هل اليهود يسيطرون على العالم (1/2)
10 شوال 1438
منذر الأسعد

( سيطرة اليهود على العالَم) فكرةٌ تكاد تكون قطعية لا تقبل المناقشة، في أوساط الرأي العام الإسلامي المعاصر. والدليل عند الناس هو " بروتوكولات حكماء صهيون" وهو كتاب ذائع الصيت وجرت طباعته بكثرة بلغات شتى .. وهو  وثيقة تتحدث عن خطة سرية يهودية للسيطرة على العالم وتتكون من 24 بروتوكولاً.

 

شكوك حول البروتوكولات
 في عام 1901 كتَبَ هذه الوثيقة ماثيو جولوڤينسكي الـمُخْبر لدى الشرطة السياسية الروسية في العهد القيصري،مع أنها- في نظر المشككين فيها- مُستوحاة من كتاب حوار في الجحيم بين ميكافيليو مونتسكيو للمؤلف موريس چولي الذي يُشير في كتابه إلى وجود خطة زائفة ومُسبقة لغزو العالم من قِبَل نابليون الثالث وقد تم تطويرها من مجلس حكماء اليهود بهدف تدمير المسيحية والهيمنة على العالم!

 

والملاحظة الجديرة بالتأمل، أن البروتوكولات لا تشير إلى السعي لاغتصاب فلسطين،ولو باعتبارها نواة ومركزاً للهيمنة على البشرية.

المفكر الراحل عبد الوهاب المسيري -الخبير في الشؤون اليهودية والصهيونية- كان صوتاً نشازاً عن التفكير السائد، فهو يجزم بأن البروتوكولات مختلَقة .. وقد أودع آراءه الجدلية في كتاب : (كتاب البروتوكولات واليهودية والصهيونية) -وهو متاح للتحميل المجاني على المشبكة-..

 

 جوبهت آراء المسيري بردود غاضبة تفندها وتسفِّه مستنداتها، وهناك رد شامل على رؤية المسيري لليهود ودورهم العالمي في كتاب ( "كشف الحجب الإعلامية عن حقيقة فكر المسيري في المسألة اليهودية" ) الذي صدر بعد سنة من وفاة المسيري (هذا رابطه)

 

شهادات الواقع
يستند المقتنعون بصحة البروتوكولات إلى وقائع عالمية تثبت رؤيتهم – بحسب قناعتهم-.. فنسبة اليهود  في روسيا القيصرية كانت أقل من 1% من سكانها، لكن نسبتهم في الأحزاب " الثورية" التي أزالت النظام القيصري (1905م) تجاوزت 21 %!! وكان عدد لا يستهان به من اليهود في القيادات العليا للنظام الشيوعي الذي اختطف الثورة الروسية في سنة 1917 في ما عُرِف باسم " الثورة البلشفية" ..

 

ويستشهد هؤلاء بالدور اليهودي الكبير في الغرب الرأسمالي كجماعات الضغط المسموح بها دستورياً في الولايات المتحدة (Lobbyists) فضلاً عن هيمنتهم على وسائل الإعلام ومفاصل الاقتصاد ...

 

والدليل الأكبر اغتصاب الصهاينة لفلسطين برعاية غربية مباشرة، مع استمرار الدعم غير المحدود للكيان الغاصب حتى اليوم، بالرغم من توسعيته وعنصريته وتناقض أساسه مع الرؤية الغربية الصارمة للدولة الحديثة ( ألا تكون ذات هوية دينية!!).  

 

وأمامنا عشرات القرارات الأممية التي يدوس عليها الصهاينة صباح مساء منذ 1948 م حتى اليوم -على عوج الأمم المتحدة وهيمنة الكبار عليها بزعامة أمريكا الراعي الأول للكيان الصهيوني- ..

 

حتى لو كانت زائفة
وفقاً لما سبق، لا يهتم أكثر هؤلاء بالحكم النهائي على بروتوكولات حكماء صهيون،بالصحة أو الزيف.. ويقولون: إن ما يجري فوق أرض الواقع تجاوز البروتوكولات وشهد بصحتها ضمنياً ، فلا يعنينا إن كانت الوثيقة صحيحة أو مفتعلة ..

 

والقضية في رأيي المتواضع شديدة الأهمية، لأن لها انعكاسات  مباشرة وهائلة على رؤيتنا للعدو، وعلى آليات مواجهته.. فليست من الترف الذهني كما قد يتصور بعض الناس.. وليست مسألة تجاوزها الزمن، وتخطتها الأحداث ..

 

فالصراع مع الصهاينة مستمر إلى أن يتحقق النصر الرباني الموعود، الوارد في كتاب الله عز وجل وفي الأحاديث النبوية الصحيحة.