هل تشن " اسرائيل" غارة على إيران؟
23 صفر 1427

ما كشفه قائد أركان الجيش "الإسرائيلي" الأسبق" موشيه يعلول" في محاضرته التي ألقاها أمام 3000 طالب في جامعة هدسون الأمريكية، كشف في النهاية الخطة التي تخبئها “ إسرائيل “ ضد إيران. لعلها المرة الأولى التي تعلن فيها شخصية بهذا المستوى أن” إسرائيل “قادرة و جاهزة و مصممة على الوقوف في وجه المشروع الإيراني فيما يخص حق إيران في امتلاك القدرات العملية في المجال النووي..” إسرائيل “التي ظلت تسوق لكذبة" الخطر الإسلامي" عليها، أصرت كي تكون حاضرة حين تقرر الإدارة الأمريكية شن الحملة الإعلامية و السياسية على من تصفهم بالدول المارقة، و أولهم إيران التي تتهمها ” إسرائيل “أولا بأنها تشكل خطرا عليها بعد التصريحات الأخيرة التي أدلى بها الرئيس الإيراني ضد “ إسرائيل “ و هي التصريحات التي أثارت ردود الفعل في العديد من العواصم الغربية التي وصفتها بغير المقبولة، كما جاء على لسان المستشارة الألمانية.. و لأن الولايات الأمريكية غارقة في المستنقع العراقي حتى النخاع، و لأن المستنقع العراقي و بشهادة العديد من الخبراء صار أفظع من المستنقع الفيتنامي من حيث تشعبه و الخيوط الكثيرة التي تحركه، و لأن جورج دابليو بوش يدرك جيدا أنه لن يستطيع أن يفتح على نفسه حربا حقيقية كتلك التي فتحها في العراق، كان واضحا أن اللعبة ستكون مزدوجة، بحيث يكون فيها الطرف الإسرائيلي موجوداً لأجل ضمان "توازن" نسبي باعتبار أن واشنطن لجأت إلى "الخبرة الإسرائيلية" فعليا حين ذكرت صحيفة معاريف العبرية أن " فرقة من الجيش الأمريكي" تتدرب في” إسرائيل “على أيدي جنود "إسرائيليين".. كان المعنى واضحا تماما كما نشرته العديد من الصحف الأوروبية بأن "القرية العربية" التي بنتها” إسرائيل “داخل إحدى الثكنات في تل أبيب هي المكان الذي يتدرب فيه الجميع على التصدي لما يسمونه بحرب العصابات، و بالتالي التدرب على العمليات الدقيقة و الخاصة، بمن فيها عمليات الاغتيال، سواء بالطائرات، و هو ما يعرف بالعمليات المباشرة، أو بالتفجيرات عن بعد.. ما جرى في العراق في الفترة الأخيرة من تفجيرات متتالية، و من استفزازات ضد التجمعات الشيعية و السنية، يعكس أيضا تلك الإستراتيجية القديمة التي أرادت الإدارة الأمريكية الوصول إليها من خلال إحداث الانشقاق و الفتنة المطلقة بين المسلمين أنفسهم، بين السنة و الشيعة، بدليل كل تلك الاعتداءات التي وجهت ضد السنة لاتهام الشيعة، تلك التي وجهت ضد الشيعة لاتهام السنة. جريدة معاريف ذكرت أيضا أن اللعبة الحربية لن تخضع للمنطق، لأن الحرب هي الحرب، و لأن” إسرائيل “"مهددة"، و يحق لها أن تحمي نفسها بكل الطرق، ليس من” إسرائيل “نفسها، بل من العراق أيضا.<BR><font color="#0000ff"> "إسرائيل" في العراق فعلا! </font><BR>حين سقط النظام العراقي، بدأ الكلام لأول مرة عن الجالية اليهودية العراقية، و هو المصطلح الغريب الذي لم يكن متداولا بالمعنى الحقيقي، باعتبار أن اليهود كانوا أقلية "مختفية" و غير معلنة، تماما كما هو الحال بالنسبة ليهود العديد من الدول العربية كالمغرب و الجزائر.. لكن المشكلة أن "الجالية اليهودية العراقية" تأسست فعلا كقوة بدأت تتحرك قبل الحرب نفسها، حين أعلن التلفزيون العراقي قبل نشوب الحرب عن اعتقال شبكة تضم "جواسيس و خونة"، و الحال أن الجواسيس كانوا من اليهود العراقيين الذين كانوا يساعدون الجيش الأمريكي المتركز في المنطقة الخضراء العراقية. كان يمدهم بالمعلومات و قد تسلل إلى الجيش العراقي نفسه.. هؤلاء الذين ألقي على بعضهم القبض، وجدت لديهم تجهيزات متطورة وهواتف نقالة تمشي بنظام الأقمار الصناعية غير قابلة للرصد بسهولة.. كانت تلك القضية التي أراد من خلالها النظام العراقي أن يسوق لفكرة أنه نظام غير قابل للمساس و لا للتسرب، لكن الحقيقة التي سخر منها اليهود وقتها تكمن في أن تلك الشبكة التي ألقي القبض على أفرادها، كانت الشجرة التي تغطي الغابة. غابة من التسريبات التي وصلت إلى العظم، إلى الجيش أيضا حين بدأت تُسرّب إليه أسباب الفشل و تغريه بالهرب و وضع السلاح. فحين أعلن "دونالد رامسفيلد" وقتها أن ثمة "اختراق ضمني و فعال في صفوف الجيش العراقي" اعتبر الجميع أن الأمر لا يعدو كونه حرب أعصاب، وزير الإعلام العراقي آنذاك "محمد الصحاف" أعلن أن "المناورات" الأمريكية لن تنطلي على العالم و أن "القدرات" العراقية قادرة على اصطياد الخونة أينما كانوا.. و كانت تلك العبارة بيانا بثته القناة الفضائية العراقية وقتها، و لكنه كشف أيضا أن ثمة حركيات كبيرة تتم على أكثر من مستويات و أهمها تلك التي حرّكت يهود العراق بشكل مثير للقلق، إلى درجة أن هؤلاء لم يكتفوا فقط بالنشاط على المستوى الفردي، في إطار شبكات منظمة، بل و أن بعضهم تسلل فعلا إلى الجيش بحكم حملهم للجنسية العراقية. جريدة معاريف العبرية في عددها الصادر يوم الثلاثاء الموافق لـ12 أغسطس2003 ذكرت أن "إسرائيل لن تسمح بهزيمة الولايات الأمريكية في العراق" و لأن لها حضورها الخاص داخل العراق نفسها، و ستساهم إلى جانب الأمريكيين في القضاء على الطاغية العراقي صدام حسين" ! تلك المساهمة لم تكن في الحقيقة لأجل القضاء على "الطاغية العراقي"، بل كانت لأجل رسم واقع تريد أن تبقى فيه، و هو الأمر الذي جعل العديد من رجال الأعمال اليهود من جنسيات تركية و قبرصية يشترون أراض و مزارع في العراق، بمعنى شراء الأراضي العراقية لأجل مشاريع اقتصادية وهمية، في الوقت الذي يعمل هؤلاء على بيع تلك الأراضي مباشرة ليهود أثرياء.. العديد من المواقع على الانترنت، و منه موقع البصرة على الشبكة العنكبوتية نشرت العديد من التقارير عن الأراضي العراقية التي اشتراها اليهود، بعضهم ذهب إلى حد التأكيد عن شخصيات مخابراتية تابعة للموساد "الإسرائيلي" وراء صفقات كبيرة لشراء مزارع عراقية في العديد من المحافظات الداخلية.. كان المطلب الأهم هو ضمان المكان، أي ضمان مكان التواجد في العراق، في العاصمة بغداد و في العديد من المحافظات العراقية الأخرى التي كانت تشهد ثورات ضد الطاغية العراقي صدام حسين، و ضد كل "المرجعيات" الدينية في العراق.. و لعل مذكرات" موشي شاريت: ـ الذي كان ثاني رئيس "إسرائيلي" و زعيم الوكالة اليهودية ـ ذكر فيها بشكل واضح أن" المخابرات الإسرائيلية و الجيش الإسرائيلي زرعا مخبرين في العديد من الدول العربية القريبة من خط المواجهة، بمن في ذلك العراق الذي يبقى الدولة "المعادية" الأخطر، و كذلك في سورية.. لعل اكتشاف حقيقة الجاسوس الإسرائيلي السوري" ايلي كوهين" بمثابة الصدمة الحقيقية التي هزت طويلا المنطقة، برغم وجود العديد من الجواسيس غيره، إلا أن "إيلي كوهين" ظل بالنسبة لـ"إسرائيل" الورقة الرابحة التي "نجحت" في زرعها في الجيش السوري إبان الخمسينات كإستراتيجية "إسرائيلية" ضمن التركيبة المخابراتية للموساد الذي يراهن دوما على الفتن و على الحروب الداخلية لأجل "إنجاح" مخططاته الخارجية كما حدث في العديد من الدول العربية الأخرى، باعتبار أن الفتن أو الحروب الداخلية أو الفوضى بمثابة الأجواء المناسبة لغرس كل أنواع المخبرين، و بالنسبة للعراق، فقد شجعت الفوضى التي خلقتها الولايات الأمريكية على رجوع العديد من اليهود العراقيين من الخارج للمطالبة بحقوقهم في العراق، إلى درجة أن” إسرائيل “صرّحت بتاريخ 01 يوليو 2004 أن حجم الممتلكات اليهودية في العراق يوازي مليار و نصف دولار ! كل هذا يدعم المقولة التي تؤكد أن يهود العراق هم جزء من إستراتيجية الحرب الأهلية و جزء أيضا لفتح الحرب على الدول المجاورة، على إيران و سورية على سبيل المثال لا الحصر. <BR><font color="#0000ff"> الهدف الإيراني: </font><BR>ما كشفه قائد أركان الجيش "الإسرائيلي" موشيه يعلون، في محاضرته التي ألقاها في الولايات الأمريكية تؤكد عزيمة تل أبيب في الذهاب أبعد من التهديد الإعلامي، لأن” إسرائيل “ـ كما ذكر يعلون و كما ذكرت الصحف العبرية ـ قد رتبت الخطط العسكرية الناجعة لمهاجمة إيران و بالتالي اتخذت حسب زعمه كل الاحتياطات لمواجهة أي ردع مهما كان مصدره.. الإذاعة "الإسرائيلية" ذكرت نفس الكلام في برنامج شارك فيه مراسل الإذاعة في واشنطن، الذي قال: إن موشيه يعلون أعلن عن خطة رادعة ضد المفاعل النووية الإيرانية، و إن كانت الصحف العبرية أرادت فيما بعد التخفيف من حدة تلك التصريحات العدوانية إلا أن الحقيقة التي صارت واضحة أن” إسرائيل “تريد "المشاركة" في ضرب إيران، سواء عبر تقديم الدعم اللوجستيكي من العراق، أي بواسطة نشطاء الموساد داخل العراق، أو بواسطة المشاركة الضمنية عبر جنود يلبسون اللباس العسكري الأمريكي و هي الخطة "الإسرائيلية" المعمول بها عادة.. “ إسرائيل “ التي تراهن اليوم على الضغوطات الدولية، و على مجلس الأمن و ما يمكن أن يحمله من عقوبات اقتصادية ضد الجمهورية الإسلامية الإيرانية، تراهن في الوقت نفسه على ما تسميه بخطة الحرب الرادعة، و التي تعتمد فيها على الخبراء الاستراتيجيين اليهود في” إسرائيل “و في الولايات الأمريكية، كما ستعتمد من خلالها على كل العملاء اليهود و غير اليهود الذين يعملون لصالح المشروع الأمريكي الصهيوني المشترك، أي إعادة هيكلة المنطقة في ضوء المتغيرات الجديدة و القادمة التي ستتحدد على أساسها خارطة الشرق الأوسط الكبير، و التي ستمنح الكثير من " الأمن" لـ"إسرائيل" كما قال يعلون، حتى و إن كان بعض المرقبين الدوليين يعتبرون مثل هذه التصريحات ضربا من الخيال، و يحذرون من خطر الحرب التي تريدها” إسرائيل “في المنطقة، لأن النيران إن اشتعلت فستحرق الجميع بلهيبها، و هو المثل الصيني الذي يبقى ساريا إلى حين يثبت الواقع عكسه..<BR><br>