الموساد وكردستان العراق.. أهداف ومخططات
19 جمادى الأول 1425

تتسرب الأنباء القادمة من شمال العراق خجولة ومتوارية، كأنما تتهيأ لتكوين مولود جديد، سيصبح في يوم من الأيام، فاعلاً ومؤثراً في منطقة الشرق الأوسط.<BR><BR>فمع بداية الاحتلال الأمريكي للعراق، تسربت بعض الأخبار حول الشمال العراقي الغني بالنفط، والتي صغّرها الإعلام الغربي والإعلام العربي الرديف، وقلل من شأنها، بغض الطرف عنها، وإيرادها كخبر يخص طرفاً آخر في العالم، بعيد عن أجواء الحرب في العراق.<BR><BR>بعض الوسائل الإعلامية حاولت التركيز على هذا الموضوع (لخطورته) إلا أنها واجهت ندرة المعلومات، وقلة الخبرة بطبيعة المنطقة التي رعتها الولايات المتحدة وبريطانيا منذ عام 1991م، فلم ندر عنها سوى أسماء زعمائها وأحزابها، وبعض المعلومات القديمة !<BR><BR>اليوم وبعد مرور 15 شهراً من احتلال العراق، وفيما تنتقل السلطة في العراق من المحتل إلى العميل، تستمر الوسائل الإعلامية بشكل عام بالتغاضي عما يحدث في الشمال العراقي، المملوك بصك أمريكي للأكراد، وبالتحديد لحزبي الاتحاد الوطني الكردستاني والديموقراطي الكردستاني !<BR><BR>كاميرات التلفزة العالمية والعربية، والصحفيون والمراسلون بما يقومون به من تغطيات إعلامية وتقارير ورصد واستطلاعات رأي، تتركز في العاصمة العراقية بغداد، وفي الفلوجة والأنبار عموماً، وفي البصرة، وفي كل مكان تقوم به المقاومة العراقية بمواجهات مع قوات الاحتلال، فقط تلك المناطق التي تقع تحت سيطرة الأكراد في الشمال، تبقى بعيدة عن عيون وكاميرات الصحافة !<BR><BR>بغض النظر عن أسباب الحزبين في عدم التعاطي مع المقاومة، إلا أنهما يقدمان الأولوية الأولى للقوات الأمريكية، وهو ما أكدته (على سبيل المثال) الرسالة التي وجهها زعيما الحزبين جلال الدين طالباني، ومسعود البارزاني، إلى (الحاكم الأمريكي السابق للعراق) بول بريمر قبل رحيله بشهر، والتي يذكّران فيها صديقهما الأمريكي بالخدمات التي قدماها شخصياً في القتال ضد الحكم العراقي السابق، ويشيران إلى أن قواتهم المسلحة تكبدت من الخسائر عدداً يفوق الذي تكبده أي حليف آخر، كما يذكِّرانه بأن الأراضي الواقعة تحت سيطرتهما لم تشهد إراقة دم جندي أمريكي واحد خلافاً للأراضي الأخرى التي يسكنها العرب.<BR><BR>معظم الأنباء التي أوردتها بعض وسائل الإعلام عن شمال العراق، تحدثت عن تواجد يهودي مكثف، ونشاطات استخباراتية وأمنية تتجمل بشركات اقتصادية.<BR>الولايات المتحدة (التي تقوم بتنفيذ كل ما لا يستطيع اليهود تنفيذه في العراق) باركوا وجود منطقة مستقلة للأكراد شمال العراق، وفيما تضع واشنطن حسابات عديدة لبعض دول الجوار ومصالح أخرى في العراق، فإن هذا الاستقلال سيحمل طابعاً (فيدرالياً) لمنع حدوث أزمات.<BR><BR>هذا النظام الفيدرالي الذي يؤمن استقلالاً ذاتياً لأكراد الشمال، موجود سلفاً منذ أعوام، وهو ما ساعد إسرائيل في البدء بتحقيق بعض أحلامها في المنطقة، تحت غطاء العلاقات المتينة بين الأكراد والأمريكان، وبمباركة الاحتلال الأمريكي.<BR><BR>صحيفة النيويوركر تحدثت في مقال سابق لها عن اهتمام اليهود بشمال العراق، وقالت: " إن جهاز المخابرات الإسرائيلي (الموساد) مشغول بالعمليات العسكرية السرية بين الأكراد الإيرانيين والسوريين، بالإضافة إلى تدريب المغاوير الأكراد العراقيين"<BR><BR>فماذا تحقق إسرائيل من تواجدها في تلك المنطقة؟<BR>في الحقيقة، إن إسرائيل لديها العديد من الأحلام السابقة والحالية لتنفيذها في هذه المنطقة بالتحديد، منها على سبيل المثال: <BR><BR>- خط أنابيب (الموصل – حيفا) الذي سيزود إسرائيل بالنفط الخام العراقي الرخيص، وهو أحد الأحلام الإسرائيلية القديمة التي سيؤدي خدمة لا يستهان بها للكيان اليهودي.<BR>وقبل أسابيع قليلة، قال (وزير البنية التحتية اليهودي) يوسف باريزكي: " إن مثل هذا الخط النفطي، سينوع مصادر طاقة إسرائيل ويقلل اعتمادها على النفط الروسي الغالي".<BR>وهذا الخط يجب أن يسافر أولاً عبر الدولة "الطيّعة لليهود" الأردن، والتي لن تبدي أبداً أي تحفظ على ذلك.<BR><BR>- الخوف الأمريكي الإسرائيلي من المفاعل النووي الإيراني، والشكوك التي تدور حوله، وفي حال إقامة نقاط المراقبة والتجسس التي أكدت قرب إقامتها العديد من وسائل الإعلام الغربية، سيكون بمقدورها اعتراض الكثير من المعلومات حول هذا البرنامج، بالإضافة إلى أن التهديد بقصف المفاعلات سيكون أجدى؛ نظراً لقرب المسافة.<BR><BR>- زيادة الضغط على سورية، الدولة التي تعدها إسرائيل (العدو الأهم بين دول المواجهة)، والتي لا تزال ترفض الهدنة المشروطة مع إسرائيل وتسليم القيادة للأمريكيين، بحيث ستصبح سورية بين فكي كماشة يهودية، عكس ما حصل أيام حرب أكتوبر 1973م، عندما كانت إسرائيل بين فكي كماشة عربية (سورية ومصر).<BR><BR>- تعد إيران، الراعي الرسمي والأهم للمقاومة اللبنانية الملاصقة لليهود جنوب لبنان والمعروفة باسم "حزب الله"، والتي لا تزال تناوش إسرائيل إعلامياً وعسكرياً، ويمكن أن تتبنى إسرائيل نوعاً جديداً من الموازنة، عبر وجود ميليشيات مسلحة كردية أو يهودية، ترعاها الصهيونية، ملاصقة لإيران، تقوم بمقايضة هجمات المقاومة اللبنانية عملياً جنوب إيران.<BR><BR>بالإضافة إلى أسباب أخرى استراتيجية بعيدة المدى، تتعلق بأهداف الاحتلال الأمريكي في العراق.<BR>وهو ما ستحرص على تنفيذه الجماعات اليهودية التي بدأت تتدفق للمنطقة منذ أشهر طويلة.<BR><BR>ليس غريباً إذن اليوم أن تفتتح الولايات المتحدة وبريطانيا قنصليتين معدتين سلفاً بكامل طواقهما في مدينة كركوك (!!) وفي مجمع شديد الحراسة.<BR>هذه السرعة في افتتاح القنصليتين، والتي جاءت لتمثل دولتين محددتين رعتا طويلاً اليهود واليهودية، لا يمكن أن تخدم إلا إسرائيل، ولن تضم سوى دمى أمريكية وبريطانية في الواجهة، وأعداداً كبيرة خلفها من الموساد الإسرائيلي، الذي سيحتاج بعد نقل السلطة إلى واجهة شكلية، لتنفيذ مخططاته في البلد العربي.. العراق.<BR><br>