أنت هنا

10 شعبان 1427
المسلم-

كشفت صحيفة الواشنطن بوست في تقرير ميداني لها من العراق المحتل حقائق مروعة حول استهداف أفراد الميليشيات الشيعية أبناء السنة العراقيين حتى داخل المستشفيات، بحيث يغدو المكان المأمول لمعالجة الجراح بوابة نحو موت مفجع، لا يراعي حرمة جريح، ولا يقدّر الزي الأبيض لبلسم الجراح.

وأوردت الصحيفة عددا من الحالات الموثقة التي تؤكد وقوع ذلك، فبالنسبة إلى "منذر عباس سعود ( ويعمل بناء وكان عمره 43 عاما)، الذي تمزق ذراعه الأيمن وفكّه نتيجة انفجار سيارة مفخّخة قبل ستّة أشهر، ثم نقل إلى مستشفى ابن النفيس في بغداد، وبعد أن بدأت صحته تتحسن، هجم عليه رجال المليشيات الشيعية وسحبوه على الأرض، والأجهزة الطبية مربوطة إلى جسمه، وأمطروه بوابل من الرصاص ثقب جسده فتوفي في الحال(!).

وقالت السلطات العراقية إن حالة منذر لم تكن حادثة فردية، فلم يعد هناك مكان آمن في بغداد المحتلة حتى المستشفيات. وفي حالات كثيرة مسجلة اختطف المرضى السنة من أسرّتهم وقتلوا من قبل المليشيات الشيعية، لأن المستشفيات العامّة تدار من قبل وزارة الصحة العراقية ذات الإدارة شيعية. طبقا لشهادات والأطباء والمسؤولين الحكوميين وعوائل الضحايا.

ونتيجة لذلك، فإن أكثر العراقيون أصبحوا يتجنّبون الذهاب إلى المستشفيات مهما كانت أوجاعهم من أجل الحفاظ على حياتهم، في مدينة أصبح الموت فيها على ما يبدو الضيف الدائم على كل مكان. ويعالج الضحايا من أهل السنة الآن من قبل الممرضات في أقسام طوارئ مؤقتة أقيمت في البيوت. ومعظم ولادات النساء تجري خارج بغداد، هربا من الموت الطائفي إلى المحافظات القريبة.

وقالت الصحيفة في تقريرها إن حالات القتل هذه تثير مجموعة من الأسئلة الحرجة، إذ كيف يسمح موظّفو المستشفى لفرق الموت الشيعية بالدخول إلى مستشفياتهم لذبح العرب السنّة؟!.

وقال أبو نصر، وهو ابن عم ضحية من المدائن: "نفضّل الآن أن نموت، بدلا من أن نذهب إلى المستشفيات".

وقال ثلاثة مسؤولين من وزارة الصحة، رفضوا الإفصاح عن أسمائهم خوفا من أن يقتلوا: إنّ الميليشيات الشيعية استهدفت السنّة داخل المستشفيات.

ويحكي العبيدي – وهو مالك سوق مركزي في الأعظمية- قصته مع الموت في أحد المستشفيات العراقية، ويقول:إنّه فقد آخر أمل للثقة في الحكومة أثناء لقاء مع الموت في المستشفى قبل أسبوعين.فعندما كان ألعبيدي يفرغ البضاعة إلى مخزنه، اندلع نزاع مسلّح في الشارع، وأصيب بشظية من الرصاص في كتفه و في ظهره وساقه، فحمله صديق له في سيارة أجرة وأخذه إلى مستشفى النعمان القريب. لكن عندما وصلا، حذرهما الطبيب بشكل سري من أنّ جيش المهدي سيأتي لإلقاء القبض على المرضى السنّة، لذا هربا إلى مستشفى آخر، في منطقة باب المعظم. وبعد وصولهما سأله الممرض: من أي حي أنت؟ فلم يجب، وتم جمع المرضى السنة في غرف منعزلة، وبعد لحظات قليلة، رأى جنود المهدي يقيّدون خمسة رجال من السنّة الذين كانوا يتبرّعون بالدمّ – ومن ضمنهم ذلك الصديق الذي جلبه إلى المستشفى -- ويسحبونهم خارج المستشفى، وهمس له الطبيب بأنّه سيقتل ما لم يهرب فورا.
وهرب العبيدي ببعض الملابس الداخلية البالية وبعض الضمادات على جرحه في سيارة أجرة إلى بيت أنسبائه في منطقة المنصور الراقية. واستلقى في السرير لساعات انتظارا لطبيب سنّي زاره بعد ذلك في المنزل وأشرف على علاجه.

وطبقا للمرضى وعوائل الضحايا، فإن المجموعة الأساسية التي تختطف السنّة من المستشفيات وتقتلهم تنتمي إلى ميليشيا جيش المهدي، التابعة لمقتدى الصدر، التي اخترقت قوّات الأمن العراقية والعديد من الوزارات الحكومية.

وذكرت الصحيفة في تقريرها أن تردّد السنّة في دخول المستشفيات خوفا من القتل الطائفي، يجعل من الصعب جدا تقييم العدد الحقيقي للإصابات التي تحدث بسبب العنف الطائفي.

وأثناء الهجوم الأخير على الزوار الشيعة، اتهم قائد سياسي سنّي كبير الحكومة بإهمال الأعداد الكبيرة من القتلى السنة الذين قتلوا أو جرحوا في الاشتباكات.وقال علاء مكي: " إن الوضع سيئ جدا بحيث إن الناس يعالجون داخل بيوتهم بعد أن هوجموا من قبل الميليشيات الشيعية ... الحقيقة المرة هي أنّ أغلب المستشفيات تحت سيطرة هذه الميليشيات."