هل يصبح إردوغان رئيسا لتركيا؟
27 ربيع الأول 1428

قد تبدو مسألة انتخابات الرئاسة التركية في مرحلة ركود أو هدوء لكن التطورات الميدانية ليست سوى مرجل يغلي وينذر بتحولات نوعية غير بعيدة عن مجريات الأمور على الساحة السياسية التركية.<BR><BR>ففي الوقت الذي يقترب فيه موعد انتخابات الرئاسة التركية مع انتهاء فترة الرئيس الحالي أحمد نجدت سيزار الشهر القادم يزداد الاحتقان السياسي والحزبي والإعلامي في تركيا وخصوصا أن المرشح القوي للجلوس في هذا المقعد الحساس بالنسبة للعلمانيين هو رئيس الوزراء رجب طيب إردوغان ما يعني أن حزب العدالة والتنمية الإسلامي سيحكم سيطرته على المشهد التركي (رئاسة الدولة ورئاسة الحكومة) وهو أمر يثير حفظية النخبة العلمانية وحساسية العسكر الذين يرون في مثل هذا التطور خطورة كبيرة في نظرهم تهدد وجود الدولة العلمانية التي أسسها مصطفى كمال أتاتورك في عشرينات القرن الماضي.<BR>وتمارس أحزاب المعارضة وعلى رأسها حزب الشعب الجمهوري بزعامة دنيز بايكال الذي يطلق التصريحات الفارغة من الحين للآخر لإعاقة إردوغان المعروف بخلفيته الإسلامية عن الحصول علي المقعد الرفيع الذي يعتبر آخر قلاع العلمانيين في تركيا.<BR>المراقبون السياسيون يقولون بأن تركيا مقبلة على أعتاب أزمة سياسية من نوع مختلف هذه المرة في حال انتخاب إردوغان أو مسؤول آخر من حزب العدالة والتنمية الحاكم فمن جهة ستصبح كل العملية السياسية في أيدي حزب العدالة والتنمية وهذا الأمر يعني استبعاد كافة الأطياف السياسية الأخرى من يمين ويسار الأمر الذي يعنى أن خللا ما قد يحدث في الساحة السياسية التركية في المرحلة القادمة من الممكن أن تبحث بعض التيارات السياسية عن آليات للتمثيل سياسيا من خلال العنف أو التمرد على الدولة التركية، وهذا بدوره سيضع حكومة حزب العدالة والتنمية في موقف حرج للغاية وسيؤثر على الاستقرار في تركيا الذي تعيشه منذ وصول الحكومة التركية الحالية إلى سدة الحكم في نوفمبر 2002.<BR>في المقابل سيكون حزب العدالة والتنمية (المسيطر على الرئاسة والبرلمان والحكومة) في مواجهة مستمرة مع المؤسسة العسكرية الأمر الذي ينذر بمزيد من التدهور في العلاقة بين الطرفين.<BR><BR><font color="#0000FF">هل سيرشح إردوغان نفسه للرئاسة؟</font><BR>سر كبير في تركيا في هذه الأيام وهو: هل سيرشح رجب طيب إردوغان نفسه لرئاسة الجمهورية؟ أم لا.كل التوقعات تشير إلى أن إردوغان هو المرشح الأقوى في هذه الانتخابات ولكن إردوغان يفضل التكتم على هذه المسألة وعدم البوح بهذا السر لأسباب منها هي الخشية من الجيش حيث يتخوف إردوغان وقاعدته أن يترتب على وصوله إلى الرئاسة صدام يومي بالمؤسسة العسكرية اليد الطولي في البلاد.<BR>ويعلم إردوغان كل المصاعب التي سوف تواجهه خلال الفترة المقبلة بيد أنه كان ولا يزال يتمنى لو أن المشهد السياسي في تركيا غير ذلك أي بمعنى أن يكون أكثر تسامحا والدليل على ذلك عدم إفصاحه عن رغبته الحقيقية في ترشيح نفسه لرئاسة الجمهورية والهدف تأجيل ساعة المواجهة على أمل أن يرضخ الجميع للأمر الواقع وللعملية الديموقراطية وخاصة أن الأغلبية التي يتمتع بها حزب العدالة والتنمية هي السند الوحيد لمرور إردوغان إلى سدة الرئاسة.<BR><BR><font color="#0000FF">تسعة أدلة لوصول إردوغان إلى رئاسة الجمهورية</font><BR><font color="#ff0000">أولا: </font>لم يسبق في تاريخ الجمهورية التركية كلها أن سنحت فرصة لزعيم بالوصول إلى رئاسة الجمهورية ورفضها. <BR><font color="#ff0000">ثانيا: </font>عندما تسترق السمع إلى بعض الأسماء المقربة جدا من رئيس الوزراء وهي تتحدث قائلة "هذا يعني بأن فكرة الرئاسة اختمرت في رأس السيد إردوغان".. <BR><font color="#ff0000">ثالثا: </font>أن يصبح السياسي رئيسا للوزراء هو أمر مهم لكن الأهم في نظره أن يصبح رئيسا للجمهورية إذ تطيب للمرء بشكل غريب فكرة تسجيل اسمه في التاريخ كرئيس للجمهورية قبل أن تذوق نفسه الموت. <BR><font color="#ff0000">رابعا: </font>الميزان الحساس الذي استند إليه "رجب طيب إردوغان-عبد الله غول" في شق الطريق السياسي المحفوف بالمخاطر والأشواك هو الذي مهد وأمن احتمال وصول إردوغان إلى كرسي رئاسة الجمهورية اليوم وإذا حصل العكس فإن الميزان سيختل والعقد سينفرط.<BR><font color="#ff0000">خامسا: </font>القانون الدستوري واضح وشفاف ولا يوجد أي عائق قانوني أمام إردوغان يمنعه من الوصول إلى رئاسة الجمهورية.. هذا الأمر بحد ذاته يعتبر أكبر وأهم ورقة بحوزة إردوغان تقوده إلى كرسي الرئاسة. <BR><font color="#ff0000">سادسا: </font>كلما طال الجدل والنقاش في هذا الموضوع كلما تعودت تركيا على هذه الفكرة واستوعبتها وتقبلتها أكثر فأكثر.. وإردوغان بدوره يراهن على "مرحلة الاستيعاب" هذه التي ستسهل له طريق الرئاسة. <BR><font color="#ff0000">سابعا: </font>إردوغان بالتأكيد لن يدع فرصة الرئاسة تفوته وهو السيادي صاحب الشخصية القوية خوفا من أن تنكسر شوكته وتضيع هيبته من صدور الناس.<BR><font color="#ff0000">ثامنا: </font>هدية "الإخلاص" التي تعاهد عليها نواب الحزب وقدموها لإردوغان في عيد ميلاه قبل أشهر إنما هي مؤشر واضح وقوي على حلم الرئاسة الذي يداعب خيال إردوغان. <BR><font color="#ff0000">تاسعا: </font>إردوغان طبعا لا تروق له فكرة تولي رئاسة الوزراء لخمس سنوات أخرى والانتظار كل هذه المدة لتحقيق حلم الرئاسة لأنه يعلم جيدا بأن الإنسان لا يضمن عمره لذا هو بالتأكيد سيأخذ بالمثل القائل "عصفور في اليد خير من عشرة على الشجرة". <BR><font color="#0000FF">رئاسة الجمهورية في تركيا</font><BR>ينتخب رئيس الجمهورية في تركيا كل سبع سنوات بأغلبية الثلثين من البرلمان ومن بين أعضائها ويشترط أن يكون فوق الأربعين من عمره وحاصلا على شهادة جامعية وإذا كان من خارج أعضاء البرلمان فإضافة إلى الشروط السابقة يجب أن يتصف بمؤهلات الترشح للبرلمان على أن يقدم اقتراح ترشيحه خمس أعضاء البرلمان.<BR>ويمنع الدستور رئيس الجمهورية من الترشح مرة ثانية ويوجب على الرئيس المنتخب أثناء ولايته أن يقطع علاقته مع حزبه إذا كان عضوا في حزب وأن يوقف عضويته في البرلمان.وأعطاه الدستور حق دعوة البرلمان للاجتماع إذا دعت الحاجة وكذلك له أن يدعو الحكومة للاجتماع وأن يرأس جلساتها ودعوة مجلس الأمن القومي للاجتماع وأن يرأس جلساته ومن صلاحياته تعيين رئيس الأركان وهو أيضا المرجع لإعلان القوانين والمراسيم أو فرض القوانين العسكرية أو قانون الطوارئ.<BR>وله حق إعادة القوانين للبرلمان كي يعيد النظر فيها وإذا أعادها البرلمان مجددا فإن الرئيس ملزم بها ولو لم يغير البرلمان فيها شيئا.<BR><font color="#0000FF">خلاصة الحديث.. </font><BR><font color="#ff0000"> في حالة وصول إردوغان إلى سدة الرئاسة فإن هذا حدث تاريخي بكل معنى الكلمة وسابقة هي الأولى من نوعها في تركيا العلمانية على كل حال فإن معركة حاسمة لكنها هذه المرة من نوع مختلف تنتظر إردوغان خلال الأسابيع القليلة القادمة من أجل تحقيق هدفه المنشود للتربع على قمة الهرم السياسي التركي. </font><BR><br>