حقيقة حرب الدستور في تركيا
1 رجب 1438
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

وقعت حادثة مؤخرا في تركيا كشفت حقيقة المعركة التي تدور داخلها بشأن التعديلات الدستورية التي يدعو إليها الحزب الحاكم وتعارضها أحزاب المعارضة بحجة أنها ستقوض "الحريات والديمقراطية" وستمنح الرئيس رجب طيب أردوغان صلاحيات واسعة, لكن ما جرى أخيرا في ولاية أنطاليا التركية فضح حقيقة الاعتراضات وأنها تصب في اتجاه تكريس علمانية الدولة ورفض الهوية الإسلامية..

 

الواقعة تتلخص في قيام مجموعة من النساء التابعات لحزب الشعب الجمهوري التركي المعارض، في أثناء مشاركتهن في الدعاية الترويجية لحملة "لا"، في ولاية أنطاليا التركية، بالاعتداء على فتيات تابعات لاتحاد النساء في حزب العدالة والتنمية، وذلك خلال تنظيمهن لحملة مضادة مؤيدة لحملة "نعم"...وعملت النساء من حزب الشعب الجمهوري على نزع حجاب فتيات كُن يقفن في المنصة الخاصة بالحملة المؤيدة للدستور الجديد والنظام الرئاسي...

 

إذا كان أنصار الحزب الجمهوري العلماني المعارض يريدون "الحرية والديمقراطية" فلماذا يعتدون على الفتيات المحجبات وينزعن حجابهن رغم أن هؤلاء الفتيات ارتدين الحجاب دون إجبار من أحد وعن قناعة, فما هي الرسالة التي يراد إيصالها؟!..

 

القضية في جوهرها كما ظهر من اللحظة الأولى هي معركة على الهوية في تركيا التي عادت إليها هويتها الإسلامية تدريجيا مع وصول حزب العدالة والتنمية للحكم والحجاب هو رمز لهذه الهوية لذا يريد العلمانيون المتطرفون في تركيا إزالته وإوزالة الهوية الإسلامية وإعادة البلاد لطريق الانحراف الذي سارت فيه لعقود طويلة عندما كانت الحكومات تحارب الحجاب وتعليم القرآن وتحمي الفاسدين والمرتشين مما أدى إلى انهيار البلاد دينيا واقتصاديا وعندما جاء الإصلاح الديني والاقتصادي تكالبت منظمات الفساد والإفساد على محاربته تحت الشعارات الجوفاء المعهودة والتي لا تمت للواقع بصلة..

 

وزير الخارجية التركي "جاويش أوغلو" علق على الفور على الحادثة كاشفا معلومات جديدة حولها حيث قال: "في حي "إشكلار" مجموعة من النساء ينزعن حجاب فتيات تابعات لاتحاد النساء في حزب العدالة والتنمية، فهل هذا التصرّف يمت إلى الإنسانية بشيء؟ على العكس إنّه تصرّف حيواني للغاية، إن كانت حملة "نعم" تزعجكن بإمكانكن اختيار زاوية مختلفة للترويج لحملتكن التي تؤيدونها"...وأشار جاويش أوغلو إلى أن ذهنية النساء المعتديات هي ذهنية تقتنع بانّ على الجميع العيش بالقناعات نفسها التي تقنتع بها، موضحا أنّ مثل هذا التصرف لا يمت بصلة إلى الحضارة والمدنية التي يصدّعون رؤوس المواطنين بها...

 

وتابع جاويش أوغلو في السياق نفسه موردا قصة حدثت معه ذات مرة: "ذات مرة ذهبت إلى اتحاد النساء الجامعيّات في ولاية أنطاليا، إحدى السيدات المشاركات سألتني: "كيف يمكن لفتاة محجبة أن تقود سيارة؟ كيف يمكننا أن نرى فتيات محجبات في فنادق 5 نجوم؟ فقلت لها: "هل أنت بمفردك تعملين؟ أليست تلك السيدة المحجبة إنسانة أيضا؟ لماذا لا يمكنها الذهاب إلى الاماكن التي تذهبين إليها أنت؟...

 

وأكّد جاويش أوغلو أنّ حزبه الآن يعمل على تغيير مثل هذه الذهنيات، قائلا: "هؤلاء محدودي التفكير، ومن ثمّ يراهنون على أن تركيا ستبقى علمانية، مع أنّه لا يقدمون أية خدمات لتركيا، أو لمبادئها"...المعركة لم تقتصر على الداخل التركي بل وصلت إلى شتى أنحاء أوروبا التي استنفرت جهودها من أجل محاربة الدستور الجديد والوصاية على الشعب التركي ومنعه من سماع وجهة نظر المؤيدين للدستور؛ فيالها من "ديمقراطية" عرجاء تؤوي "الإرهابيين" من حزب العمال الكردستاني وتمنع وزراء الحكومة التركية المنتخبين من شعبهم من التعبير عن آرائهم..

 

لم يتحدث أحد من المعارضين للتعديلات الدستورية في الداخل والخارج عن حق الشعب التركي في سماع وجهات النظر المختلفة ليتخذ قراره أيما كان هذا القرار, وهي من أهم مبادئ "الديمقراطية" التي يتتشدقون بها ولكن إذا كانت القضية تتعلق بالهوية الإسلامية وحقوق المسلمين "فلتذهب الديمقراطية وحقوق الإنسان إلى الجحيم".