هدنة اليمن..هل تؤتي أكلها؟
27 رجب 1436
خالد مصطفى

الهدنة التي أعلن عنها التحالف الذي تقوده السعودية في اليمن قبل أيام قد تكون فرصة ذهبية من أجل وضع حل سلمي للأزمة اليمنية المستعرة والتي يدفع ثمنها المدنيون الأبرياء الذين يعانون من ظروق إنسانية غاية في الصعوبة, لولا أن الطرف الآخر ومن يموله لا يريدون ذلك بل يريدون الاستمرار في الحرب لفرض إرادتهم وتنفيذ مخططهم الطائفي التوسعي الذي يمر باليمن ولكنه لا يتوقف عندها..

 

كان الإعلان عن الهدنة من جانب التحالف يهدف لمساعدة المدنيين العالقين وسط نيران المدافع حتى تصل إليهم الإمدادات الإنسانية ولكن المليشيات الحوثية استمرت في القتال وانتهكت اتفاق وقف إطلاق النار وحاولت الاستيلاء على أراضٍ جديدة في عدن وتعز وغيرها من المناطق من أجل فرض أمر واقع جديد يقوي موقفها التفاوضي فيما بعد, مستغلة وقف قصف طائرات التحالف...إيران من جهتها تصر على إشعال الأوضاع من أجل إفشال التوصل لاتفاق سلمي وتهدئة الأمور حيث قامت بإطلاق النار على سفينة في الخليج العربي ترفع علم سنغافورة وأصرت على إرسال سفينة لليمن زعمت أنها للمساعدات مع رفضها تفتيشها وهو أمر غريب فما دامت للمساعدات لماذا ترفض تفتيشها؟!..

 

لقد  كشف وزير الخارجية اليمني رياض ياسين عن أن الباخرة الإيرانية التي أبحرت من ميناء بندر عباس متجهة إلى ميناء الحديدة، تشير المعلومات إلى أنها تقل 60 إيرانيا يعتقد أنهم من ضباط الحرس الثوري الإيراني، وخبراء عسكريون وآخرون، وأنهم لم يحصلوا على أية تأشيرات لدخول الأراضي اليمنية، داعيا حكومة طهران إلى توجيه باخرتها للموانئ الجيبوتية بغرض تفتيشها أولا, واتهم ياسين إيران بإرسال تلك الباخرة، بالتزامن مع انطلاقة الهدنة الإنسانية في اليمن، في إطار محاولاتها المتكررة لاستفزاز الجميع بتلك التصرفات اللامسؤولة..

 

إن إيران آخر من يريد استقرار الأوضاع في اليمن في هذا الوقت فهي تريد استغلال ما يجري في اليمن من أجل استخدامه في التفاوض النووي مع الغرب كما تريد التغطية على انتصارات الثوار في سوريا ضد مليشيات الأسد وحزب الله والحرس الثوري وليس من المستبعد أن تعرض مقايضة جديدة من أجل الحفاظ على بشار الأسد لفترة أطول مقابل الضغط على الحوثيين لتقديم بعض التنازلات المرحلية...

 

في ظل هذا المناخ الساخن التقى عدد من قادة الخليج مع الرئيس الأمريكي في منتجع كامب ديفيد من أجل تطمينهم بشأن الاتفاق النووي مع إيران وبحث الملفات الملتهبة في اليمن وسوريا والعراق والتي كان موقف واشنطن منها شديد الخذلان لدول الخليج ومهادنة واضحة للنظام الإيراني الطائفي..تصريحات الرئيس الأمريكي بعد الاجتماع تضمنت  الإشارة إلى أن واشنطن ودول الخليج متفقة على أن "الاتفاق النووي مع إيران يخدم مصالحهما القومية"ـ على حد قوله ـ وكشف أوباما أن التزامات كامب ديفيد تشكل عهدا جديدا للتعاون مع دول مجلس التعاون الخليجي، مؤكدا على أن الولايات المتحدة تدرس خيار القوة العسكرية لحماية دول الخليج في حال تعرضها إلى أي عدوان خارجي, وتابع أنه سيتم توسيع التعاون في مجال الأمن البحري ومواجهة تنظيم داعش، مشددا على أن إدارته ستسعى إلى تعزيز القدرات الدفاعية لدول الخليج ودمج قدراتها الدفاعية ضد أنظمة الصواريخ الباليستية, كما أعلن عدم إمكانية مشاركة بشار الأسد في أي حل مستقبلي في سوريا ولكنه لم يبين الموقف من رجال نظامه..

 

تصريحات أوباما قد تبدو مريحة للوهلة الأولى ولكنها غير كافية من أجل تحديد موقف واضح وحاسم للإدارة الأمريكية من الملفات العالقة في المنطقة وهو ما يجعل جميع الخيارات مفتوحة خلال المرحلة القادمة.