الملك سلمان .. مواصلة المسيرة ومواجهة التحديات
4 ربيع الثاني 1436
تقرير إخباري ـ محمد لافي

بعد مسيرة حافلة بالإنجاز ومواجهة التحديات, غيب الموت خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز الملك السادس للمملكة العربية السعودية بعد صراع مع المرض, لنتقل بذلك مقاليد الحكم لأخيه وولي عهده سلمان بن عبد العزيز. وفور إعلان الديوان الملكي في السعودية وفاة الملك عبد الله يرحمه الله, تبادل أبناء السعودية والمقيمون فيها التعازي بوفاة الفقيد, كما شهد وسم "وفاة خادم الحرمين الشريفين" على موقع "تويتر" مئات الآلاف من المشاركات من السعوديين ومستخدمي تويتر حول العالم الذين رفعوا له الدعوات وسألوا الله له الرحمة والمغفرة؛ حتى تجاوزت التغريدات المليون تغريدة في اليوم الأول. إضافة إلى عشرات الآلاف من التغريدات الأخرى، بثها مغردون عبر أوسمة أخرى أخرى مثل #وفاة_الملك و #وفاة_الملك_عبدالله، وغيرها.

 

وتداول مغردون بالمواقع الاجتماعية مقاطع مرئية للملك عبدالله -رحمه الله- كان من أبرزها تسجيلاً مرئياً له وهو يوصي الأمير سلمان بن عبدالعزيز وعدداً من الأمراء والوزراء بخدمة الدين والشعب قائلاً "خدمة الدين والوطن والشعب.. وهذا أهم شي.. شعبكم خلوه راضي عنكم"، حاثاً إياهم على الالتزام بالعدل والإنصاف والحق.

خادم الحرمين الملك سلمان بن عبد العزيز
وبدأت في قصر الحكم بالرياض مراسم البيعة للملك الجديد سلمان بن عبد العزيز، وولي العهد الأمير مقرن بن عبد العزيز وولي ولي العهد الأمير محمد بن نايف والذي تم تعيينه بقرار ملكي من الملك سلمان فور تقلده زمام السلطة, وتوافد الأمراء وسماحة مفتي عام المملكة و العلماء و الوزراء وكبار المسؤولين وجموع غفيرة من المواطنين، لتقديم البيعة على كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم لخادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز آل سعود ملكا للمملكة العربية السعودية.

 

وفور مبايعته ملكاً للسعودية نشر حساب خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبدالعزيز، في "تويتر"، أول تغريدات له حيث قال في تغريدته الأولى، ناعياً أخاه الملك عبد الله: "رحم الله عبدالله بن عبدالعزيز وجزاه عن شعبه خير الجزاء، وأحسن عزاء الشعب السعودي في فراقه".وفي تغريدة أخرى قال فيها: "أسأل الله أن يوفقني لخدمة شعبنا العزيز وتحقيق آماله، وأن يحفظ لبلادنا وأمتنا الأمن والاستقرار، وأن يحميها من كل سوء ومكروه".

 

والملك سلمان بن عبد العزيز هو الابن الخامس والعشرون من أبناء المؤسس الملك عبدالعزيز بن عبدالرحمن وقد ولد في الرياض عام 1354هـ، وتلقى تعليمه المبكر في مدرسة الأمراء بالرياض، حيث درس فيها العلوم الدينية، والعلوم الحديثة، وختم القرآن الكريم كاملاً وهو في سن العاشرة، على يد إمام وخطيب المسجد الحرام، الشيخ عبدالله خياط، رحمه الله، وقد أبدى الملك سلمان بن عبدالعزيز منذ الصغر اهتماماً بالعلم، وحصل لاحقاً على العديد من الشهادات الفخرية، والجوائز الأكاديمية.

 

وقد تقلد أول مناصبه وهو في التاسعة عشرة من عمره، نائباً لأمير مدينة الرياض في عام 1373هـ، ومن ثم أميراً لها في عام 1374هـ، حتى عام 1379هـ.وتم تعيين سلمان بن عبد العزيز مرة أخرى أميراً للرياض في عام 1382هـ، وبقي في منصبه حتى عام 1432هـ، حيث عين وزيراً للدفاع، بعد وفاة الأمير سلطان بن عبدالعزيز؛ ومن ثم ولياً للعهد، بعد وفاة الأمير نايف بن عبدالعزيز.

 

وقد ترأس العديد من اللجان والهيئات لجمع التبرعات لمساعدة المحتاجين والمتضررين كان أبرزها لجنة تبرع منكوبي السويس (1956) ولجنة التبرع للجزائر (1956) وأسر شهداء الأردن (1967) ومنكوبي باكستان (1973) ودعم المجهود الحربي في مصر وسوريا (1973) والمجاهدين الأفغان (1980) ومتضرري سيول السودان (1988) ولجنة تقديم العون للاجئين الكويتيين (1990) وتبرعات البوسنة والهرسك (1992) وانتفاضة القدس (2000).كما ترأس العديد من الجمعيات والهيئات من أبرزها مركز تاريخ مكة والمدينة ودارة الملك عبدالعزيز ومكتبة الملك فهد الوطنية ومركز الأمير سلمان الاجتماعي.

 

وفي خطاب ألقاه الملك سلمان فور توليه مقاليد الحكم قال "إنني، وقد شاء الله أن أحمل الأمانة العظمى، أتوجه إليه سبحانه مبتهلاً أن يمدني بعونه وتوفيقه، وأسأله أن يرينا الحق حقاً، وأن يرزقنا اتباعه، وأن يرينا الباطل باطلا ويرزقنا اجتنابه. وسنظل بحول الله وقوته متمسكين بالنهج القويم الذي سارت عليه هذه الدولة منذ تأسيسها على يد الملك المؤسس عبدالعزيز ـ رحمه الله ـ وعلى أيدي أبنائه من بعده ـ رحمهم الله ـ ولن نحيد عنه أبدا، فدستورنا هو كتاب الله تعالى وسنة نبيه صلى الله عليه وسلم".

 

وأكد الملك سلمان في خطابه أن الأمة العربية والإسلامية هي أحوج ما تكون اليوم إلى وحدتها وتضامنها، مؤكداً " أننا في هذه البلاد ـ التي شرفها الله بأن اختارها منطلقا لرسالته وقبلة للمسلمين ـ سنواصل مسيرتنا في الأخذ بكل ما من شأنه وحدة الصف وجمع الكلمة والدفاع عن قضايا أمتنا، مهتدين بتعاليم ديننا الإسلامي الحنيف الذي ارتضاه المولى لنا، وهو دين السلام والرحمة والوسطية والاعتدال.

 

تحديات أمام الملك الجديد
ويرى محللون أن الملك سلمان الذي تسلم زمام السلطة خلفاً لأخيه الأكبر الملك عبد الله (يرحمه الله) سيضعه في مواجهة العديد من التحديات السياسية والأمنية والاقتصادية التي سيتوجب عليه التعامل معها وذلك بالنظر إلى الاضطراب  المحيطة بالسعودية من جهات عدة أبزرها الفوضى التي تشهدها اليمن وسيطرة الحوثي على مجريات الأمور هناك, إضافة إلى خطر تنظيم داعش في العراق وسوريا وتربصه بأمن السعودية والعلاقات المتوترة مع إيران. كما أن الانخفاض الحاد في أسعار النفط سوف يجعل من الواجب على القيادة السعودية النظر بحرص إلى الوضع الاقتصادي خاصة وأن المملكة تعتمد بشكل كبير على قطاع النفط في ميزانيتها ومشاريعها التنموية.