أنت هنا

5 ذو الحجه 1425
واشنطن - كير

وجهت وسائل إعلام وجماعات دينية وإغاثية أمريكية انتقادات واسعة لمحاولة بعض الجماعات التنصيرية الأمريكية استغلال المأساة الإنسانية الناجمة عن زلزال تسونامي لأغراض تنصيرية، وذلك بعد تنظيم بعض هذه الجماعات لحملات جمع تبرعات لتنصير بعض الأيتام المسلمين في إندونيسيا، والتي تعد أكبر بلد مسلم من حيث تعداد السكان.

ونشرت صحيفة (واشنطن بوست) الأمريكية المعروفة في عددها الصادر في الثالث عشر من يناير الحالي مقالاً كشفت فيه عن قيام جماعة تنصيرية أمريكية تدعى ورلد هيلب (WorldHelp) - مركزها الرئيس بولاية فيرجينيا - بنقل 300 يتيم من مدن إندونيسية ضربها الزلزال إلى مدينة جاكارتا (عاصمة اندونيسيا) تمهيداً لوضعهم في ملجأ للأيتام يديره نصارى إندونيسيون بهدف "زرع القيم النصرانية (في الأطفال اليتامى) بأسرع وقت ممكن"، وذلك وفقاً لما ذكره نص حملة إلكترونية أطلقتها الجماعة التنصيرية على موقعها على شبكة الإنترنت قبل أن تقوم بحذفها بعد أن اتصل صحفيون بورلد هيلب للاستفسار عن الحملة.

وقال مكتب العلاقات الإسلامية الأمريكية (كير) في خبر له اليوم: " إنه وكما ذكرت الحملة، فإن المدينة التي نقل منها الأطفال اليتامى هي مدينة "مغلقة أمام الأجانب وأمام الإنجيل" في "العادة"، وإنه "بسبب الكارثة" اكتسب شركاء الجماعة التنصيرية (وهم مجموعة من النصارى الإندونيسيين)، حق أن يسمع صوتهم وأن يقدموا الإنجيل".
وقالت الجماعة التنصيرية في مقابلة مع جريدة واشنطن بوست: " إنها نجحت في جمع تبرعات قدرها 70 ألف دولار أمريكي، وإنها تسعى لجمع تبرعات قدرها 350 ألف دولار لبناء مركز لرعاية الأيتام".

وأشار مقال جريدة واشنطن بوست إلى أن جماعة ورلد هيلب وعدد من الجماعات التنصيرية الصغيرة ترى في عمليات تقديم الإغاثة لمنكوبي تسونامي "فرصة نادرة لكسب معتنقين (جدد) في مناطق يصعب الوصول إليها"، كما ذكر المقال أن رئيس الجماعة ويدعى القس فرنون بروير هو أول المتخرجين من جامعة أنشأها (القس الأمريكي المتشدد) جيري فالويل.

ويشتهر فالويل بتصريحاته المسيئة للإسلام والمسلمين، ففي أكتوبر عام 2002م وصف فالويل - في حوار أجراه معه برنامج ستون دقيقة (Sixty Minutes)، والذي تذيعه شبكة تلفزيون CBS - الرسول محمد _صلى الله عليه وسلم_ بأنه "إرهابي" (...).

وأكد المقال على أن أنشطة جماعات مثل ورلد هيلب تلقى معارضة في أوساط جماعات الإغاثة الأمريكية الكبرى، ومنها جماعات مسيحية مثل وكالة الإغاثة الكاثوليكية (CRS)، والتي تتبنى سياسات ترفض التنصير، خاصة وأن خلط الإغاثة بالتنصير قد يضر بجهود الإغاثة ويحول دون وصول المساعدات الإنسانية لمستحقيها.

ولكن المقال أشار إلى دعم بعض القيادات الدينية المتطرفة واسعة النفوذ مثل جيري فالويل وفرانكلين جرام لمثل هذه الجهود، حيث يرأس جرام منظمة إغاثة كبرى تدعى (Samaritan’s Purse Of Boone)، وقد تعرضت وكالة جرام لانتقادات كبيرة مؤخراً بسبب مساعيها لاستغلال جهود الإغاثة لأهداف تنصيرية في العراق بعد احتلاله.

هذا وقد نشرت جريدة بالتيمور صن الأمريكية مقالاً في الثامن من يناير ذكر أن القس فرانكلين جرام يستعد للقيام برحلة لآسيا للإطلاع على جهود جماعته في المناطق التي ضربها الزلزال، وانتقد المقال جرام بسبب خلطه أعمال الإغاثة بالأنشطة التنصيرية.

وذكر المقال أن هذا الخلط يمكن أن يتخذ صوراً مختلفة؛ مثل: تبنى الأطفال اليتامى، أو توزيع الكتيبات الدينية مع مواد الإغاثة، أو بناء علاقات يمكن استغلالها في المستقبل للتأثير على أهل البلاد المحليين، مشيراً إلى أن إحدى جماعات الإغاثة التنصيرية نجحت خلال مشاركتها في جهود إغاثة بعض أهالي كمبوديا أثناء الحرب التي دارت هناك في أوائل التسعينات في أن تبني علاقات مع أهالي المناطق التي زاروها وبعد انتهاء الحرب، أعادت الجماعة علاقتها مع أهل البلاد الأصليين ونجحت في بناء 300 كنيسة في الأماكن التي نشطوا بها.

وأكد المقال على أن هذه الجهود تلقى معارضة "غالبية منظمات الإغاثة الدينية"، وأنها أيضاً تلقى معارضة المسلمين والعديد من أبناء الديانات الأخرى، كما أنها تلقى معارضة واسعة بين أبناء البلاد المنكوبة في حالة انكشافها وانتشار أخبار عنها.

ونقل مكتب (كير) عن وكالة رويترز قولها، في مقال وزعته في الثالث عشر من يناير: " إن جماعة ورلد هيلب ألغت خططها المتعلقة بنقل خمسين يتيماً إندونيسياً إلى ملجأ أيتام نصراني؛ بعد أن عملت الحكومة الإندونيسية بالأمر وتدخلت لوقفه"، وذكرت الوكالة أن ورلد هيلب قررت وقف حملة تبرعات كانت تقوم بها بعد أن أعلنت الحكومة الإندونيسية أنه "لا يجب تنشئة الأطفال المسلمين في بيوت غير مسلمة".

وأشارت الوكالة إلى قول إبراهيم هوبر (المتحدث باسم مجلس العلاقات الإسلامية الأمريكية) (كير) قوله: " إن جهود ورلد هيلب "تؤكد بعض أسوأ المخاوف من أن تستغل الجماعات التنصيرية المأساة والزلزال لدخول هذه المناطق، وتقوم باكتساب معتنقين جدد في علاقة غير متكافئة الأطراف"، وأبدى هوبر قلقه من أن وقوع حوادث أخرى مشابهة دون العلم بها.

هذا وقد أشارت جريدة أطلانطا جورنال كونستيتيوشن في عددها الصادر في الثالث عشر من يناير إلى انتقادات وجهتها جماعات أمريكية وبريطانية معنية بمكافحة الكراهية للجهود التي تبذلها جماعة تدعى Sewa International USA في جمع التبرعات لمساعدة منكوبي زلزال تسونامي، وذلك بسبب علاقة هذه الجماعة بمنظمة هندية متطرفة تقدم مساعدات لجماعات هندوسية تنشر الكراهية ضد المسلمين وضد النصارى في الهند، وفقاً لما ذكرته تقارير لجماعات هندية مقيمة في بريطانيا.