فوضى عالمية لمواجهة فوضى داعش
11 صفر 1437
دـ أحمد موفق زيدان

الفوضى التي أطلقتها بعض الدول الأجنبية لمواجهة فوضى داعش ستكون تأثيراتها أكبر بكثير مما فعلته داعش نفسها، فحين نرى روسيا التي كانت تنتقد الغرب على تدخله في ليبيا وإسقاطه القذافي بدون غطاء دولي، نجدها وقد فعلت الشيء نفسه ولكن بنسخة معدلة ومتطورة حيث تم استخدام كل أنواع الأسلحة الروسية من صواريخ بعيدة المدى، وقنابل نابالم وفوسفور لذبح ما أبقى عليه نظام الأسد، وهو ما أدى إلى قتل مئات المدنيين بينهم أطفال ونساء، بالإضافة إلى تدمير أكثر من 15 مشفى ..

 

 

 


هذه الفوضى لم تقتصر على الثورة السورية وأعداء روسيا وإنما حتى شمل أصدقاءها
، حين أطلقت صواريخ بعيدة المدى من بحر قزوين فسقط بعضها في داخل الأراضي الإيرانية، وحذرت العراق المدنيين في المناطق الكردية من إمكانية سقوط هذه الصواريخ فيها كون مناطقهم تقع في مسار هذه الصواريخ، وتبع هذا الصلف الروسي إبلاغ لبنان بتغيير مسار طائراته المدنية والعسكرية وإفراغ المجال الجوي لها في لبنان، وهو الأمر الذي يتناقض مع أبسط القواعد الديبلوماسية والدولية..

 

 

 

وواصلت روسيا سياسة الاستفزار لكل من السعودية وتركيا وقطر، وسربت تهديدات لهذه الدول في ظل صمت عالمي غريب ومريب، كما  صعدت عسكرياً على طول الحدود مع تركيا، واستهدفت التركمان وهو ما ردت عليه تركيا بالتهديد، لكن هذا التصعيد يستهدف إجهاض المشروع التركي بفرض مناطق آمنة في المناطق السورية المجاورة لها، وترافق هذا أيضاً مع تطبيل وتزمير العالم كله للاحتلال الروسي في سوريا، على أنه مكافحة لداعش بينما كل الإحصائيات الغربية تقول أن المستهدف غير داعش والضحية من المدنيين إن كانوا من المقيمين في مناطق سيطرة داعش أو خارجها ، لكن بقاء الاحتلال الإيراني والروسي حتى مع رحيل الأسد لا يعني شيئاً بالنسبة للثورة السورية وداعميها، فالأصل المطالبة برحيل الاحتلال الذي هو السبب الرئيسي والجوهري لبقائه في السلطة..

 

 

 

 


اللافت أن العالم كله تعامل بتمييز واضح إزاء ضحايا باريس
وهو هجوم مدان تماماً فليس هناك عاقل يبرر قتل الأبرياء، ولكن أن يتم التعامل مع ضحايا باريس على أنهم سبع نجوم بينما قتلى الشام والعراق واليمن وأفغانستان والآن قتلى مالي وكأنهم بلا نجمة و لا يستحقون الذكر فضلاً عن الاهتمام السياسي والإعلامي،  فهذا يعني أن التشدد لديه مغذي ووقود يومي، فهذا التمييز هو من يعشعش للإرهاب والعنف ولكل أشكال التشدد، فلا يُعقل أن يتحدث البابا عن تفجيرات باريس على أنها جزء من الحرب العالمية الثالثة و أنها الحادثة الأكثر دموية منذ الحرب العالمية الثانية بينما يصمت صمت القبور عما يجري في الشام والعراق ومن قبلهما فلسطين، ويصمت صمت القبور أيضا على الاحتلالين الإيراني والروسي  للشام ..

 

 

 

 

وبينما يتحدث الرئيس الأميركي باراك أوباما بأنه لم يمنع أحدا من التدخل في سوريا لمساعدة الشعب السوري والوقوف بوجه نظام الأسد، نراه يومياً كيف يقاتل بأظافره وأسنانه لإبقاء حقه الفيتو في تسليح الثوار بأسلحة نوعية مضادة للطيران، ويحصر دعمهم بصواريخ التاو من خلاله ليغلق عليهم صنبور المياه متى شاء وكيف شاء..

 

 

 

 

أخيراً فإن التعاطف العربي والإسلامي الذي وجد وإن كان بنسب معينة مع ضحايا الحادي عشر من سبتمبر أيلول في أميركا أو في تفجيرات باريس سينقلب إلى ضده في ظل الأخطاء القاتلة التي يرتكبها الغرب من الإسلاموفوبيا التي تجتاحه، أو من خلال القفز على مطالب الشعوب وحقوقها في العيش بكرامة وحرية..