الاستراتيجية الأمريكية الجديدة في العراق .. حفظ ماء الوجه!
25 ذو الحجه 1427

الخطة الجديدة التي أعلنها الرئيس الأمريكي بوش للعراق والتي تركز علي زيادة عدد القوات الأمريكية هناك بمقدار 21 ألف جندي ليست جديدة وليست سوي خطة لحفظ ماء الوجه الأمريكي والسعي لتحقيق أي انتصار في العراق قبل الانسحاب النهائي من هناك بحلول نهاية العام الجاري أو العام المقبل 2008 .<BR>ولذلك فالهدف الأمريكي واضح ويتمثل في السعي لتصفية بعض بؤر المقاومة السنية الإسلامية باستخدام اقسي درجات العنف والقصف النارية الممكنة بضرب الأحياء السنية في العراق بدعوى مساندتها أو إيوائها للمقاومة وتحريض الحكومة العراقية علي القيام بعدة حملات تمشيط عسكرية خصوصا في المدن السنية ، وهو ما تحدث عنه الرئيس بوش بشكل أكثر من واضح حينما تحدث عن تنفيذ عمليات واسعة لضرب المقاومة وحدد لانتهائها نوفمبر 2007 .<BR>فالتصور الأمريكي يقوم علي السعي للتدخل وبقوة مرة واحدة في العراق وبسلسلة عمليات ضخمة وبقوات كبيرة في الأحياء التي تسيطر عليها المقاومة وخوض حرب جديدة موسعة مرة واحدة بما يضمن السيطرة للحكومة العراقية نسبيا واحتلال العديد من المدن والأحياء السنية بما يمنع تواجد المقاومة علنا ، بعدها يمكن الحديث عن انسحاب القوات الأمريكية بعد حفظ ماء وجه الاحتلال بحيث لا يقال أن أمريكا قد هزمت في العراق ، وإلا فسوف تستمر عمليات استنزاف القوات الأمريكية عبر المقاومة وتستمر الهزيمة .<BR>لهذا يسعى الرئيس بوش في محاولاته لإقناع نواب الكونجرس بخطته الجديدة التي تكلف 7 مليارات دولار بالتركيز علي الاعتراف بالفشل في العراق ولكن استمرار هذا الفشل وإعلان هزيمة أمريكا هناك في نهاية المطاف سوف تعود بأضرار أكبر علي الغرب وعلي المصالح الأمريكية هناك في حالة انتصرت المقاومة وبدأت حرب أهلية حقيقية هناك بين الميليشيات الشيعية والمقاومة السنية .<BR>بل ويسعى كذلك لابتزاز الدول العربية والخليجية بطلب دعمها المباشر في وقف المقاومة العراقية والضغط عليها ، بدعوى أن الانسحاب الأمريكي من العراق الآن سوف يضر دول الخليج؛ لأن النفوذ الشيعي سيتمدد من هناك للخليج ، كما أن الميليشيات الشيعية سوف توسع خططها لاستهداف سنة العراق وضمان وجود دولة شيعية هناك .<BR>ولهذا كان من المفلت أن يوجه بوش مثل هذه التحذيرات غير مسبوقة لمصر والسعودية والأردن ودول الخليج من : "أن هزيمة أمريكا في العراق ستحوله إلي بؤرة للمتطرفين ما سيشكل تهديدا استراتيجيا لبقائها" !!.<BR>من هنا ، فهناك توقعات شبه مؤكده بسلسلة مجازر مرتقبة عقب نشر القوات الأمريكية الجديدة ضد قوات المقاومة العراقية السنية من جهة والأحياء السنية عموما خصوصا مثلث بغداد السني ، فضلا عن سلسلة هجمات على قوات الزعيم الشيعي مقتدي الصدر التي تنافس الحكومة العراقية وتظهرها – كما يقول الأمريكان - بمظهر الحكومة الضعيفة الطائفية ، والمسئولة ( قوات مقتدي) عن غالبية عمليات الفرز والقتل بين السنة علي الهوية وحصار منازلهم وتهجيرهم ، أما الهدف من ضرب قوات الصدر فهو استجلاب تعاطف دول الجوار السنية خصوصا الخليجية مع الخطة الأمنية الأمريكية للعراق .<BR>وقد أكد بوش كل هذه المعاني في خطته المعلنة عندما قال إن (وزيرة الخارجية الأمريكية) كوندوليزا رايس‏ التي تزور "الشرق الأوسط" ستطالب الدول المجاورة للعراق "بالمساعدة في وقف الفوضى هناك‏" ، وألقى بجزرة للدول العربية بقوله أن رايس ستبحث "سبل دفع المسار الفلسطيني / الإسرائيلي"،‏ وعندما قال‏ إن الحكومة العراقية ستتولى المسؤولية الأمنية كاملة في جميع المحافظات العراقية في نوفمبر المقبل‏ كان يقصد أن خطة الهجوم الكثيفة التي سيقوم بها في العراق وفق خطته الجديدة ينتظر أن تثمر قبل نوفمبر 2007 تمهيدا لبدء سحب القوات .<BR>وما يؤكد هذه الدموية العنيفة المقبلة في خطة بوش والتي تبدو كنوع من الانتقام من السنة والعراقيين المعارضين للاحتلال أن الرئيس بوش توقع – كما قال في خطابه – أن يكون "العام الحالي دمويا وعنيفا‏" !! ، كما طالب الأمريكيين "بتوقع المزيد من التضحيات والخسائر البشرية في صفوف الأمريكيين والعراقيين" ، ما يؤكد عنف الحملة العسكرية الجديدة الأمريكية الجديدة التي ستقوم بها أمريكا عقب وصول التعزيزات البشرية والعسكرية للعراق ما قد يرفع أعداد الشهداء من أبناء الشعب العراقي لأضعاف الرقم الحالي (قرابة ثلاثة أرباع المليون) ، خصوصا أن نشر مزيد من القوات يواكبه نشر صواريخ باتريوت مضادة للصواريخ‏ وإرسال حاملة طائرات إضافية وقطع بحرية إلي المنطقة‏ "لطمأنة حلفاء واشنطن في الشرقين الأوسط والأدنى‏ وحماية المصالح الأمريكية‏" حسبما قال بوش !<BR><font color="#ff0000"> مخاوف السنة</font> <BR>وربما لهذا أبدى سنة العراق قلقا من الحملات العسكرية الجديدة التي أعلنت عنها الحكومة العراقية والجيش الأمريكي علي السواء لأن تجارب الحملات السابقة الأقل عددا كانت وبالا علي السنة ونتج عنها هدم وحرق العديد من المنازل علي أهلها واعتقال المئات من الشباب السني بلا ذنب والعثور علي عشرات الجثث مذبوحة بعد التعذيب في الأنهار العراقية !.<BR>حيث نددت هيئة علماء المسلمين، ابرز الجهات الدينية للعرب السنة في العراق، بخطة (الرئيس الأميركي) جورج بوش إرسال قوات إضافية إلى ما قالت أنه "محرقة الحرب" مشيرة إلى أنها "ستكلف الشعبين العراقي والأميركي غاليا".<BR>وطالبت الهيئة في بيان بـ"سحب الموجود من هذه القوات لإنهاء استمرار الحرب الخاسرة واستمرار المزيد من سفك الدماء البريئة من أبناء الشعبين العراقي والأمريكي وهدر الجهود والأموال الطائلة بلا مبرر.<BR>وقالت الهيئة "إن الرئيس الأمريكي بوش يبدو عازماً على إرسال المزيد من الجيش الأمريكي إلى محرقة الحرب في العراق على الرغم من إقرار وزير دفاعه السابق وبعض قادته بعدم إمكانية الحل العسكري في العراق وعلى الرغم من مطالبة المطالبين بإنهاء تلك الحرب الخاسرة ومعارضة المعارضين لإرسال المزيد من القوات من الديمقراطيين وغيرهم من أبناء الشعب الأمريكي الذي اكتوى بنارها دون جدوى".<BR>وسخرت الهيئة من عزم بوش إرسال المزيد من قواته إلى العراق "بدعوى أن ممثلي الشعب العراقي طلبوا منه ذلك" قائله أن هؤلاء يعني بهم المجموعة الحاكمة بأمره في العراق كالحكيم والطالباني والمالكي والهاشمي وغيرهم ممن طلبوا ذلك حماية لأنفسهم ولمكتسباتهم وهم لا يمثلون إلا أنفسهم". <BR>واستغربت الهيئة من هذه الخطوة مستبعدة أن يتمكن 20 ألفاً من قوات بوش الإضافية من تحقيق أهدافه من المعركة التي عجز 140 ألفاً من قواته السابقة عن تحقيقها مع ما يتلقونه من دعم ومساندة من قوات دول متحالفة معها على تدمير العراق ونهب خيراته ، مؤكده أن مصير هؤلاء الجنود الجدد لن يكون أفضل من مصير من سينضمون إليهم على أرض العراق، وإن كانوا لن يقضوا نحبهم حتى يقتلوا أضعاف عددهم من أبنائنا المدنيين الأبرياء . <BR>والغريب أن وسائل الإعلام الأمريكية صورت العشرات من هؤلاء الجنود الأمريكان في مشاهد مؤثرة وهم يودعون أسرهم وأبناءهم وحتى كلابهم الأليفة والجميع يبكون وكأنهم يعرفون المصير المحتم لهم في العراق وأنهم سيعودون في توابت مشهورة عليها العلم الأمريكي !.<BR><font color="#ff0000"> المستقبل العراقي بعد بوش </font> <BR>وما ينبغي أن يتم التركيز عليه فعليا هو مستقبل العراق بعد انتهاء الغزو الأمريكي وانسحاب القوات الأمريكية عاجلا أم أجلا ، فالخطط الأمريكية العسكرية في العراق إلي فشل متوقع ومؤكد وما فشل فيه 140 ألف جندي أمريكي علي مدار ثلاثة أعوام لا يمكن أن ينجح فيه 20 ألف جندي أمريكي إضافي في عشرة أشهر هي المهلة المحددة لانتهاء المحرقة الجديدة في العراق وقتل الآلاف ثم ادعاء الانتصار علي المقاومة !.<BR>بعبارة أخري العراق الآن تحول إلي ما يشبه دولة تديرها ميليشيات طائفية ، ومع أن المقاومة السنية العراقية تكاد تكون هي الجناح العسكري للسنة الذي يحصنهم نسبيا – في بعض المناطق علي الأقل – من بعض فرق القتل الطائفية المتطرفة ، فالأمر سيكون أشد خطرا عقب انسحاب هذه القوات الأمريكية لأنه يفتح الباب أمام معارك مباشرة بين الطرفين وحرب أهلية .<BR>والخطورة الأكبر قد لا تكون داخل العراق بقدر ما هي خارجة في محيطه الإقليمي العربي ، فالهدف الأمريكي من التدخل في العراق والسعي لوقف المقاومة هناك والاستعانة بالدول العربية المعتدلة أو ما يسمي ( محور الاعتدال ) الذي يتكون من مصر والأردن ودول الخليج ، هو التفرغ للخطر الإيراني والسعي لتوجيه ضربة لطهران ، والمطلوب هنا أكثر من مجرد تعاون عربي .<BR>ولهذا يجب الحرص من الآن علي نوع من التحرك العربي الجماعي من أجل الاستعداد لمرحلة ما بعد الانسحاب الأمريكي من العراق ، ومرحلة ضرب إيران وتحديد المصالح العربية بدقة بعيدا عن المصالح الأمريكية ، والأهم التنبه للأهداف الحقيقة للاستراتيجية الأمريكية الجديدة في العراق .. والمنطقة العربية ككل!!<BR><BR><br>