من آثار الاحتلال الروسي لسورية
16 ربيع الثاني 1438
د. زياد الشامي

لم يأت وصف الكثير من المحللين تدخل روسيا العسكري في سورية بأنه احتلال - بصورة أو بأخرى - من فراغ , فالهيمنة الروسية على القرار السياسي والعسكري السوري باتت أوضح من أن تخطئها عين البصير , دون أن يعني ذلك نفي وجود احتلال آخر لعاصمة الأمويين يتمثل بالصفويين الجدد مرتزقة إيران الرافضية , بل دون أن ينفي وقوع سورية تحت احتلال نصيري مقيت منذ تسلط عائلة الأسد على الحكم فيها بضوء أخضر صهيوني وغربي .

 

 

 

آثار الاحتلال الروسي لأرض الشام - منذ عدوانها العسكري على الثورة السورية المباركة – كثيرة لا يمكن حصرها في هذا التقرير , ولعل من أهم تلك الآثار مزيد من كشف وفضح أكذوبة "المقاومة والممانعة" التي تدثر بها النظام النصيري وحليفه الصفوي - متمثلا بإيران وذراعها بلبنان حزب اللات – طوال عقود مضت .

 

 

 

ومع أن مسلسل فضائح أكذوبة أسطورة المقاومة والممانعة النصيرية الصفوية للعدو الصهيوني قد توالت منذ اندلاع الثورة السورية التي تعتبر من أكثر الأحداث فضحا لإيران وطاغية الشام .....إلا أن استدعاء روسيا لإنقاذ الطاغية ومرتزقة إيران من الانهيار أمام ضربات الثوار , وتنسيق بوتين العسكري الرسمي المعلن مع رئيس حكومة الاحتلال الصهيوني نتنياهو , كانت القشة التي قصمت ظهر بعير أسطورة "المقاومة والممانعة" المزعومة .

 

 

 

لقد كان بوتين واضحا تمام الوضوح حين اعترف بأن للكيان الصهيوني مصالح حيوية في سورية وأنه لا بد من مراعاتها , كما أن كثرة اللقاءات بينه وبين نتنياهو منذ أيلول سبتمبر من العام الماضي تشير إلى مدى اليد الطولى التي أضحت للكيان الصهيوني في سورية .

 

 

 

ضمن هذا الإطار لم يكن مفاجئا زيادة معدل الانتهاكات الصهيونية للأجواء السورية - المزدحمة أصلا بالطائرات الأجنبية التي استدعاها النظام النصيري العميل ضد الشعب السوري – منذ سبتمبر عام 2015م , حيث أضحت مقاتلات الصهاينة تصول وتجول فوق مكان إقامة طاغية الشام , وتقصف ما تشاء من الأهداف , دون أي رد من النظام النصيري , اللهم إلا عبارته الخرقاء التي أضحت محل سخرية المتابعين : نحتفظ بحق الرد في الزمان والمكان المناسبين .

 

 

 

وإذا كانت ضربة الاحتلال الصهيوني الأخيرة لمطار المزة العسكري منتصف ليلة الخميس الماضي تأتي ضمن آثار الاحتلال الروسي لسورية , الذي فضح من هو عدو النظام النصيري ومليشا إيران على الحقيقة ...... فإن رد الفعل النصيري الصفوي على الضربة الأخيرة بدت أكثر فضحا لأكذوبتهما الكبرى "المقاومة والممانعة" .

 

 

 

أما زعيم حزب اللات فلم يُسمع له أي صوت أو تعليق على الضربة , وكذلك كان حال سيده خامنئي في طهران , رغم أن المستهدف حسب كثير من المصادر هو : شحنة أسلحة إيرانية في طريقها إلى حزب اللات بلبنان .

 

 

 

وأما  النظام النصيري فقد كان تعليقه على الضربة أشد خزيا وعارا من جميع تعليقاته السابقة على مثل هذه الضربات , فلم يظهر الناطق العسكري باسم ما يسمى "جيش الطاغية" للتنديد بهذا الاستهداف , بل اكتفت قيادة جيش النظام النصيري ببث بيان على شاشة التلفزيون السوري يتهم "إسرائيل" بقصف المطار , ويصفه بأنه : "اعتداء سافر" , محذرا تل أبيب من تداعياته !!

 

 

 

لم تكن هذه أولى الضربات الصهيونية التي تستهدف مطار المزة العسكري القريب من موطن إقامة طاغية الشام , فقد سبقتها الكثير من الضربات المماثلة , آقربها كان الشهر الماضي , ما يشير بوضوح أن الكيان الصهيوني لم يكن يوما عدو الطاغية وحلفائه الرافضة  .

 

 

 

لا يبدو أن هذا المستوى المخزي من الصمت النصيري الصفوي على القصف الصهيوني الأخير لمطار المزة , والذي لم يقابل حتى بتهديد لفظي بحق الرد كما هي العادة دائما.......ناجم عن ضغوط روسية على طاغية الشام وحزب اللات بعدم الرد حتى بالتهديد اللفظي بعد التنسيق العسكري الروسي الصهيوني في سورية ...كما جاء على لسان بعض الإعلاميين السوريين تعليقا على الحادث ......

 

 

 

فمن المعلوم أن التصعيد اللفظي والتصريحات النارية بين الكيان الصهيوني وكل من طاغية الشام وأذناب إيران كانت الوسيلة الأنجع لتمرير أكذوبة عدائهما المزعوم , وتمرير أجندتهما في المنطقة على حساب المسلمين من أهل السنة .

 

 

 

ومن هنا يمكن التأكيد بأن الاحتلال الروسي قد زاد من كشف أكذوبة وأسطورة المقاومة والممانعة , واظهر أكثر فأكثر العدو الحقيقي لكل من النظام النصيري والصفوي , فبدلا من الرد على خروقات العدو المزعوم طوال عقود من حكم النظام النصيري وملالي قم , يزداد القصف الوحشي النصيري الصفوي على مواقع الثوار في الداخل السوري .

 

 

 

بل يمكن القول : إن درجة اطمئنان الصهاينة بعدم وجود أي رد نصيري إيراني على قصفها أهدافا في الداخل السوري – وخصوصا بعد التنسيق مع المحتل الروسي -  وصل إلى حد اليقين , ويكفي دلالة على ذلك ما قاله الخبير العسكري "الإسرائيلي" في صحيفة "يديعوت أحرونوت" "رون بن يشاي" اليوم : إن الهجوم الجوي على سورية أول أمس الخميس كان يهدف لتدمير قافلة أسلحة صواريخ من طراز أرض أرض من صناعة إيران متجهة إلى حزب الله ، معتبرا أن الأمر لن يؤدي إلى التصعيد .

 

 

 

فهل هناك شك بعد كل ما سبق في أن الصهاينة لم يكونوا يوما عدوا حقيقيا للنظام النصيري وساسة طهران ؟! وأنهم باتوا اليوم جميعا في حلف واحد ضد ثورة الشعب السوري ؟!