النفاق الغربي
22 شوال 1435
تقرير إخباري ـ المسلم

رغم أن النفاق الغربي يبدو ظاهرا وفاضحا في كل ما يجري على الساحة العربية والإسلامية , ولا يحتاج إلى دليل أو برهان , إلا أن الإشارة إليه والتذكير به أمر لا بد منه لتنبيه الغافلين من المسلمين , و توعية الذين ما زالوا متأثرين بأكاذيب الغرب وشعاراته الزائفة عن حمايته لحقوق الإنسان ونصرة المظلومين والمضطهدين .
إن الازدواجية الغربية في تعاملها مع قضايا المسلمين من أهل السنة مقارنة بتصرفاتها مع قضايا غيرهم , يظهر مدى العداء الذي يكنه الغرب للإسلام , ويفضح كذب ادعائه بنبذ الطائفية والعنصرية , ولعل ما يحدث الآن في العراق خير شاهد ودليل على ذلك .
لقد سارعت كل من الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا وفرنسا وغيرها من الدول الغربية , للوقوف إلى جانب نصارى الموصل واليزيديين في جبل سنجار وغيرها من مناطق شمال وغرب العراق , معتبرة ما جرى بحقهم من ممارسات "تنظيم الدولة" جريمة ترقى إلى الإبادة الجماعية .
وخلال أيام معدودة اتخذت القرارات السياسية المباشرة لمساعدة النازحين من النصارى واليزيديين , وأرسلت الطائرات الغربية محملة بالمساعدات الإنسانية إلى مناطق النازحيين , وأجلي الكثير منهم إلى مأمنهم في إقليم كردستان .
لم يتوقف الأمر عند هذا الحد , بل سارع البيت البيض باتخاذ قرار بشن غارات على مواقع تنظيم الدولة الإسلامية في العراق , وقد شن الطيران الأميركي اليوم الأحد 14 غارة جوية استهدفت مواقع التنظيم بالقرب من سد الموصل ، بعد 9 غارات بالأمس , الأمر الذي مكن قوات البشمركة الكردية من استعادة السيطرة على أجزاء واسعة من محيط سد الموصل وفقا لمصادر رسمية كردية .
لقد تجاوز الاندفاع الأمريكي الغربي ضد "تنظيم الدولة" بالعراق حدود شن الغارات العسكرية ضد مواقعه , إلى تزويد قوات البشمركة الكردية بالأسلحة المتوسطة والثقيلة لمواجهة التنظيم , وقد وصلت بالفعل دفعة جديدة من الأسلحة الأمريكية الثقيلة الى قوات البيشمركة الكردية في منطقة شنكال في محافظة نينوي شمال العراق .
وصرح مصدر مطلع في قوات البيشمركة لوكالة (باسنيوز) الكردية أن "كمية كبيرة من العتاد والأسلحة الأمريكية الثقيلة وصلت السبت إلى قوات البيشمركة
, كما أكد وزير الدفاع البريطاني "مايكل فالون" بأن دور المملكة المتحدة في العراق يتجاوز المهمة الإنسانية وقد يستمر أشهرا عديدة , وذلك بعد تصريح رئيس الوزراء البريطاني "كاميرون" بأن على بلاده استخدام كل "قدراتها العسكرية" للتصدي لتنظيم الدولة بالعراق , ناهيك عن انضمام فرنسا لإمكانية تسليح الأكرادلنفس الغرض .
كل هذا الاندفاع الأمريكي الغربي ضد عناصر "تنظيم الدولة" جاء بعيد تعرض نصارى العراق والطائفة اليزيدية لهجمات من قبل التنظيم , بينما لم يحرك الأمريكان والغرب ساكنا تجاه مئات الآلاف الذين قتلوا على يد قوات نظام بشار والمليشيات الشيعية التي تسانده في سورية , بالإضافة لأمثال هؤلاء من المعتقلين في السجون , وملايين النازحين والمهجرين من بيوتهم داخل سورية وخارجها .
وبينما لم يحتج قرار شن غارات على مواقع "تنظيم الدولة" بشمال العراق حماية للمدنيين– كما يدعي الغرب - , بل وتزويد البشمركة بالأسلحة النوعية في مواجهة "التنظيم" , فإن أكثر من ثلاث سنوات على عملية الإبادة الجماعية التي تحصل في سورية على يد النصيرية والرافضة , لا يبدو كافيا لتحريك القوات الأمريكية لشن غارات على مواقع النظام السوري , كما أن وصول الثوار إلى قلب العاصمة دمشق لا يبدو محركا للغرب لتزويد الثوار ببعض الأسلحة النوعية للتسريع في إسقاط النظام بسورية , على الرغم من أن وصف "الإرهاب" ينطبق على النصيرية والرافضة أكثر مما ينطبق على "تنظيم الدولة" .
بل إن المفارقة العجيبة في الأمر , أنه بالرغم من تواجد "تنظيم الدولة الإسلامية" في كل من العراق وسورية , بل بالرغم من ارتكاب "التنظيم" عمليات قتل أوسع بكثير بحق أهل السنة في محافظة دير الزور السورية , حيث أكد ناشطون سوريون خبر إعدام نحو 700 من أبناء عشيرة الشعيطات السنية - أكبر عشائر دير الزور - والتي بدأت قبل أسبوعين بمواجهة "التنظيم" إثر خرق الأخير للاتفاق الموقع بينمها ، وذلك بعد اعتقال ثلاثة من أبنائها في بلدة الكشكية على يد قواته نهاية يوليو (تموز) الماضي .
إلا أن القوات الأمريكية والغربية تحركت بشكل سريع في العراق , بينما لم تحرك ساكنا في سورية , وما ذاك إلا لاختلاف نوع الدم الذي يسيل هنا وهناك , فما دامت الدماء التي تسيل في سورية هي دماء سنية , فلا داع لتحريك مقاتلة حربية أمريكية أو غربية واحدة , ولا داعي لتسليح من يقاوم سفك ذلك الدم ويحاربه , سواء كان من يسفك هذه الدماء السنية البريئة في سورية نصيري أو رافضي أو حتى سني , أما إن تعرض غير السني لقتل أو حتى اضطهاد , فإن حمية الغرب وشعاراته الكاذبة بحماية حقوق الإنسان ومحاربة "الإرهاب" تظهر على الفور .
فهل هناك أكثر دلالة من هذه المواقف الازدواجية على النفاق الغربي الواضح والفاضح ؟!!