جلطة شارون وقرحة السيد الرئيس!!
19 ذو القعدة 1426

في البداية نود أن نلفت الانتباه إلى أنه ليس هناك تصحيف ولا خطأ إملائي فهي فعلا "جلطة" وليست غلطة، ونعرج على التفاصيل بسرعة قبل أن يعود شارون بوجهه القبيح ليطل على شاشات الفضائيات العربية قبل الغربية بابتسامته الباهتة وأنيابه التي تقطر بالدم الحرام..<BR><BR>ليس المقام مقام شماتة من ألد أعداء الأمة الإسلامية وإن كنا طبعا نعلن بكل وضوح الفرح العارم بجلطته وندعو الله ألا تكون الأخيرة وأن تكون توابعها أشد من تسونامي نفسه!<BR><BR>نعود إلى الموضوع نفسه لنقول: ماذا لو قررنا ولو على سبيل الطرفة المبكية أن نعقد مقارنة بين شارون وأي مسؤول عربي كبير يمر بظروف مشابهة، لاسيما ونحن نعرف أن أي إنسان مهما كان قدره معرض للإصابة بأي مرض وفي أية لحظة.. وحتى لا يتشعب الحديث ويقطر مرارة وعلقما سنحاول أن نكون محددين نوعا ما في النقاط التالية:<BR><BR><font color="#0000ff">الحدث:</font><BR>نقل شارون إلى أحد المستشفيات مصابا بجلطة دماغية خفيفة.. وقبلها بعدة أيام نقل رئيس دولة عربية إفريقية إلى باريس للعلاج مما لم يعرف أحد حقيقته حتى الآن..ومجرد استعراض بسيط لعناوين الأخبار فيما يخص السيد الرئيس يكفي، ومن أمثلة ذلك:(بوتفليقة يدخل المستشفى في باريس بسبب مشاكل في الجهاز الهضمي..عبد العزيز بلخادم لـ"العربية نت": بوتفليقة بخير وسيوقع على قانون المالية لعام 2006.. مصادر فرنسية تتحدث عن إصابة بوتفليقة بالسرطان واستحالة شفائه.. مصدر جزائري للجزيرة نت: بوتفليقة يعاني مرضاً مزمناً بالكلى قد يهدد حياته!!<BR><BR> بقي فقط أن نذكر أن الرئيس الجزائري ظهر على شاشة التلفزيون الجزائري مساء السبت 17ديسمبر 2005، وذلك للمرة الأولى منذ نقله إلى المستشفى في 26 نوفمبر الماضي.أي أنه قضى ما يقارب الأسابيع الثلاثة بعيدا عن الأضواء ومن دون أي خبر رسمي موثوق به حول حقيقة حالته الصحية. <BR><BR>وقبلها بأيام من المضحكات المبكيات العربية مات الزعيم أبو عمار في مستشفى فرنسي بمرض غامض وهو الذي خرج على قدميه مسنودا من مبنى المقاطعة في رام الله وقيل للناس وقتها إن السيد الرئيس بخير ويعاني من نزلة معوية بسيطة سيعود بعدها ليواصل النضال..<BR><BR>وقبلها بكثير إلى حد الغيبوبة الزمانية تدهورت صحة (الرئيس الجزائري السابق) بومدين، وتم نقله إلى موسكو، وظل فيها الأسابيع الطويلة، وكانت الرواية الرسمية للإعلام الجزائري تفيد أن: "الأخ قائد مجلس الثورة بصدد القيام برحلة عمل وصداقة في الاتحاد السوفييتي"..<BR><BR> واستمرت رحلة الصداقة هذه ما يقارب الأشهر الثلاثة ليسمع الجزائريون خبر مرض رئيسهم من وكالة الأنباء الفرنسية التي كانت إحدى موظفاتها مسافرة على نفس الطائرة التي كان بها وزير الخارجية الجزائري (الرئيس الحالي بوتفليقة!!)، الذي فسر لها غياب بومدين بقوله: "إن الرئيس بومدين إنسان هو الآخر، ومن حقه أن يكون مريضاً أحياناً".<BR><BR>وعاد بومدين إلى أرض الوطن في غيبوبة كاملة حتى أعلن بعدها بتسعة أيام أنه: "أسلم الروح إلى بارئها"... بعد رحلة صداقة بريئة!!<BR><BR><BR><font color="#0000ff">بين السطور.. أولا: الزمان:</font><BR>في ما يخص الزمان تم نقل شارون إلى المستشفى بعد أن شعر بوعكة بسيطة وأخبر أطباءه بذلك، ونص الخبر كما أوردته إحدى قنوات التلفزيون "الإسرائيلي" هو أن شارون أصيب بجلطة خفيفة في الدماغ وأدخل مستشفى هداسا قرب القدس بشكل طارئ مساء الأحد بعد أن فقد وعيه (التصريح كان بعد نقله إلى المستشفى مباشرة أي في اليوم نفسه!!)..و أوضح مصدر رسمي بأن تخثراً في الدم تسبب على ما يبدو بهذه الجلطة الطفيفة التي لا تعرض للخطر حياة رئيس الوزراء "الإسرائيلي" الذي استعاد وعيه...<BR><BR>في الجانب المقابل من الحالة العربية وكما حدث ويحدث دائما لا يعرف المواطن العربي بمرض أي مسؤول إلا بعد أن يكون العالم كله قد تحدث عن ذلك ويبدأ خيال المواطن البسيط بنسج الكثير من الخيالات حول صحة السيد الكبير بينما الإعلام الرسمي يؤكد أنه بخير وسيعود حتما لمواصلة المسيرة وقيادة الشعب الذي لم يصل بعد إلى مرحلة من النضج السياسي تؤهله للسير من دون القائد الملهم. <BR><BR><font color="#0000ff">بين السطور...ثانيا: المكان:</font><BR>بعد أن شعر شارون بوعكته الصحية (لا شفاه الله منها) تم نقله إلى مستشفى "إسرائيلي" داخل الوطن الموعود (المسروق طبعا)..والمستشفى اسمه يهودي وعلى أرض الميعاد المزعومة وليس في باريس أو عاصمة الضباب ولا حتى في بلاد العم سام..<BR><BR>بينما لا يمل المسؤولون العرب عن تصديع رؤوسنا بتوفير أرقى مستويات العناية الصحية للمواطنين على أرض الوطن الجريح وأن الوضع الصحي للمستشفيات الحكومية بكل خير...إلخ وعندما يكون مطلوبا من فخامته أن يعالج من نزلة برد فإنه يفضل المستشفيات الخارجية حتى لو كان هو أيضا في رحلة ترفيهية أو استجمامية ولا يعود المسؤول الكبير إلى مستشفيات الوطن إلا ليشيع منها إلى مثواه الأخير!!<BR><BR><font color="#0000ff">بين السطور: ثالثا: رد الفعل الرسمي:</font><BR>في حالة شارون خرج المتحدث الرسمي ليعلن للملأ ما حدث بعد دقائق قليلة وقال يوفال فايس (الناطق باسم مستشفى هداسا عين كارم) في بيان إن "رئيس الوزراء وصل إلى المستشفى، وهو بكامل وعيه وسيخضع لفحوص إضافية خلال الليل، وسنطلعكم على أي جديد" وفي اليوم التالي مباشرة.. وأعلنت مصادر في مستشفى هداسا "الإسرائيلي" أن رئيس الوزراء ما يزال يتلقى العلاج هناك. <BR><BR>وأضافت المصادر أن شارون كان ينوي المغادرة، لكن الأطباء نصحوه بالبقاء لإجراء المزيد من الفحوصات، وذكر المتحدث باسم المستشفى "الإسرائيلي" يوفال فايس أن وضع رئيس الحكومة الصحي يتحسن وأنه مازح أطباءه خلال إجراء الفحوصات بعد إصابته بجلطة دماغية طفيفة، مضيفا أن شارون يتحدث مع أقاربه ومعاونيه "ونعد أنه سيتمكن من مغادرة المستشفى سريعا"...<BR><BR>ورد الفعل العربي طبعا محفوظ عن ظهر قلب لكل المواطنين فالسيد المسؤول الكبير بخير ما دام يتنفس ولا يخرج مرض المسؤولين العرب عن قرحة بسيطة أو نزلة برد حتى يفاجأ الناس بموته وربما حتى بعد موته لا يعرف أحد من الجماهير الهادرة سبب وفاة السيد المسؤول الكبير وليرجع من شاء إلى عرفات كمجرد نموذج بسيط لذلك!<BR><BR><font color="#0000ff">بين السطور.. رابعا: ملامح مشتركة:</font><BR>في المشهد الراهن وتحت ظلال القرية العولمية الراهنة لا يمكن إغفال بعض القواسم المشتركة بين جلطة شارون وقرحة السيد الرئيس.. وربما يرجع السبب في ذلك إلى المدة الكبيرة التي قضاها شارون بين المحيط العربي الذي يطوقه من كل مكان فبمجرد استعادة شارون وعيه كانت أولى الكلمات التي خرجت من فمه الكريه إعلانه تمسكه بالمنصب وأنه غير مستعد للاستقالة على الرغم من بلوغه من الكبر عتيا(يحتفل شارون بعيد مولده الثامن والسبعين في فبراير المقبل، وكان قد خضع عام 2004 لعملية جراحية لإزالة حصوات من كليته، كما أخضع رئيس الوزراء في أبريل 2003 لعملية استئصال ورم سرطاني من وجهه بأحد مستشفيات تل أبيب)..وحتى لا نقحم أنفسنا في خنادق لا قبل لنا بها نترك لخيال القارئ العربي فهم القاسم المشترك بين جلطة شارون وقرحة المسؤولين العرب!<BR><BR><br>