لا يقاتلونكم إلا من وراء جدر
28 ذو الحجه 1425

مهما تطور الإنسان وتقدمت ملكاته وأدواته وفكره، فإنه يبقى – فيما يبدو – رهين عقلية معينة ونظرة محددة يرسمها انتماؤه لتاريخ بلده أو جماعته أو أمته.<BR><BR>يحدث هذا – على الأرجح – بطبيعية ودون تكلف، ودونما إدراك منه لذلك.. إلا أن ذلك الانتماء اللاشعوري يطفو على سطح أفكاره وعقليته وطريقة تعامله مع المشاكل والأزمات التي يمر بها.. أو يظهر في كيفية إدارته لأموره المحيطة به.<BR><BR>قبل مئات السنين.. أخبر الله _عز وجل_ رسوله الكريم محمداً _صلى الله عليه وسلم_ عن فكر وأيديولوجية طريقة قتال اليهود للمسلمين بقوله: "لا يُقَاتِلُونَكُمْ جَمِيعاً إِلَّا فِي قُرىً مُحَصَّنَةٍ أَوْ مِنْ وَرَاءِ جُدُرٍ" (الحشر: من الآية14).<BR>وقد نزلت هذه الآية في يهود بني النضير.. إذ كانوا يتحصنون في حصونهم التي ظنوا أنها مانعتهم من الله.. فبثّ في قلوبهم الرعب بعد أن ضرب المسلمون حولهم حصاراً.<BR>وكذا كان بنو قينقاع يلجؤون إلى قلاعهم يتحصنون بها لئلا يلاقوا المسلمين وجهاً لوجه..<BR><BR>الآن.. يمتلك اليهود أسلحة متطورة رجّحت كفة الإسرائيليين العسكرية مقابل أسلحة الدول العربية المحيطة بها، كما أن مؤسساتهم العسكرية تنتج أسلحة ذات تقنيات عالية تصدر إلى الهند والصين وجنوب أفريقيا، فضلاً عن تسلمها صفقات أسلحة أمريكية متطورة كل حين.. مقابل عدم تمكن الفلسطينيين من الحصول على أبسط أنواع الأسلحة، وإغلاق مطاراتهم وموانيهم أمام أي دعم عسكري من أي دولة.<BR>ورغم ذلك، إلا أن اليهود لا تزال تحكمهم نفس العقلية التاريخية التي كانوا – ولا يزالون – يفكرون بها، والتي تحتم عليهم تجنب أي مواجهة حقيقية مع أي شعب، ولو كانوا لا يمتلكون إلا الحجارة وبعض البنادق العتيقة والمتفجرات البدائية الصنع.<BR><BR>ولعل أمثل مثال يضرب الآن.. جدار الفصل العنصري الذي يمتد لأكثر من 730 كم ضمن الأراضي الفلسطينية المحتلة، ليضم مستوطنات إسرائيلية محصّنة بشكل يجعلها أشبه بثكنات عسكرية، محاطة بجدر وقوات أمن وحراسة.<BR><BR>كما تطالعنا صور ومشاهد إعلامية لطبيعة السيارات العسكرية التي يتنقل بها جنود الاحتلال الإسرائيليون في فلسطين المحتلة.. والتي أشبه ما تكون بحصن منيع متنقل.. فالسيارة مصفحة ضد الرصاص.. حتى أنوار السيارات الأمامية والخلفية والنوافذ الجانبية محصنة بشبك حديدي لتفادي "الحجارة"!!<BR><BR>وقبل أشهر قليلة.. أعلن الجيش الإسرائيلي عن إنتاج أول سلاح من نوعه في العالم.. ترسيخاً للقتال "من وراء الجدر" الذي ينتهجه اليهود.<BR>والسلاح الجديد مكون من جزئين، جزء أمامي يمكن تحريكه على مختلف الجوانب، ويتركب من فوهة بندقية أو مسدس بالإضافة لكاميرا فيديو، وجزء خلفي يحتوي على مخزن الطلقات والزناد والشاشة ومفاتيح التحكم بالبندقية.<BR><BR>وحسب ما ذكرت صحيفة "معاريف" الإسرائيلية، فإن سر تميّز السلاح الإسرائيلي "البدعة" في أنه "يوفر حماية قصوى(!) للجندي اليهودي، من أي نيران مباشرة، ذلك أنه لا يجعله ظاهراً للخصم أثناء الاستخدام، حيث يمكن لمن يستخدمه أن يختفي ويحتمي بجانب زاوية مبنى مثلاً أو خلف جدران الغرف، ومن ثم توجيه الجزء الأمامي المتحرك للسلاح نحو الهدف في الجهة الأخرى، وفقاً لكلام الصحيفة اليهودية.<BR><BR>وآلية عمل هذه البندقية.. أن الجندي الإسرائيلي يقف خلف جدار (عند الزاوية) ويوجه فوهة بندقيته المزودة بكاميرا إلى الجهة الأخرى من الشارع (بمقدار زاوية قائمة) ما يضمن له رؤية الشارع وتحديد أهدافه لإطلاق النار، متحاشياً الظهور في الشارع!!<BR><BR>ويبدو أن اليهود والأمريكان وصلا درجة من "التعاطف والتلاحم" حداً جعلهم يتبنون أفكار وفلسفات بعضهم البعض، وربما توغل اليهود في المؤسسات السياسية والعسكرية الأمريكية لدرجة سربوا فيها فكرهم وعقائدهم القتالية.. لذلك اعتدنا أن نسمع عن الطائرات الحربية التي تطير دون طيار بشري.. فيما يقبع قائد الطائرة في مكان آمن في إحدى القواعد العسكرية يتابع تحركات الطائرة التي تقوم بالتجسس وضرب الأهداف المحددة.<BR><BR>أما اليوم.. فإن قوات الاحتلال الأمريكية تستعد لنشر 18 جندي آلي من نوع تالون (Talon) من تصميم شركة "فوستر ميلر" في ولاية بوسطن.<BR>حيث يؤمّن هذا الجندي الجديد.. حماية وأمناً للجنود الأمريكيين بعد تعرضهم لنيران أسلحة المقاومة العراقية.. التي استطاعت استخدام العتاد العراقي القديم في رفع أعداد القتلى من الجنود الأمريكيين المزودين بأحدث أنواع الأسلحة؛ إلى أرقام قياسية.. لم يتوقعها أي أمريكي في يوم من الأيام..<BR><BR>وهؤلاء الجنود الأمريكيون سوف ينشَرون قريباً خلال شهر فبراير الحالي.. وفقاً لتصريحات عسكرية أمريكية.. وسيكون بإمكان هذا الجندي الآلي القيام ببعض المهام المستقلة، كاستخدام البنادق والرشاشات الأوتوماتيكية، وقاذفات القنابل والصواريخ بدقة متناهية، وتفحص أماكن إخفاء القنابل والمتفجرات المزروعة بجانب الطرق، وتسلق الجبال والسلالم والغطس في الماء.<BR><BR><BR>ربما، بسبب هذه العقلية القتالية التي لا تستسيغ المواجهة إلا من وراء الجدر، يفزع الأمريكيون واليهود من قدرة المقاومة الفلسطينية أو العراقية، على تنفيذ هجمات بأجسادهم، يحول فيها الفدائي نفسه إلى "قنبلة"، يفجّر بها الجنود المختبئين خلف متارسهم وحصونهم.<BR><BR><br>