل حزب الرفاه إلى السلطة عام 1996 لأن الحجاب في تركيا كان موجودا بل إن الرئيس الوزراء تورغورت أوزال نجح في الثمانيات بإصدار قرار له قوة القانون أباح حرية ارتداء الحجاب لطالبات الجامعات إلا أنه أعطى حق التنفيذ يعني حق المنع للإدارة؛ فرئيس الجامعة قد يمنع وقد يسمح لطالبات بارتداء الحجاب ولكن عندما وصل حزب الرفاه إلى السلطة وفي إطار محاولة إحراجه أمام الجماهير الإسلامية ازدادت الضغوط من جانب المؤسسة العسكرية والقوة العلمانية من أجل إحراج حزب الرفاه.<BR>وأخيرا..يسعى إردوغان بعد الدعم الكبير الذي حصل عليه من الشعب بعد فوزه في الانتخابات الأخيرة لتمرير مشروع دستور جديد يقضي لأول مرة بحق المرأة التركية المحجبة في دخول الجامعة في إطار مسودة يعدها حزبه لتعديل الدستور التركي الحالي ستجلب السعادة لملايين الفتيات التركيات والتعاسة لفئة العلمانيين في البلاد.<BR><br>