التوقيت الأنسب لانتفاضة أحوازية.. متى يكون؟
2 جمادى الثانية 1436
أمير سعيد

في أي قرن نعيش؟! إذا أصبح ارتداء الزي العربي مدعاة لاعتقال نحو ألف عربي في بلدهم المحتل، الأحواز، أو صار ارتداء قميص أصفر مثيراً لسلطات الأمن في بلد عربي آخر، أو أضحى اعتمار الكوفية الفلسطينية محفزاً على الظنون في أصحابها بالإرهاب عن بلد أوروبي، أو غدا النقاب محرماً في بلدان أوروبية وإسلامية في آسيا الوسطى!

 

 

لا صريخ للأحواز العربية في العالم يسأل من منطلق حقوقي: لماذا صار ارتداء زي بمثابة جريمة كبيرة تستحق كفالة لإخلاء السبيل المؤقت تقدر بنحو 400 ألف دولار، ومبرراً لقتل الأشخاص واعتقال المئات؟ أو من منطلق رياضي: كيف لبلد عضو في الفيفا أن يلاحق جمهوره ويقمعه لأن بعض أفراده حملوا لافتات ترحيب بالفريق المنافس (الهلال السعودي، في مباراته مع الفولاذ الإيراني في الأحواز المحتلة)؟ أو من منطلق عربي: لماذا أدمنت الجامعة العربية الصمت حيال هضم حقوق هذا الشعب الذي يدفع وحده ثمن تمسكه بعروبته من دمه وماله؟ أو من منطلق إسلامي: كيف لنظام يدعي الإسلام بل ينتسب إلى الفرس يكره العرب كل هذه الكراهية، وكتاب أمته نزل بلسان عربي مبين على نبي عربي صلى الله عليه وسلم، ولكأنه ما علم ما قاله سلمان الفارسي رضي الله عنه، عنهم:" نفضلكم يا معاشر العرب لتفضيل رسول الله صلى الله عليه وسلم إياكم، لا ننكح نساءكم، ولا نؤمكم في الصلاة"؟

 

 

لا أحد غضب ولا امتعض، ولا أعرب حتى عن "قلقه" مثلما يفعل بان كي مون سكرتير الولايات المتحدة لشؤون الأمم المتحدة! حين قوبلت انتفاضة الأحواز المحدودة بكل هذه القسوة.. وهذا مألوف فهم لم يفعلوا أي شيء من قبل حيث الأخبار تتوالى عن إعدامات دون جريرة تنفذ بحق الشباب الأحوازي لأن لديه تطلعات بأن يعيش كما كان عليه آباؤه عربياً حراً..

 

 

مضت الانتفاضة سريعة، وهو المتوقع، فالحالة الأحوازية نادرة في نضالها وعنفوانها.. محتل شديد البطش، لا يتحمل أي شعار إسلامي أو عربي، ويقابله بكل قسوة، وشعب لا يكل عن نضاله وإن كانت فروق القوة في غير صالحه بالمرة.. انتفاضات تترى، والدلالة دوماً أن هذا الشعب يفلح كثيراً في جعل قضيته حية، لا تموت، وإن مرت 90 عاماً على نشوئها؛ فاحتلال الأحواز العربية لا يسقط بالتقادم.. هكذا يثبت الشعب الأحوازي في انتفاضاته التي تحيي القضية كلما ظن الأفاكون من الاحتلال الفارسي والمتواطئين معه أنها قد ماتت.
ولربما كانت الفرصة جيدة للإعلان في مباراة تنقلها وسائل الإعلام وتهتم بها عن قضية حق شعب ومصيره، إلا أن ثمة من قد يختلف في التوقيت، أهو جيد أم لا لمثل هذه الهبات الشعبية.

 

 

فمن قائل، إن الأحوازيين ليس أمامهم من سبيل سوى معاودة الاحتجاج والتظاهرات لعدة أسباب، لأن الظلم عليهم يتفاقم، والإعدامات تتوالى، والاستسلام للعدو لن يثنيه عن مخطط التفريس الجاري على قدم وساق في الأحواز، مدنها وقراها.

 

 

وهؤلاء لديهم مبررهم في اقتناص أي فرصة للثورة والاحتجاج، لأن الظرف الإقليمي والدولي لا يتغير، حيث يصر الغرب والشرق على منح إيران لهذه الإمارة لتتوفر لإيران قدرة على التأثير في المنطقة من أجل حماية الكيان الصهيوني، واستنزاف الخليج، وتمثيل دور شرطي المنطقة الأمين لدى حلفائه.

 

 

ولديهم مبررهم أيضاً في أن إيران اليوم أكثر إنهاكاً في كل من العراق وسوريا واليمن ولبنان، وقد تكون الانتفاضات داخلها قادرة على تحريك الراكد.

 

 

ولديهم مبررهم كذلك، في أن الخليج إذ صار أكثر قلقاً من الإيرانيين؛ فإنه قد يدعم حراكاً يقوم به مناضلو الأحواز.

 

 

ومن قائل، وأعتقد أنني منهم، أن أي انتفاضة أحوازية لن يكتب لها النجاح فيما نحسب إلا إذا تعاضدت وتناصرت مع كل الشعوب التي تحتل إيران أراضيها، من بلوش وأكراد وأذريين أتراك وغيرهم، وقامت جميعها ثائرة في وجه المحتل الفارسي بكل ما أوتيت من قوة، في لحظة واحدة.

 

 

صحيح أن تنظيم المقاومة الوطنية لأذربيجان الجنوبية وجيش العدل البلوشي الذي يقود المقاومة البلوشية ضد الاحتلال الفارسي، وحزب حياة كوردستان الحرة-بيجاك، جميعهم قد أعلن تضامنه مع انتفاضة الأحواز المحدودة، وهو تطور لافت، يؤخذ بالتأكيد في الاعتبار.. لكن هذا التضامن اللفظي، وضعف التنسيق، بين القوى الأحوازية فيما بينها، وبينها وبين تلك القوى الأخرى المناهضة للاحتلال الفارسي، بغية الوصول إلى ذروة نضالية، لن يوفر الكثير من النقاط لزيادة نسبة نجاح أي انتفاضة أحوازية، بما يجعل النزيف المستمر بحاجة إلى ترشيد دوماً، وحكمة في ممارسة النضال غير محسوب العواقب بدقة سياسية كبيرة.