تداعيات مقتل "الكساسبة" على التحالف ضد داعش
17 ربيع الثاني 1436
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

جاء مقتل الطيار الأردني معاذ الكساسبة حرقا على أيدي عناصر تنظيم داعش بعد أسره وبث صوره على المواقع الإلكترونية المختلفة؛ لكي يظهر حجم الصعوبات التي تواجه التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضد التنظيم الذي توسع في العراق وسوريا مؤخرا...

 

بداية التداعيات ظهرت عندما كشفت صحيفة نيويورك تايمز عن الامارات العربية المتحدة انسحبت من الحملة الجوية ضد تنظيم “داعش” بعد اسر الطيار الاردني معاذ الكساسبة, ونقلت الصحيفة الاميركية عن مسؤولين اميركيين ان الامارات، الحليف المهم للولايات المتحدة في الحملة، علقت الضربات الجوية في ديسمبر بعد اسر الطيار الاردني خوفا على سلامة طياريها..

 

 

ولم تنف الإمارات من ناحيتها هذا الانسحاب بل أكدته إلا أنها أرجعته إلى محلاحظات لها على التعامل الأمريكي مع الحملة ضد داعش وعدم توفير ما يلزم من وسائل الأمان للطياريين...

 

واشارت إلى أنها تريد من الولايات المتحدة ان تحسن جهود البحث والانقاذ بما يشمل استخدام طائرة في-22 اوسبري في شمال العراق، قرب ميدان المعركة من أجل سرعة إنقاذ الطيارين إذا ما سقطت طائراته بنيران داعش وقال مسؤولون في الادارة الاميركية ان مسؤولي الامارات طرحوا تساؤلات حول قدرة فرق الانقاذ العسكرية الاميركية على الوصول الى الطيار حتى لو كان هناك المزيد من الوقت لإنقاذه, وقالت صحيفة “نيويورك تايمز” نقلا عن مسؤول كبير في الادارة ان وزير الخارجية الاماراتي الشيخ عبد الله بن زايد بن سلطان ال نهيان سأل برباره ليف السفيرة الاميركية الجديدة عن اسباب عدم نشر الولايات المتحدة امكانيات مناسبة في شمال العراق من اجل انقاذ الطيارين الذين تسقط طائراتهم..وكانت تقارير صحفية قد أكدت أن الطيار الأردني معاذ الكساسبة ظل حرا طليقا بعد سقوط طائرته لمدة نصف ساعة قبل أن تأسره داعش وهو ما كان كافيا لإنقاذه لو توفرت الإمكانيات المناسبة..

 

هذه ليست الأزمة الوحيدة التي كشف عنها مقتل الكساسبة داخل التحالف بل إن مسؤولا عراقيا كرديا أشار إلى أن جهود الولايات المتحدة في مكافحة داعش غير كافية ولن تؤدي إلى تدمير التظيم وأوضح المسؤول أنه من الضروري إرسال قوات برية لمواجهة التنظيم وهو أمر تتخوف منه دول التحالف بشدة وعلى رأسهم الولايات المتحدة... أما بالنسبة للأردن وهي المعنية بالأساس من قتل الكساسبة فقد قالت صحيفة "جارديان" البريطانية: إن القتل الوحشي للطيار الأردني معاذ الكساسبة على أيدي تنظيم "الدولة الإسلامية" يمكن أن يكون له تأثير مدمر على الأردن، وعلى المدى الطويل ربما يقوض دورها في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة, وأضافت الصحيفة في تقرير لها أن قتل الكساسبة حرقا روع الحكومة الأردنية ومواطنيها، وقد يضعف الدعم الفاتر في المشاركة العسكرية للأردن ضد داعش، وأشارت إلى أنه حتى قبل صدمة قتل الكساسبة، كان هناك تنام للمعارضة ضد دور الأردن في مهاجمة "داعش"، ورغم صعوبة رؤية الأردن ينسحب فجأة من الائتلاف، لكن الملك الأردني قد يصبح أكثر حذرا..

 

صحيح الأردن رد بعد قتل الكساسبة بعدة غارات جوية أعلن عنها ضد تنظيم داعش ووعد بالانتقام من التنظيم ولكن هل سيظل الأردن على المدى الطويل بمثل هذا الحماس في ظل عدم قدرة الغارات الجوية على الحسم العسكري؟!...صحيح هناك مخاوف في العالم العربي من داعش ولكن هناك مخاوف كذلك من تنامي المد الشيعي في المنطقة خصوصا مع سيطرة الحوثيين على اليمن وقتال حزب الله في سوريا وتنامي قوة المليشيات الشيعية في العراق ووصولها تحت ستار محاربة داعش إلى مناطق السنة في الشمال...

 

وليس خافيا أن هناك قرائن كثيرة تشير إلى أن الولايات المتحدة لا تبدي الامتعاض الكافي من هذا التمدد بل أن أدلة متوفرة تشير إلى تعاون واشنطن مع الحوثيين في اليمن ضد القاعدة ومع المليشيات الشيعية في العراق ضد داعش وغضها الطرف عن وصول حزب الله إلى الجولان المحتل ومحاربتها الثوار السنة وتراجع أمريكا عن ضرورة إسقاط نظام الأسد بسوريا...هذا كله يثير الريبة والشك في حقيقة الدور العسكري الأمريكي في المنطقة وغايتها منه ويطرح تساؤلا مهما وهو هل ستبيع أمريكا الدول السنية مثلا لإيران بعد التخلص من داعش في صفقة على توزيع النفوذ وهو ما يفسر السلبية المفرطة التي تبديها في مواجهة التمدد الشيعي؟! هذا التساؤل وغيره الكثير يدور في أذهان الشعوب العربية التي تشارك حكوماتها والتي لا تشارك في التحالف ضد داعش ويحتاج إلى إجابات حاسمة ومحددة.