لماذا لا يعترفون بالمؤتمر الوطني الليبي ؟
30 محرم 1436
تقرير إخباري ـ المسلم

رغم صدور حكم الدائرة الدستورية في المحكمة العليا بليبيا بعدم شرعية برلمان طبرق وبالتالي اعتباره غير موجود ومنحل , ورغم انعقاد أولى جلسات المؤتمر الوطني الليبي من جديد بعد هذا القرار باعتباره السلطة الشرعية الوحيدة بالبلاد , إلا أن أيا من الدول الغربية أو العربية لم يعترف بشرعية المؤتمر الوطني وبقراراته , الأمر الذي يثير الكثير من التساؤلات حول مزاعم احترام الدول الكبرى وأتباعها لقرارات القضاء وأحكامه , خاصة إذا لم تكن هذه القرارات تنسجم مع هوى تلك الدول ورغباتها كما هو الشأن في ليبيا .
وبينما لم تتردد معظم الدول الغربية والعربية في الاعتراف بقرارات القضاء المصري الذي قضى بحل مجلس الشعب المنتخب بعد ثورة 25 من يناير , ناهيك عن سكوت تلك الدول عن قرارات ذلك القضاء الأخيرة بعد عزل الرئيس المنتخب محمد مرسي , والتي بدت مسيسة وغير مهنية بكل المقاييس , لا نسمع اليوم من تلك الدول إلا صمتا مطبقا فيما يخص قرار الدائرة الدستورية بالمحكمة العليا الليبية بحل برلمان طبرق الموالي للغرب وبعض الأطراف العربية ؟!!
ورغم دعوة المؤتمر الوطني العام في ليبيا أول أمس الأمم المتحدة ودول العالم إلى الاعتراف بسيادته وكذلك حكومة الإنقاذ المنبثقة عنه , بالإضافة لمطالبته في بيان له تلاه صالح المخزوم النائب الثاني لرئيس "المؤتمر الوطني العام" أعضاء مجلس النواب المجتمعين بمدينة طبرق، بـ"قبول حكم المحكمة العليا وتغليب مصلحة الوطن" , إلا أن هذا الاعتراف المطلوب محليا ودوليا لم يلق بعد أي استجابة !!
لقد اكتفت بعض الدول الغربية بإعلان دراستها لقرار المحكمة الدستورية , ولم يصدر إلى الآن أي تصريح أو بيان من تلك الدول عن نتائج هذه الدراسة , والتي يبدو أنها لن تصدر في صالح الاعتراف بالمؤتمر الوطني , بقدر ما ستكون ضد ذلك وإن بطريقة ملتوية وغير مباشرة .
ولعل أولى الدلائل على ذلك ما صرح به المبعوث الأممي لدى ليبيا "برناردينو ليون" بأنه "لا يعترف بالحكومة المنبثقة عن المؤتمر الوطني العام ولا الحكومة المنبثقة عن البرلمان الليبي في طبرق" , في تسوية لا تبدو منطقية ولا قانونية بعد صدور قرار القضاء الليبي بحل برلمان طبرق .
لا أعتقد أن الأسباب التي تدفع الغرب وبعض الدول العربية الموالية لها لعدم الاعتراف بالمؤتمر الوطني العام ما تزال خافية على أحد , فمعركة الغرب ضد التيار الإسلامي باتت صريحة وعلى المكشوف بعد ثورات ما سمي "بالربيع العربي" .
ولعل أهم هذه الأسباب هو خسارة الأحزاب الليبرالية والعلمانية العربية المعركة الانتخابية البرلمانية والرئاسية في أكثر من دولة من دول "الربيع العربي" , بينما فاز التيار الإسلامي بأغلبية المقاعد البرلمانية , ووصل إلى سدة الحكم ديمقراطيا وبانتخابات نزيهة في بعض تلك الدول , الأمر الذي دفع الغرب إلى دعم ما سمي "بالثورات المضادة" والتي تقودها الأحزاب الليبرالية والعلمانية الخاسرة في العملية الديمقراطية , ولو كان ذلك على حساب شعاراتها المزعومة باحترام الديمقراطية والقرارات القضائية .
وبما أن المؤتمر الوطني العام محسوب على التيار الإسلامي في ليبيا , ويدعم مطالب الثورة والثوار المنضوية منذ مدة تحت اسم "قوات فجر ليبيا" , والتي تواجه ثورة مضادة ليبرالية علمانية بقيادة "خليفة حفتر" .
وبما أن الدول الكبرى بما فيها واشنطن والدول الغربية قد استصدروا قرارا من مجلس الأمن أول أمس باعتبار "أنصار الشريعة" بليبيا منظمة إرهابية وإدراجها ضمن اللائحة السوداء , ناهيك عن اعتبارهم جميع الفصائل الإسلامية المقاتلة هناك منظمات إرهابية وإن بشكل غير صريح ومباشر , وذلك من خلال المصطلحات التي يستخدمونها أثناء الحديث عنهم ( المليشيات المسلحة – المتمردون – المتشددون الإسلاميون ...الخ ) والتي ترد في جميع وسائل الإعلام الغربية والعربية الموالية للغرب والناطقة باللغة العربية , بينما تطلق على الثورة المضادة بزعامة "خليفة حفتر" وبعض بقايا النظام السابق اسم الجيش الوطني .
فلهذه الأسباب مجتمعة لا يبدو أن الغرب وبعض الدول العربية ستعترف بالمؤتمر الوطني العام بليبيا , بل ستتجاهل قرار المحكمة الدستورية العليا بالبلاد , وتضرب عرض الحائط شعار احترام القضاء وقراراته واستقلاله , ما دام القرار لا يوافق مخططاتها في المنطقة .