"استسلام" الحوثي وصالح.. حقيقة أم مناورة؟
26 ذو الحجه 1436
منذر الأسعد

ثار جدل ساخن في الثماني والأربعين  ساعة الماضية،عقب إعلان المبعوث الأممي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ أحمد أنه تسلم إقراراً خطياً من جماعة الحوثي بالموافقة على قرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216،

 

 

 

ثم تبع ذلك بيان  من حزب المؤتمر الشعبي –حزب الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح- يتضمن موافقته على القرار المذكور. ونقل الموقع الرسمي للمؤتمر عن مصدر مسؤول، أن الأمين العام للحزب، عارف الزوكا، بعث برسالة إلى الأمين العام للأمم المتحدة، بان كي مون، أكد فيها موقف المؤتمر الملتزم بتنفيذ النقاط السبع التي أعدت مع مبعوث الأمين العام، وفي مقدمتها الالتزام بتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة بما فيها القرار 2216، وفق آلية تنفيذية يتم التوافق عليها ويتم تنفيذها من جميع الأطراف.

 

 

 

ويأتي الموقف المعلن تنفيذاً لشروط الحكومة التي تطالب بالموافقة الصريحة من الحوثيين والرئيس المخلوع على القرار 2216، قبل أي مفاوضات
وكان الرئيس عبد ربه منصور هادي قد رفض من قبل دعوة الأمم المتحدة لإجراء محادثات سلام  مع الحوثيين  والمخلوع إلا بعد قبولهما قرار مجلس الأمن علناً.

 

 

 

الحكومة اليمنية والتحالف العربي اتفقا على التقليل من شأن قبول الانقلابيين بالقرار الأممي المتعلق باليمن،بينما بالغ بعض المتفائلين في تعجلهم فوصفوا خطوة الحوثي وصالح بأنها "استسلام" تحت ضربات التحالف العربي والقوات اليمنية الشرعية،وما أنجزته من انتصارات متلاحقة على الأرض.

 

 

 

 

الشك الحكومي المنطقي
وصفت الحكومة اليمنية  قبول الحوثيين وصالح خطة السلام  التي ترعاها الأمم المتحدة بأنها "مناورة" وطالبت الجماعة المدعومة من إيران بإعادة الأراضي التي تسيطر عليها منذ العام الماضي.
وأكد الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي استعداد الحكومة اليمنية التام للانخراط في حل سلمي إذا أعلن من وصفه بالطرف الانقلابي (في إشارة للحوثيين وحليفهم الرئيس المخلوع علي عبد الله صالح) الالتزامَ بقرار مجلس الأمن 2216.
واعتبر وزير الخارجية اليمني رياض ياسين أن رسالتي الحوثيين وصالح للأمم المتحدة كتبتا بعبارات مطاطية، ولا تعنيان أن هناك التزاما، وتحويان الكثير من الافتراءات الباطلة، وطالب الحوثيين بخطوات عملية كالإفراج عن المعتقلين وسحب المسلحين من المدن وعدم استهداف المدنيين.

 

ورداً على سؤال عن "مبادرة" معسكر الحوثي-صالح قال مختار الرحبي السكرتير الصحفي في الرئاسة اليمنية "موقف الحكومة اليمنية ثابت. لابد من الإعلان الكامل بتنفيذ القرار بشكل كامل ودون تغيير."
وتابع "نحن مستعدون للذهاب (إلى الحوار) بعد الإعلان الصريح بقبول تنفيذ القرار 2216. هم مازالوا متحفظين على بعض البنود. أحضروا سبع نقاط جديدة والتي تعتبر شروطاً مسبقة."
وقال رئيس إعلامية حزب الاصلاح علي الجرادي إنَّ رسالة حزب المؤتمر والحوثي لمجلس الأمن واضحة في قبولهم بالنقاط السبع مع ولد الشيخ اسماعيل ويرفضون قرار مجلس الأمن.

 

 

وأوضح الجرادي في منشور له على صفحته فيس بوك ان ما يتداول في وسائل الإعلام ان المؤتمر والحوثي سينفذان قرار مجلس الأمن فهم مغلوط لمحتوى الرسالة ..

وكانت مليشيا الحوثي والمخلوع صالح قد قبلت بتنفيذ النقاط التي طرحها المبعوث الأممي الى اليمن اسماعيل ولد الشيخ لكنها لم تلتزم بتنفيذها ، ولم تنسحب من اي محافظة سيطرت عليها بقوة السلاح حسب الاتفاق ..
ارتياب الخبراء كذلك

 

 

 

التشكيك في نيات أدوات طهران في اليمن لم يقتصر على التحالف العربي والحكومة المعترف بها دولياً فحسب،فقد أبدى عدد كبير من المعنيين بالشأن اليمني  من يمنيين وعرب موقفاً لا يقل ارتياباً في خدع الانقلابيين الذي تكرر مرات ومرات منذ سيطرتهم على السلطة بالقوة.

 

 

 

فادعاء  صالح القبول بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي بشأن الانسحاب من المدن وتسليم الأسلحة وعودة الحكومة لا يمثل وفق كثيرين تبدلاً فعلياً في سلوكه، إذ أظهر الرجل طوال ثلاثة عقود قدرة على المراوغة والتكتيك السياسي، لكن اقتراب قوات التحالف من صنعاء ربما يجعل الخطوة تطوراً يستحق التوقف عندها.

 

 

 

 

وقد جزم مراقبون يمنيون بأن الحوثيين سينقضون التعهد الخطي المقدم إلى الأمم المتحدة بانسحابهم من المدن والقبول بعودة الحكومة الشرعية إلى العاصمة اليمنية صنعاء،مشيرين إلى أن الحوثيين لم يلتزموا بأي اتفاقات سابقة بما في ذلك اتفاق السلم والشراكة الذي رعته الأمم المتحدة عقب سيطرة المتمردين الحوثيين على صنعاء

 

ورأوا أن الالتزام تخطيط تكتيكي لوقف الضربات الجوية للتحالف العربي مؤكدين أن قوات صالح والحوثي تسعى إلى كسب الوقت وتريب وضعها الداخلي.

 

 

واعتبر نجيب غلاب رئيس مركز الجزيرة العربية للدراسات أن “هذا القبول مازال مشروطاً بالبنود السبعة التي وضعوها في مسقط وهي بنود تفرغ قرار مجلس الأمن من محتواه، وإذا أضيف إلى ذلك وضع آلية تنفيذية للقرار سيعملون من خلالها على تقوية جذورهم وجعلها أداة لجعل الانقلاب مشرعنا من خلال القرار”. ويرى غلاب أن الحوثيين لم يعد أمامهم من خيار سوى “القبول بوثيقة استسلام وهي تطبيق مقررات مجلس الأمن دون قيد أو شرط، في ظل آلية تنفيذية لابد أن تكون صارمة وواضحة في ما يخص إنهاء كل الإجراءات التي اتخذتها اللجنة الثورية وفروعها في المؤسسات وأيضا تفكيك الميليشيات وفرض سيطرة الدولة على كل الأراضي اليمنية وبالذات صعدة”.

 

 

وخليجياً رأى المحلل السياسي الكويتي د. فهد الشليمي، أن كل الخيارات متوفرة للحوثي في محاولة لاستغلال الوقت والتقاط الأنفاس، فهو يستطيع أن يناور ويتنصل من الاتفاق أو يستمر إذا لم يكن الموقف لصالحه.

 

 

 

فيما رأى المحلل والأكاديمي د. محجوب الزويري الخبير في الشأن الإيراني بقسم العلوم الإنسانية “أن هذه الخطوة جاءت كجزء من التكتيك لتخفيف الضغط السياسي على حلفاء الحوثيين وأقصد إيران”،مضيفاً أن “الأمر متعلق أيضًا بتخلي روسيا عن الدعم السياسي للحوثيين والرئيس المخلوع صالح؛وعدم نجاح الجهود العمانية في فرض الحوثيين كلاعب محوري في المشهد السياسي اليمني، لاسيما أمام ضغط بقية الخليج لمنع تكرار سيناريو حزب الله اللبناني”.

 

 

 

فشل مشروع المخلوع

صالح وخلافاً للحوثيين يدرك نفوذ السعودية التي تقود التحالف المؤيد للرئيس هادي، كما أن خبرته في الحكم لمدة تزيد على ثلاثين عاماً جعلته يتعامل بمكر شديد مع مواقف المجتمع الدولي، ولكنه مقتنع بأن القوة على الأرض قادرة على تغيير مواقف البلدان، ولهذا حاول بقدر استطاعته تحويل المواجهات من حرب داخلية إلى حرب مع الجارة السعودية من خلال استهدافها بعدة صواريخ من طراز سكود، أو مهاجمة المناطق السعودية الحدودية القريبة من اليمن. غير أن مسعاه لم يحقق الغاية الأساسية في أن يكون الحديث عن وقف الحرب بين دولتين وليس بين سلطة شرعية يعترف بها العالم ومجاميع مسلحة خارجة على القانون.

 

 

 

صالح، وكما أكدت مصادر مختلفة، حاول إلحاق أكبر أذى بقوات التحالف، وأدار المعركة بنفسه، وترك للحوثيين مهمة التصلب في الموقف والخطاب العدائي تجاه السعودية ودول التحالف، وعمل بدأب على اختراق الجبهة الدبلوماسية من خلال السعي لفتح قنوات مع الإمارات واستمالة موقفها المتشدد تجاه جماعة الإخوان المسلمين، والأمر ذاته مع مصر، لكن الهزائم التي منيت بها قواته والحوثيون في جنوب البلاد ومن ثم شرق صنعاء، واستهدافه شخصياً من قبل الطيران السعودي جعل الرجل يتقدم خطوة إلى الأمام ويعلن القبول بالنقاط السبع التي تم التوافق عليها مع المبعوث الدولي إلى اليمن إسماعيل ولد الشيخ، وسحب رفضه الاعتراف بشرعية الرئيس هادي.

 

 

خلفيات  الموافقة  وثقوبها
صالح ومعه الحوثيون قبلوا نظرياً بتنفيذ قرار مجلس الأمن الدولي، لكنهم عملياً وضعوا تنفيذ القرار  محل تفاوض سياسي، يبدأ بعودة شكلية للحكومة لمدة شهرين، وينتهي بتسليم أسلحة كل الجماعات، وهذا يعني أن الأمر سيشمل حزب الإصلاح وفصائل الحراك الجنوبي والسلفيين، وحتى اللجان الشعبية التي شكلها الرئيس اليمني ذاته.

 

 

ومع ذلك فإن الضغط العسكري الناجح للتحالف يفسّر حتى مناورات الحوثي وصالح،فقد أعلن المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف العربي  العميد  أحمد عسيري أن العمليات العسكرية في اليمن تسير حسب ما هو مخطط له، مشيراً إلى أن 75% من الأراضي اليمنية تحررت من الحوثيين والقوات الموالية للرئيس السابق علي صالح.

 

 

وأكد عسيري في حديث مع صحيفة “الرياض” أنه “لا يوجد أي تباطؤ في سير العمليات العسكرية، ولكن طبوغرافية الأرض لها دور مؤثر.

 

 

وتشير المعطيات على الأرض إلى أن انهيار ميليشيا الحوثي وقوات صالح بات وشيكاً وخصوصاً مع تداعي جبهتهم المتقدمة للدفاع عن صنعاء في مأرب واقتراب قوات التحالف العربي والجيش الوطني إلى مسافة 30 كيلومترا من أطراف العاصمة مع معلومات عن انضمام قبائل طوق صنعاء للشرعية وتخليهم عن الحوثي وصالح.

 

 

في سياقٍ موازٍ،لوحظ أن :"مبادرة"الحوثي وشريكه صالح أتت بعد يوم واحد من هجوم  داعش الإرهابي على مقرات للحكومة اليمنية وقوات التحالف العربي في عدن، في خطوة قال مراقبون إنها تعكس قدرة الرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح وحلفائه الحوثيين على توظيف داعش في خدمة أهدافهما.

 

 

وللرئيس اليمني السابق خبرة طويلة في اختراق المجموعات المتشددة وتوجيه عملياتها في الاتجاه الذي يخدم نظامه، ومن السهل عليه استعادة هذه الورقة مجدداً في مواجهة محاولات تحييده. ولا يستبعد المتابعون أن يكون توظيف ورقة داعش نتيجة من نتائج زيارة الوفد الحوثي إلى طهران .

 

 

 

 

اللغة التي يفهمها الانقلابيون
لكل ما سلف من معطيات لا تبعث على الثقة بجدية الحوثي وصالح في مزاعمهما "السلمية"،جددت مقاتلات التحالف العربي في وقت مبكر من صباح اليوم الجمعة، غاراتها الجوية على مواقع الحوثيين وقوات الجيش الموالي للرئيس اليمني السابق علي عبدالله صالح بمدينة المخا التابعة لمحافظة تعز.

 

 

 

وقالت مصادر محلية إن غارات عنيفة استهدفت ميناء المخا والقطاع الساحلي ومواقع أخرى لتجمعات وآليات الحوثيين وقوات صالح في المدينة.
وبحسب المصادر، فإن دوي انفجارات عنيفة هزت المدينة وشوهدت أعمدة الدخان تتصاعد بكثافة من على المواقع المستهدفة، دون أن تتضح على الفور الخسائر المادية والبشرية التي خلفتها في صفوف الحوثيين،ولاحظ المراقبون أن مقاتلات التحالف كثفت غارتها الجوية بشكل غير مسبوق على المخا منذ مساء الأربعاء.

 

 

وتأتي تلك الغارات بعد سيطرة المقاومة والجيش الوطني على منطقة ذباب يوم الخميس حيث تقدمت بعد ذلك نحو منطقة واجحة التي تبعد عن المدينة نحو 10 كيلومترات.

 

 

 

يذكر أن مقاتلات التحالف ألقت في الأيام الماضية منشورات حذرت فيها المواطنين بمدينة المخا من الاقتراب من أماكن العمليات العسكرية حتى لا تستخدمهم مليشيات الحوثي كدروع بشرية.