ماذا يعني إطلاق (أفق -7) أخطر أقمار التجسس "الإسرائيلية"؟
26 جمادى الأول 1428

بعد محاولات فاشلة استمرت قرابة العام لإطلاق الجيل الجديد من أقمار التجسس الصهيونية ، أطلقت تل أبيب الاثنين 11 يونيه 2007 قمرا صناعيا جديدا هو القمر (أفق 7) – (أوفيك -7) - للتجسس في خطوة قال مسؤولون صهاينة: إنها ستعزز من مراقبة دول مثل سوريا وإيران .<BR>وأطلق القمر (أفق 7) من قاعدة جوية على الساحل لينضم إلى القمر (أفق 5) الذي أطلق عام 2002 ، حيث سيتحرك القمر الجديد في مدار على ارتفاع بين 200 و500 كيلومتر فوق سطح الأرض ومن المتوقع أن يبدأ في نقل صور فوتوغرافية بحلول نهاية الأسبوع .<BR>وقال (وزير الدفاع) عمير بيريتس في بيان: "إن نجاح الإطلاق يضيف بعدا مهما لقدرات "إسرائيل" الدفاعية وهو شاهد على قوة "إسرائيل" التكنولوجية" ، فيما قال حاييم ايشيد رئيس برنامج الفضاء التابع لوزارة الدفاع في تصريحات لراديو الجيش الصهيوني: إن القمر (أفق 7) سيساعد "إسرائيل" على "التعامل مع المسألة الإيرانية" ، ما يثير التساؤلات حول استخدامه في ضرب إيران خصوصا أن إطلاقه تزامن مع بدء اكبر سلسلة مناورات جوية "إسرائيل"-أمريكية في صحراء النقب يري محللون أنها مقدمة لضربة أمريكية قادمة لطهران .<BR>والملف أن "ايشيد" رئيس برنامج الفضاء الصهيوني رفض إعطاء الصحفيين أي معلومات عن القمر الجديد ، بيد أنه قال أن نظيره المدني أي القمر الصناعي "الإسرائيلي" (ايروس) الذي تستخدمه "إسرائيل" في التجسس "قادر على تصوير أشياء صغيرة يمكن أن يصل قطرها إلى 70 سنتيمترا" !؟. <BR>وترجع أهمية إطلاق هذا القمر الذي يعد الجيل الأحدث من الأقمار الصهيونية ، إلى أنه يكمل منظومة برنامج الفضاء "الإسرائيلي" الذي يسعى لاحتلال أكبر منطقة ممكنة من الفضاء فوق الدول العربية والإسلامية ، ويكتمل منظومة الاحتلال علي الأرض ، بحيث تستمر تل أبيب "ملكة الفضاء بلا منازع" كما يقول خبراءها العسكريين، بهدف تركيع الدول العربية تماما وتعجيزها عن مواجهة الاحتلال والقبول بالأمر الواقع .<BR>واستنادا إلى تقرير سابق لـ "ذي ماركر" الملحق الاقتصادي لصحيفة (هآرتس) "الإسرائيلية" فإن هذا القمر – الذي يعد السابع في سلسلة أقمار التجسس– سيكون بالغ الدقة في الرصد والمتابعة الدقيقة ، ما يجعله من أخطر هذه الأقمار علي الإطلاق ، لأنه سيكون بداية جيل جديد أكثر تقنية وكفاءة في مراقبة العالم العربي والإسلامي عن قرب وعلي مدار 24 ساعة وأفضل من القمرين (أفق -5 ) الموجود حاليا في السماء يرقب الأجواء العربية ، و(أفق-6) الذي فشلت "إسرائيل" في إطلاقه في سبتمبر 2004 !! .<BR>والقمر الجديد للتجسس الذي أنتجه مؤسسة الصناعات الجوية "الإسرائيلية" (أي إيه أي) يستطيع رصد أهداف أرضية من ارتفاع 600 كيلومتر على مدار 24 ساعة بلا توقف (وفق صحيفة يديعوت احرونوت) ، ومزودا بجهاز رادار متطور يتيح له رصد أهداف أرضية من ارتفاع 400 إلى 600 كيلومتر ليلا نهارا وأياً كانت الأحوال المناخية وهو ما لم يكن متوافرا في القمر (أفق 6 )، حتى أن الإسرائيليين يزعمون أنهم سيتمكنون من "رصد أي شيء يتحرك (في الشارع العربي) مهما وصل طوله حتى ولو لـ نصف متر ".<BR>ولا يقتصر الأمر علي هذا القمر (أفق-7 )، وإنما هناك خطط أخري تجري لتنفيذ قمري تجسس جديدين طلبت وزارة الدفاع "الإسرائيلية" في فبراير 2005 زيادة بمقدار 400 إلى 600 مليون شيكل (ما بين 92 إلى 138 مليون دولار) في ميزانيتها من أجل الشروع في إنتاجهما . <BR>إذ كشف المحرر العسكري (أمنون بارزلاي) في صحيفة هآارتس "الإسرائيلية" في وقت سابق أنه طبقاً للخطة التي تم وضعها منذ عام 2001 ، فإنه كان من المقرر أن يكون لدى "إسرائيل" من 5 إلى 7 أقمار تجسس في الفضاء حتى نهاية العقد الحالي (أي 2010) ، لكن "إسرائيل" ليس لديها حاليًّا سوى قمرين فقط للتجسس هما (أفق-5) وأيروس (قطاع خاص)، وفشل إطلاق الثالث (أفق -6 ) وتستعد لإطلاق بديل عنه ، غير قمرين آخرين .<BR>أيضا بجانب أقمار التجسس الفضائية الضخمة ، سبق لـ "اريا اجوزاى" أن كشف في صحيفة يديعوت أحرونوت - قبل إطلاق (أفق -6) الفاشل – عن أن "إسرائيل" تستعد للدخول في مرحلة أخرى من مراحل الفضاء وهى مرحلة (قمر صناعي لكل قائد عسكري) !.<BR>وسيكون ذلك عن طريق إطلاق أقمار صناعية صغيرة لا يزيد وزن الواحد منها عن 50 كيلو جرام ، يستطيع من خلاله كل قائد حرب "إسرائيلي" رصد أي شيء يتعلق بمهامه خلال الحرب ، بحيث يتم تخزينها في مخازن السلاح الجوى "الإسرائيلى" وإطلاقها عن طريق الطائرات "الإسرائيلية" المقاتلة عند نشوب أي حرب ، وقد تم بالفعل تصميم هذا الطراز من الأقمار الصناعية والقيام بتجارب لإطلاقها عبر طائرات القتال العادية "إف 16" و"إف 15 بالتعاون مع روسيا .<BR><font color="#ff0000">برنامج الفضاء "الإسرائيلي"</font><BR>ويرجع دخول "إسرائيل" لبرنامج الفضاء والأقمار الصناعية إلي عام 1959 ، بالتوازي مع بداية البرنامج النووي لها، حيث دخلت إلى نادى الفضاء عن طريق أقمار الاتصالات وعقب ذلك بسنوات قليلة أطلقت أول قمر للتجسس وهو "1" ثم قمر صناعة آخر هو "اروس" ثم تطور الأمر مع تطوير "اللجنة القومية لأبحاث الفضاء" وإنشاء معهد بحوث الفضاء بجامعة تل أبيب .<BR>ففي عام 1969 توجهت "إسرائيل" للولايات المتحدة بطلب لمساعدتها في إقامة محطة لرصد الأقمار الصناعية، وقامت بتوحيد مراكز البحوث في مجال الفضاء تحت قيادة واحدة من أجل البدء في تنفيذ برنامج موحد ، وبلغ التفوق "الإسرائيلي" في هذا المجال - بعد 18 سنة من بدء البرنامج - أنهم بحلول 1977 حققوا خطوات هامة في برنامجهم دفعت المنظمة الدولية لعلوم الفضاء لعقد اجتماعها في تل أبيب، ليبدأ بعد ذلك عصر إطلاق الأقمار الصناعية .<BR>ويشير موقع وزارة العلوم "الإسرائيلية" علي الانترنت إلى أن مشروع إطلاق أقمار أفق – أو أوفيك- بدأ منذ عام 1982، وأن المشروع تطلب أبحاثا وبنًى تحتية وتأهيل مهندسين وفنيين والاعتماد على الذات في إطلاق الأقمار وبناء مركز سيطرة وتحكم ومحطة استيعاب أرضية ، ليشهد يوم 19 سبتمبر عام 1988) إطلاق أول قمر صناعي من النوع المستخدم في التجسس وهو "أفق 1" ، وتبعه "أفق 2" ( 3 أبريل عام 1990) ، ثم "أفق 3" (أبريل عام 1995 ) ، و"أفق 5" عام 2002 ، في حين فشل إطلاق كل من (أفق 4) عام 1998 ، واحترق "أفق 6 "عام 2004 عند إطلاقه .<BR>وقد نجحت تل أبيب في تنويع مصادر تعاملها مع كافة الدول المتقدمة في هذا المجال في الشرق والغرب واستفادت من الجاليات اليهودية في هذه الدول للحصول علي أحدث التكنولوجيا في هذا المجال ، كما نجحت في الاستفادة من كل الحروب في الحصول علي مزيد من التكنولوجيا اللازمة لبرنامجها الفضائي بدعوى حماية وجودها من أعداءها العرب ، بل ودخلت في تعاون مشترك مع الولايات المتحدة من أجل إنتاج صواريخ مشتركة قادرة علي إطلاق الأقمار أو ضرب أقمار أو صواريخ معادية .<BR>وأخطر ثمرات هذا التعاون كان الدخول مع الأمريكان في برنامج أبحاث الفضاء ، ثم مبادرة الدفاع الإستراتيجية المعروفة باسم "حرب النجوم" ، كما شاركوا ألمانيا في إنتاج أقمار استشعار عن بعد ، واستفادوا من كل هذا التعاون في تطوير الصواريخ التي تحمل هذه الأقمار - وضمنها الصواريخ الحربية – بحيث أنتجوا الصاروخ المتطور "شافيت" عام 1986 لحمل الأقمار ، وصاروخ " next" وغيرها ، وأخرها صاروخ "حيتس" المضاد للصواريخ بالتعاون مع أمريكا بهدف إسقاط صواريخ سكود المتطور في صورة الصاروخ الإيراني شهاب-3 ذي الرؤوس الحربية الثلاثية .<BR>ويكفي أن نجاحهم في إطلاق قمر التجسس الذي يعتمدون عليه حاليا ( أفق – 5) في 28 مايو 2002 جاء نتيجة تعاون مكثف مع الدول الأوروبية والولايات المتحدة بدعوى المشاركة في حرب "الإرهاب" ، وقيام "إسرائيل" بدورها في مراقبة الحركات المتطرفة والإرهابية في الدول العربية والإسلامية ورصد اتصالاتها !! .<BR>وهو ما حذرت منه جامعة الدول العربية في 26 يونيه 2002 من خلال اللجنة الفنية التابعة للجامعة المعنية بمتابعة النشاط الفضائي "الإسرائيلي"، وشددت علي مخاطر النشاط الفضائي "الإسرائيلي" على الأمن القومي العربي، حتى أن مساعد الأمين العام بالجامعة للشؤون السياسية محمد زكريا إسماعيل قال حينئذ أن إطلاق "إسرائيل" لأقمار من هذا النوع "يؤذن ببداية سباق تسلح جديد ودخول المنطقة عصر حرب النجوم أسوة بالمشروع الأمريكي الذي ترتبط معه "إسرائيل" باتفاق تفاهم وقع عام 1998 بين الرئيس بل كلينتون ورئيس حكومة "إسرائيل" السابق بينامين نتنياهو .<BR>أيضا حذر "إسماعيل" من خطورة هذا البرنامج بسبب إمكان ربط أقمار التجسس بالبرنامج النووي "الإسرائيلي"، مع احتمال استخدام الصاروخ الحامل لقمر التجسس "شافيت" أو أريحا لحمل رؤوس نووية إلى مدى بعيد ، وإمكانية تغلب الأقمار الصناعية "الإسرائيلية" على مراكز الإنذار المبكر والاستشعار عن بعد في الدول العربية سواء بالتشويش أو المتابعة أو التصنت !. <BR><font color="#ff0000">تراجع عربي</font><BR>والملفت أن رد الفعل العربي علي هذا التفوق الصهيوني في المجال الفضائي والنووي عجز عن القيام بأي تعويق لهذا التقدم "الإسرائيلي"، ولكنه بالمقابل لم يسعَ إلى تعويض هذا الفارق التكنولوجي لأسباب عديدة تتعلق بالصراعات الداخلية ، وغياب الخطط الإستراتيجية ، إضافة إلي الضغوط والقيود الغربية علي نقل هذه التكنولوجيا الهامة إلي العالم العربي والاكتفاء بتصنيع أقمار تجارية فقط للدول العربية لبث المحطات الفضائية أو الاتصالات .<BR>ومع أن هناك طفرة عربية حالية في إنتاج أقمار صناعية ، فهي لا تزال مجرد أقمار اتصالات وأقمار لبث المحطات التلفزيونية الفضائية ونظام تسليم مفتاح من الشرق والغرب رغم أن خبراء الفضاء يؤكدون أن امتلاك تكنولوجيا الفضاء معناه إنشاء وتطوير صناعات أخري مرتبطة بها مثل الصناعات المرتبطة بالليزر والمواد الجديدة والإلكترونيات والطائرات وأجهزة الملاحة والاتصالات والبرمجيات‏ ، وصناعات أخري عديدة مثل "التيفلون" العازل لحرارة الصواريخ وأصبح يستخدم في أواني الطهي ، والماء الثقيل اللازم للمفاعلات النووية ، وغيرها الكثير .<BR>توقيت إطلاق القمر التجسسي الصهيوني بالغ الأهمية بالتالي، ليس فقط لضرب إيران التي تسعي للبروز كقوة عسكرية هامة في المنطقة العربية ، وإنما لأنه يزيد شقة التفوق التكنولوجي الصهيوني علي الدول العربية مجتمعة ، ويكفي أنه في حين نشأ هذا البرنامج الفضائي الصهيوني عام 1959 ونجح في تصنيع سبعة أقمار متطورة ، أن العديد من الدول العربية لا تزال تفكر وتنوي إنشاء وكالة فضاء !!.<BR><BR><br>