كريموف وأوزبكستان.. السنوات الأربع عشرة العجاف
19 محرم 1428

مع مرور يوم 22 يناير 2007، كان (الرئيس الأوزبكي) إسلام كريموف، قد أنهى كامل فترته الثانية على رأس الدولة المسلمة، ومع مطلع يوم 23 يناير، كان من الواضح جداً، أن الكل في أوزبسكتان سيغضون الطرف قسرا عن تولي كريموف لفترة ثالثة وربما رابعة ، ما دام في الرجل رمق من حياة.<BR><BR>السنوات الأربع عشرة التي قضاها الرئيس الأوزبكي جاثماً على صدور المسلمين هناك، كانت سنوات عجاف عليهم، اتسمت بالظلم والقتل والتعذيب، سيق المئات منهم إلى الإعدام، وزج بالآلاف منهم في السجون، وسط التعذيب والتنكيل، دون أن تستطع أي دولة الوقوف إلى جانب المسلمين هناك، وتغيير مسار الأحداث.. طالما أن الدعم يأتي كريموف من الولايات المتحدة بلا حدود ً.<BR><BR><font color="#0000FF">تمثيلية الترشيح والفوز: </font><BR>في مهزلة كمثل مهازل الانتخابات في دول العالم النامي، ترشح كريموف لتولي فترة ولاية ثانية رئيسا لأوزبكستان في 22 يناير 2000، بعد سبع سنوات قضاها على كرسي الحكم ، فاز بالرئاسة في تمثيلية معروفة، وصفها المراقبون بأنها "مهزلة" ، و ثبّت نفسه حاكما شموليا وديكتاتورا مطلق الصلاحيات . <BR><BR>ومثل الكثير من النسب التي يحصدها رؤساء بعض الدول النامية، حصل كريموف على نسبة 98% من أصوات الناخبين، دون أن يكون هناك أي رأي حر لأحد في وضع علامة "غير موافق" على بطاقات الانتخابات.. ذلك أن رجال الاستخبارات المرتزقة ستعمل على الفور لإثبات ولاءها المطلق للحاكم وأعوانه باعتقال هذا "المتطرف".<BR>وعلى الرغم من أن الدستور الأوزبكي ينص على أن مدة الحكم هي 5 سنوات، إلا أن البرلمان الذي يأتمر بأوامر الرئيس كريموف، أقر تعديلاً على الدستور، بمنح الرئيس 7 سنوات من الحكم بدل السنوات الخمس.<BR><BR>وهذا التعديل هو الثاني الذي يحدث في تاريخ الجمهورية التي انفصلت عن الاتحاد السوفييتي عام 1991.<BR>فبعد أقل من عام على سقوط الاتحاد السوفيتي وتحرر جمهورياته الى دول مستقلة 0 ولو شكليا ) ، فاز إسلام كريموف بحكم أوزبكستان، بعد أن كان قد عيّن فيها أميناً عاماً للحزب الشيوعي منذ عام 1989.. وحسب دستور البلاد، فإن للرئيس المنتخب الحق بالحكم 5 سنوات فقط، إلا أنه وخلال عام 1995، أقر البرلمان الأوزبكي تعديلاً دستورياً، يقضي بتمديد فترة حكم الرئيس سنتين كاملتين، لتصبح ولاية الرئيس 7 سنوات، تنتهي مع مطلع عام 2000.<BR><BR>السنوات الأربع عشرة التي قضاها كريموف حتى الآن في حكم أوزبكستان، حوّلت الدولة المسلمة إلى دولة بوليسية ، باتت فيها السجون أكثر عدداً من المساجد، والمروعون بسجن أهلهم أو ملاحقتهم أكثر من الآمنين، والعاملون في أجهزة الأمن أكثر من الموظفين الحكوميين.<BR><BR>ويبدو أن الرئيس الجبري للبلاد، قد عقد العزم على ألا يبرح الحكم حتى يبلغ أجله، وهو أمر لم يكن يحتاج لقرار أو تعديل دستوري . لذلك، لم تجرؤ وسيلة إعلامية واحدة في أوزبكستان على الحديث عن انتهاء فترة ولاية كريموف، كما لم يجرؤ أحد في البرلمان على طرح سؤال حول مشروعية الحكم.<BR>وعلى الرغم من وجود قانون يجيز للرئيس البقاء في السلطة إلى حين موعد الانتخابات الرئاسية القادمة (وهي شهر ديسمبر القادم) إلا أنه لايبدو في الأفق ي أمل في أن يزاح كريموف عن منصبه ، الذي بات "حصرياً" له. <BR><BR><font color="#0000FF">الحكم بقبضة حديدية: </font><BR>لم يكن لأي رئيس دولة أن يتمتع بتلك الشعبية التي تتيح له الفوز بنسبة 98% دون أن يستخدم "القبضة الحديدية" في حكم البلاد والعباد، وهذا ما ينطبق تماماً على أوزبكستان. فالرئيس الذي تفرّد بالحكم لدرجة تجعل من اسمه "إرهاباً" للشعب، استطاع أن يمد نفوذه واسعاً في الطبقة الحاكمة، وطبقة المسؤولين، والشعب المسلم، الذي تم التضييق عليه بشدة.<BR>لذلك، فإن التوجهات والسياسات و القرارات في أوزبكستان ، وتصريف أمور الدولة وعلاقاتها الخارجية وتوجهاتها الداخلية تخضع لسطاته المباشرة دون منافس .. فالحكم الذي يقوم على القتل والتعذيب والإذلال، يصبح خطراً لا يمكن مجابهته بمغامرة انقلابية.<BR><BR>لقد استطاع كريموف بسهولة، التخلص من جميع المسؤولين الذين يخالفون توجهه الجديد في العلاقات الخارجية مع الولايات المتحدة.. حيث أجرى تغييرات عديدة طالت مسؤولين كبار. <BR>فبعد أحداث مجزرة انديجان في 13 مايو 2005، بدأت التبدلات السياسية تفرض على الغرب وأمريكا انتقاد الديكتاتورية والقتل والإرهاب الذي يمارسه كريموف بحق الشعب الأعزل.. ما حدا به إلى اعتبار الولايات المتحدة خصماً، خاصة بعد أن وجد صدراً رحباً في موسكو قبلته التي يدين لها بتاريخه الشيوعي وحاضره الدكتاتوري .<BR><BR>وخلال السنوات القليلة اللاحقة للمجزرة، أجرى كريموف حملة تطهير طالت جميع المسؤولين المواليين للغرب، كان آخرهم كاظم تولاكانوف (الحاكم السابق لولاية طشقند) والذي عزل من منصبه، وتمت محاكمته بتهم "الفساد المالي والإضرار باقتصاد الدولة" وحكم عليه بالسجن 20 عاماً، مع غرامة مالية تقدر بمليون دولار.<BR><BR>وكان من أشهر المسئولين الذين تمت إقالتهم والحكم عليهم بالسجن لفترات طويلة، فضلاً عن دفع غرامات مالية كبيرة، قادر غلاموف (وزير الدفاع الأوزبكي السابق)، و بختيار حميدوف (نائب رئيس الوزراء السابق) وغيرهم.<BR>وحسب المصادر الأوزبكية، فإن المحللين يرجعون قرارات الرئيس الأوزبكي بإقالة هذه الشخصيات وإحالتها للمحاكمة، بأنه أصبح يخشى من أي مسؤول له ولاءات أو ميول للغرب، أو يحس بأنه قد يطمع بكرسي الرئاسة مستقبلاً.<BR><BR><font color="#0000FF">علاقة كرميوف باليهود: </font><BR>في أوزبكستان التي يحكمها كريموف، لا يوجد أي مصدر موثوق يكشف عن حقيقة أصل وسيرة كريموف.، ابتداءً من ولادته وطفولته، وصولاً إلى ارتقاءه المناصب الحكومية في عهد الاحتلال الشيوعي. إلا أن جميعها تتفق على أن "كريموف" نشأ في دور الأيتام تحت رعاية الدولة السوفييتية.<BR><BR>وفيما قد يدل على نسبه اليهودي، تزوج إسلام كريموف عام 1966 من زوجته الثانية وهي تاتيانا أكباروفنا كاريموفا، التي كان والدها طاجيكيا ، وأمها من يهود طاجيكستان. وقد ساعدته زوجته عبر أقربائها اليهود في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في الاتحاد السوفيتي للوصول إلى رئاسة أوزبكستان. وفي الأعوام الأولى من حكمه لأوزبكسـتـان انتقى كوادره المحيطين به من اليهود.<BR><BR>وحول هذه الأمور، يقول عثمان حق نظروف: "أصبح دعم اليهود لإسلام (إسحاق) كريموف واضحاً بعد زيارته للولايات المتحدة الأمريكية في مارس 2002. حيث قام بزيارات كثيرة للمنظمات اليهودية هناك، ومنها منظمة "معهد بئر هاغولاه"، وقدّم اليهود هناك لكريموف هدية تذكارية وميدالية بلقب "قائد على مستوى دولي". وكرّم الكونغرس العالمي لليهود -برئاسة "ليف أفنيروفيتش ليفيف "، الذي يعود أصله إلى طشقند وهو من الداعمين الأساسيين لنظام كريموف-، كرَّموا كريموف بجائزة كبرى "لإنجازاته الكبيرة التي قدمها للأمة".<BR><BR>ثم تطرق الكاتب إلى ذكر قائمة بأسماء اليهود الذين يعملون حالياً في حكومة أوزبكستان وإداراتها الإقليمية وفي قطاع الاقتصاد وقطاع الأمن والشؤون الداخلية والمالية والأعمال. وأورد اقتباساً من أقوال "فلاديمير برونستين" -المستشار الأعلى لكريموف- حيث كان يقول في مجالسه الخاصة: " نحن (اليهود، U.H.) لن نعطي سلطتنا بسهولة، بل نحن مستعدون لإطلاق النار على كل أوزبكستان وأن تصبح فلسطين ثانية بدلاً من إعطاء السلطة للسكان الأصليين".<BR><BR><font color="#0000FF">محاربة الإسلام: </font><BR>سنوات حكم الرئيس الأوزبكي الطويلة؛ قضاها المسلمون الأوزبك في السجون والمعتقلات، ملاحقين ومطاردين، آلاف منهم هجروا إلى الخارج، وآلاف أخرى في السجون والمعتقلات، لا يدري أحد أين هم اليوم.. قتل قسم كبير منهم، وأعدموا بتهم "الإسلامية" و"الأصولية" و"التطرف" التي باتت أحكاماً جاهزة بحق كل من يخالف الرئيس الأوزبكي.<BR><BR>المهجرون في الدول الأخرى لا يزالون يفضلون اللجوء السياسي _رغم الظروف الصعبة_ على أن يرجعوا إلى البلاد، تحت نير حكم كريموف. فمؤخراً، نشرت إذاعة "بي بي سي" الأوزبكية خبراً عن مئات اللاجئين الأوزبك (رجالاً وأطفالاً ونساء) الذين سلّموا أنفسهم للمفوضية السامية لشئون اللاجئين لدى الأمم المتحدة بمكتبها في إيران منذ فترة، مشيرة إلى أنهم يعانون من أوضاع مأساوية، مطالبين بالانتقال إلى دولة ثالثة، أو الصبر على أوضاعهم، مخافة العودة إلى أوزبكستان.<BR>ويقول هؤلاء اللاجئون المقيمون حالياً في مخيم مخصص قرب العاصمة الإيرانية "طهران" بأن أوضاعهم الحالية صعبة للغاية، بالرغم من ذلك فإنهم لا يريدون العودة إلى أوزبكستان أبداً ما دامت حكومة كريموف مسيطرة عليها، ويتمنون من المجتمع الدولي أن يسارعوا إلى تحسين ظروفهم المعيشية وينقلونهم إلى دولة أخرى غير أوزبكستان.<BR><BR>يقول المهجرون: "إنهم اضطروا للهجرة من أوزبكستان في أواخر التسعينات من القرن الماضي بعد أن تصاعدت الاضطهادات الحكومية تجاه كل الشباب المسلم الذين يصلّون في المساجد ويطلقون لحاهم، مما أجبرهم للفرار بدينهم، بل والاضطرار للالتحاق بحركة أوزبكستان الإسلامية المسلحة التي كانت تتخذ مقراً لها في أفغانستان وطاجيكستان المجاورتين".<BR><BR>وفي الداخل، تتواصل ملاحقة المسلمين الذين يرتادون المساجد، أو يطلقون لحاهم، بتهمة "التطرف" فيما تبارك الحكومة القرارات التي تخالف الشريعة الإسلامية، وتعمل على تعزيز القيم اللاأخلاقية محاربة للإسلام.<BR>ففي انديجان، التي شهدت مجزرة بيد أتباع كريموف بحق المسلمين هناك، قرر الرئيس الأوزبكي إقالة حاكم الولاية، وعيّن بدلاً عنه حاكماً عسكرياً هو الجنرال أحمدجان عثمانوف، الذين كان يشغل منصب "رئيس شرطة نمنكان" –المدينة الإسلامية الأولى التي قمع أهلها في أوزبكستان-.<BR><BR>ومن أولى القرارات التي أعلنها الحاكم الجديد للولاية، قرار بإجبار المطاعم هناك على بيع الخمور والمشروبات المسكرة، وأي مطعم لا يمتثل لهذا القرار فإن مصيره الإغلاق والعقوبات.<BR>ويؤكد موقع (أوزبكستان المسلمة) أن الحاكم الجديد قام بنشر هذا الخبر عبر عدد من وكالات الأنباء كشبكة "فرغانه" الإخبارية الروسية وإذاعة صوت أوروبا الحرة. وغيرها.<BR>ويشير الموقع إلى أن هذا القرار جاء كرد فعل على حادثة سابقة، أبدت فيها المطاعم في الولاية، عدم تقبلها بيع المشروبات الكحولية لمسؤولين في حكومة كريموف.<br>