مخيم البارد :صناعة الخطر لتغيير التحالفات!
11 جمادى الأول 1428

من أذاب الجليد هناك في مخيم نهر البارد في لبنان تحت جحيم قصف الجيش اللبناني ضد الفلسطينيين و"فتح الإسلام" التي تتخندق داخل المخيم؟ هل هي سوريا لتقول إنها اللاعب دوما، أن لا استقرار هناك إلا عبرها، كما يقول أنصار الحكم في لبنان، أم أنهم أنصار الحكم في لبنان الذين رأوا في إثارة غبار معركة مجانية فرصة لتمرير قرار المحكمة الدولية تحت البند السابع ؟<BR>ومن هذا الذي أصر على استظهار جبل الجليد الغاطس في بحر الصراعات الداخلية والعربية الصهيونية الأمريكية مع إيران، ودفعه للطفو؟ هل هو تنظيم القاعدة الذي أراد أن يجرى الإعلان عن ميلاده من هناك في المخيم ليقول لكل من يرتبون لما هو قادم، إنا نحن القادمون إلى هذه الساحة فاخشونا جميعا، إنا سنبدل كل الموازنات؟<BR>ومن ذاك الذي استحضر الورقة الفلسطينية في الصراع اللبناني – اللبناني في لحظة كانت حالة الصراع قد صارت إلى مراوحة المكان والفعل بعد أن فقدت أطراف الصراع أوراق التأجيج، وأصبحت في انتظار أن يفعل الزمن فعله؟ هل هو الطرف الذي يريد فتح ملف التوطين في لبنان، إن لم يكن لبدء صراعات التوطن في لبنان وغيرها فلأن فتح معركة مع الفلسطينين يعيد إرباك الخطوط التي تلاقت هناك في اتفاق مكة، قبل أن تنزل توافقاتها على جسد منظمة التحرير لتغير أعداد التمثيل فيها وتشكيل هيئاتها وسياساتها، بفتح جبهة صراع واختلاف؟<BR>كلها معانٍ متعددة لنفس الأسئلة الحائرة المتكررة في لبنان -على صعيد المعلومات -منذ اغتيال الحريري وحتى الآن، ففي معارك العنف الدموي في نهر البارد كما في كل الأحداث الدموية السابقة في لبنان، الطرف القاتل – المفجر - المهندس للحرب الأهلية على نار باردة، والهادف للتغيير السياسي والسكاني والجغرافي – وللتفكيك المعنوي والوطني (قل ما شئت أيضا) ،هو طرف مجهول دوما في كل الأحداث التي تعصف بهذا البلد منذ عامين، أو هو محترف حد ارتداء طاقية الإخفاء فلم يمسكه بفعلة أحد، ولن يمسكه في المستقبل أحد. هذا ما حدث ويتوقع له أن يستمر.<BR>وفى كل الأحداث، كان المحلل المدقق، لا يجد أمامه من وسيلة للمتابعة ولمحاولة الفهم، إلا أن يفتش بعقله عن الطرف المستفيد في كل واقعة، اتقاء لشر إصابة من هو مظلوم أو متهم، وحتى لا يخطئ في السلوك العقلي السليم تجاه قول في أمة تتقطع أوصالها وتفجر أجساد أبنائها، في كل مكان وزاوية، حتى تسمرت عيونها جاحظة، وكأنها تتابع لقطات من أفلام رعب.<BR>إذن، لن نعرف الفاعل هذه المرة أيضا !.<BR>وكذا نحن أمام حالة التباس واشتباه في الفاعل كما في كل مرة. وأيضا ليس أمامنا إلا العودة إلى ما دأبنا عليه – ضمن كل من امسكوا بعقولهم – نبحث عن المستفيد لنمسك بزاوية من الحقيقة، إلى يوم يعلمه الله، يظهر فيه الفاعل الآثم أو الفعلة المجرمون، الذين هم في الأغلب تعددوا والذين أتقنوا جميعا وضعنا في ركن المشاهدة، بينما هم يتبادلون الأدوار مؤامرة ومناورة وصراعا واتفاقا ..إلى يوم القتال الذي يبدوا أن ساعة الصفر لبدئه لم تتحدد بعد.<BR>لكنا في هذه المرة لا نحتاج – حقيقة - أن نعرف الفاعل، إذ نتائج التغيير جراء هذه الجريمة تتخطى نتائج كل جريمة مضت، وتأخذ العقل كله ليتدبر ما بعد الحدث أيا كانت الوقائع التي جرت في أوله. <BR>نحن في متابعة ما يجرى من قصف وقتل للأهل في نهر البارد، صرنا أمام تحول وانعطافة قوية وتغيير هو الأخطر من كل ما جرى. الآن جرى استدعاء الطرف الفلسطيني ليكون وقود صراع المتصارعين في لبنان وعلى لبنان من الخرج وفى الداخل، أو لنقل إن الرصاص الآن سيجرب طلقاته بغزارة من كل القوى هناك في موقع إطلاق الرصاص التجريبي للحرب الأهلية اللبنانية. <BR>وجد الرصاص ساحة مجانية للقتل أو "تبة حية" للتجربة والتدرب على إطلاق الرصاص، تتشكل من أجساد الفلسطينيين.<BR> الآن جرى استدعاء الطرف الفلسطيني أو لنقل إن موضوع الصراع الذي كان مخفيا عن الأنظار ظهر الآن، وبفعل واع من كل الأطراف. وفى ذلك نحن نتابع بدايات المشهد الذي أراده المخرج بداية حل لعقدة الدراما في المشاهد السابقة جميعا من القتل والاغتيال والعراك السياسي ومن مظاهرات واشتباكات خافها الجميع بين اللبنانيين ويرحب بها الكثيرون اليوم طالما الضحايا فلسطينيون.<BR>من الآن فصاعدا لن نحتاج إلى بحث طويل لمعرفة الفاعل، كما لن نحتاج إلى ميكروسكوب لرؤية الفيروس الذي يصيب كل المناطق بالعدوى التي تحرك من تنتقل إليه بحمى إطلاق الرصاص على الفلسطينيين الرافضين. ولن نحتاج إلى كاميرات مراقبة لتصوير المجرم، فالأصابع باتت تشير إلى مجرمين كثر، كلهم يتبادلون الأدوار، والآن جاء وقت حل لغز الدراما منذ اغتيال الحريري وحتى الاعتداء على الفلسطينيين في نهر البارد .<BR><font color="#0000FF"> وحدة الأعداء!</font><BR><BR>* هي حرب على الإرهاب حسب وصف (رئيس الوزراء) فؤاد السنيورة، ولم لا وهو يسعى إلى دخول نادي التحالف المعادى للإرهاب منذ فترة، واليوم تأتى الفرصة التي لا يعوقه فيها عائق، فهل من سند للفلسطينيين في المنطقة، إذن لم لا يكون الدخول للنادي على أجسادهم؟ هل سيعترض أحد من القادة الرئيسيين في المعارضة؟ لا ؟ فالأكثرية في هذه الحالة على اتفاق ووئام. والجميع بإمكانهم الآن الذهاب إلى منازلهم والتفاخر بمواقفهم العاقلة الرشيدة، لقد رفضوا الدخول في صراعات قد تفضي إلى الحرب الأهلية!<BR>* والولايات المتحدة تنقل صراعها مع القاعدة إلى لبنان، حسب قول حسن نصر الله، الذي غطى تصريحه بدهاء حين قال بحكاية الخط الأحمر في دخول المخيم. ولم لا يصبح المخيم محسوبا على القاعدة التي لا مكان ثابت لها. أليس الموجودون هناك هم من يرى الكثيرين من أهل الحزب، هم من المهددين لبنان بانقلاب طائفي؟ ولم لا وتلك قوة يمكن لها حال اندلاع حرب أهلية أن تكون قوة قائدة لمجموعات من الطرف الآخر في ظل عولمة الحرب الطائفية في المنطقة، أليس من الأفضل إنهاكها مبكرا وإجهاض قوتها حالا؟ هم من القاعدة إذن. وفى ذلك جواز مرور للحكومة وللأمريكان ولكل حلف مكافحة الإرهاب. أليس هناك في العراق من لعب اللعبة وكسب ود الأمريكان؟<BR>* والأمر يستدعى الحسم والتدخل الحاسم من الجيش اللبناني حسب ميشيل عون، الذي عاد إلى دعم الحكومة بتأييد موقفها من عدم التفاوض مع الموجودين في المخيم. ولم لا، أليس الرجل بطامح في الرئاسة، إذن، كيف له أن يخذل الجيش الذي سيكون تحت إمرته حين يكون رئيسا؟ وكيف لا يتصرف كرئيس قبل أن يصبح رئيسا وهو يأخذ الرئاسة حربا؟ ولم لا يعود إلى أصل مواقفه في المواجهة مع الفلسطينيين، وهل ينسى التاريخ من قاتل في نفس الأرض وضد نفس الخصم؟ ثم ،كيف له أن يفوت فرصة التشدد ليعلن خلافا - ولو شكليا - مع "حزب الله"، أليس في ذلك إطاحة بقوة ونفوذ خصمه الشرس قائد حزب الكتائب اللبنانية؟ .التصريح أتى بالفرج والانفراج، هو عاد إلى باريس – أي ذهب من فوره إلى هناك – وتلك كانت نقط انطلاقه إلى العودة، التي عكرت وقائعها الصراعات فجاء قتل الفلسطينيين ليعيد المياه إلى مجاريها عبر الدماء الفلسطينية.<BR>وهكذا وهكذا وهكذا، ودون مطاولة أو تطويل، لقد اتفق الجميع على القتال ضد الفلسطينيين في البارد، فعلا وصمتا واتفاقا وتوافقا (قل ما شئت إلا قليلا). ولذلك لم يعد مهما من هو الفاعل،فالأهم الآن أن الإخوة الأعداء وجدوا ما يقربهم – مؤقتا - من بعضهم البعض، ودون دفع فاتورة حساب سياسي ولا دفع فاتورة دم.<BR><font color="#0000FF"> فرصة الاختراق</font><BR>وهى حرب صعبة وضخمة تحتاج إلى مد الجيش اللبناني بدعم عاجل ومدد فوري من كل الدول – ألا يواجه الجيش جيشا !- وفى ذلك فرصة للاختراق الكبير والخطير وتطور نوعي.<BR>هو اختراق كبير لأنه عبور من فوق كل الأحداث إلى فكرة الحلف الأمريكي "الإسرائيلي" مع بعض من العرب.<BR>وهو خطير لأن فيه تماس مع الصهاينة في القتال ضد الفلسطينيين - بعدت الأحداث أو قربت - وهل من احد يعيب عليهم أن يتماسوا مع الأمريكان و"الإسرائيليين" في قتل الفلسطينيين، إذ كان التماس جاريا منذ أيام بين ميليشيات منسوبة إلى فتح – عباس،خلال العدوان الصهيوني الأخير ضد حماس في غزة؟! وهو تطور نوعى لأن فرنسا والولايات المتحدة قد دخلتا لبنان عسكريا الآن جنبا إلى جنب.<BR>* الولايات المتحدة تحركت بسرعة وكأنها كانت في الانتظار منذ فترة، وصلت طائرات شحنها محملة بالعتاد والذخائر والأسلحة، ها قد جاءتها الفرصة الكبرى لتدخل هناك إلى الأرض التي كانت دوما تجد العقبات عند دخولها لها. <BR>على الفور وفى لمح البرق أقر الكونجرس طلبا بتقديم 770 مليون دولار كمساعدات للبنان, 280 مليونا منها مساعدة عسكرية, إضافة إلى 30 مليون أخرى لهذا الغرض طلب بوش الموافقة عليها.<BR>* وفرنسا في ثوب نحيل الجسد والعقل ساركوزي وجدت مساحة الحدث بساطا أحمر بفعل الدم الفلسطيني المجاني. هي فرصة ساركوزي للتنسيق المتين مع الولايات المتحدة، وهى فرصته للحديث بلغة أخرى مع سوريا وهى حديث للعالم بأن فرنسا أشد عدوانية من ذي قبل.<BR>على الفور وصل وزير الخارجية الفرنسي برنار كوشنر إلى لبنان،كان عنوان رحلته ان فرنسا تدعم الحكومة اللبنانية في مواجهة فتح الإسلام, وهناك قال أيضا إن بلاده قدمت المساعدات العسكرية التي طلبتها حكومة فؤاد السنيورة. وقال، كذلك، إن أي قرار من الجيش اللبناني بمهاجمة مخيم نهر البارد سيكون "سليما", مشددا على أن الهجوم ينبغي أن يتم بعد إجلاء أكبر قدر ممكن من المدنيين, وهو أمر "ضروري جدا".- هو إذن رئيس وزراء لبنان ووزير الدفاع والخارجية وليس وزير خارجية فرنسا فقط!<BR>لكن المدهش حقا، هو أن دولتين عربيتين من التحالف الأمريكى الجديد قد أرسلتا معونات عسكرية للجيش اللبناني. وأربع طائرات من الأردن والإمارات العربية.<BR>وفى ذلك ستحمل الأيام متابعات للمدد العسكري الذي سينهال أكثر على الجيش اللبناني، ليقاتل الجيوش المحتشدة في نهر البارد؟ أوليسوا من القاعدة ؟ أوليسوا إرهابيين؟ أوليسوا طرفا بلا حامٍ – إلا الله- من الفعل الجاري؟<BR><font color="#0000FF"> لبنان القادم</font><BR>عند مرضى قصر النظر- والكاتب منهم – يرى الإنسان الشيء القريب واضحا ويصعب عليه رؤية البعيد. وفى السياسات يحدث نفس الأمر، ولعل هذا ما يجعلني أحاول النظر بعيدا في السياسة.<BR>والحق أن كل الأطراف تحركت وفق حالة قصر النظر. فالحكم أولا إذ خاف من فكرة أن يكون في المخيمات تيار إسلامي جديد، وقرر أن يصفيه اليوم قبل أن يستفحل دوره غدا، كما هو إذ باع الدم الفلسطيني واشترى به الدعم الأمريكي ووضع نفسه في حلف مكافحة الإرهاب، نسى أن يوما ما لن يطول وقت على قدومه، سيجد نفسه فيها عاريا بلا حماية وسيقول ساعتها ليتني لم أدخل تلك المعركة التي أكسبتني في القريب لكن خسارتي البعيدة فيها كانت قاسية في المدى الأبعد.<BR>وعون الذي وجد في الأمر فرصة أن يصل لكرسي الرئاسة، سيدرك أن لغما وضعه بيده تحت كرسيه، وأن تفجيره سيكون حين غفلة منه.<BR>و"حزب الله" الذي قال بحكاية القاعدة والأمريكان نائيا بنفسه، ربما لا يدرك أنه بذلك فتح الطريق واسعا لميلاد المكافئ الاستراتيجي له والمنازع له في سلطان الصراع مع "إسرائيل".<BR>والولايات المتحدة التي قررت التفجير من لبنان وفق لعبة القاعدة والإرهاب، قادت نفسها إلى دائرة الصراع المباشر ولأول مرة مع الشعب الفلسطيني، خاصة إذا صح التوقع بأن بداية الدعم أول خطوات التورط.<BR>أما التنظيمات الفلسطينية التي اختار بعضها الحركة تحت المناورة مكرها، للحفاظ على المساحة الباقية المتاح فيها الوجود والحركة، واختار بعضها الآخر عرض النفس على شاكلة عباس، فإن فرزا عميقا بات يجرى وإن زمنا جديدا يولد الآن.<BR><BR><BR><br>