مبشرات سورية
17 شوال 1435
تقرير إخباري ـ المسلم

منذ بداية الثورة السورية قبل أكثر من ثلاث سنوات , وجمهور العقلاء والناشطين والعارفين بطبيعة النظام السوري وطريقة تفكيره , قد حذروا المؤيدين لبشار مرارا وتكرارا بمختلف طوائفهم من مغبة الانجرار إلى خديعة ومكر هذا النظام , مؤكدين أن النظام ليس له هدف ولا غاية إلا المحافظة على كرسي الحكم والامتيازات الاقتصادية والاجتماعية له وللطغمة الحاكمة القليلة من حوله , وأنه لا يكترث بعد ذلك بما سيحل ويحدث لأبناء طائفته وأقرب المؤيدين له , فضلا عن تضحيته بالبلد ومقدراته وأبنائه في سبيل البقاء على سدة الحكم .
وللتأكيد على عدم وجود أي نفس أو صبغة طائفية للثورة السورية , رفع المتظاهرون السوريون منذ البداية شعارهم الشهير "واحد واحد واحد الشعب السوري واحد" , في محاولة لتفويت الفرصة على النظام من استغلال طبيعة تنوع الطوائف في سورية , واستثمار ذلك في تحويل مسار الثورة , من ثورة ضد النظام إلى حرب أهلية طائفية .
إلا أن عوامل كثيرة أدت إلى انجرار كثير من أبناء طائفة بشار – وكثير من الأقليات الأخرى - إلى الانخداع بشعارات النظام , وتهويله من آثار نجاح الثورة السورية والإطاحة بنظام حكمه عليهم , فكانت النتيجة أن وقف كثير من تلك الأقليات إلى جانب النظام , ليكتشفوا بعد ثلاث سنوات صدق ما حذر منه الثوار .
كثير من الحوادث والوقائع أكدت أن النظام السوري لا يهتم بأنصاره ولا بمؤيديه , بل ولا يعمل على إنقاذ حياتهم أو المحافظة عليها , بالإضافة للإهمال الملحوظ لشؤونهم داخل قطعاتهم العسكرية , ناهيك عن التغافل عن نداءاتهم واستغاثاتهم أثناء وقوعهم في الحصار الذي يعني الموت البطيء .
نعم ....لقد ضحى النظام بمؤيديه من الضباط والجنود من جميع الطوائف حين وقعوا في أسر الثوار , بل ورفض جميع مبادرات مبادلة أسراه بالأسرى المدنيين من السوريين , بينما سارعت كل من إيران وروسيا ولبنان إلى مبادلة أسراها بأسرى سوريين داخل سجون النظام , ومن المعلوم أن النظام بادل 2130 معتقلاً بـ48 إيرانياً مرة ، و153 سجينة براهبات دير مار تقلا في معلولا مرة أخرى .
من ناحية أخرى لم يكترث النظام لمئات وآلاف من جنوده ومؤيديه الذين وقعوا تحت حصار الثوار لمدة طويلة , دون أن يستجيب لنداءات استغاثاتهم ومطلبهم بإنقاذ حياتهم , من خلال السماح لهم بالاستسلام أو حرية التصرف للنجاة بأنفسهم .
لقد كانت جميع الوقائع تشير بوضوح إلى استخدام نظام بشار لأتباعه ومؤيديه – ومن بينهم الطائفة النصيرية – كوقود لبقائه على سدة الحكم , وتقديمهم كأضحية على مذبح كرسي الملك وشهوة الحكم , كما كانت تلك الحوادث كفيلة بتغيير هذه الأقليات لموقفها تجاه هذا النظام , والعمل على إزالته إذا كانت تريد العيش بسلام , إلا أن ذلك لم يحدث فعليا إلى الآن , إلا أن بوادره قد تكون تلوح بالأفق على ما يبدو , مما يبشر بوقوع الخلاف والشقاق بينهم كتمهيد لهزيمة النظام وزواله .
ففي تطور جديد ولافت على الساحة السورية ، وعقب سخط كبير إبّان أعداد القتلى الكبير في صفوف قوات النظام وميليشياته خلال الـ45 يوماً الماضية ، ساد الفئة الموالية للنظام سخط كبير ، وبات واضحاً للعيان ، خصوصا بعدما ظهر على صدر صفحاتهم في مواقع التواصل الاجتماعية - مثل تويتر وفيسبوك - مستنكرين في الوقت ذاته التراجع الكبير والأخير لقوات النظام أمام الثوار في عدة مناطق في سوريا ، أهمها القلمون وريف حماة وريف حمص وريف دمشق.
وأفادت مصادر عن إطلاق ناشطين من الطائفة النصيرية حملة ، تحت مسمى "صرخة"، ، تعبيراً من الطائفة عن الاستنكار لسياسة النظام في التحكم في أبناء طائفته النصيرية وتوجيهيهم إلى مرامي القتال ضد الثوار على الجبهات الأولى ، في حين ينعم آل الأسد وحاشيته بعيش كريم آمن .
وتداول ناشطون سوريون عبر مواقع التواصل الاجتماعي ، صوراً نشرت على الصفحة الرسمية لحملة "صرخة" على (فيسبوك)، تظهر أوراقاً ولافتات ، كتب عليها عبارات : "الكرسي إلك والتابوت إلنا" و "الشارع بدو يعيش" ، في إشارة إلى تمسك بشار الأسد ومن معه بالسلطة ، وجعل الطائفة النصيرية وقوداً لحربه في سوريا .
وقد تم توزيع مناشير مطبوعة كبداية لعمل الحملة في مدينة طرطوس الموالية للنظام , وخاصة للخسائر التي تتكبدها المدينة والريف من خسائر في صفوف أبنائهم المتطوعون في جيش النظام وميليشياته , من لجان الدفاع الوطني واللجان الشعبية .
وبغض النظر عن مصداقية الأرقام الكبيرة التي أوردها ناشطوا هذه الحملة لضحايا جنود النظام وأتباعه في المعارك الدائرة منذ أكثر من ثلاث سنوات "330 ألف حسب زعمهم" , إلا أنها تعكس مقدار التذمر من أهالي القتلى التي تتزايد ضد نظام بشار .
وعلى الرغم من عدم وجود مصدر موثوثق لتلك الأنباء التي تشير إلى تزايد الخلافات على ساحة الطائفة النصيرية والعائلات الكبرى ، وخاصة في مدينة القرداحة مسقط بشار الأسد وعدة مناطق أخرى , وذلك عقب تشييع مئات المقاتلين في الأيام الأخيرة في تلك المدن والقرى , التي كانت تعد من أكبر الخزانات البشرية لشبيحة النظام السوري , إلا أن ذكرها وإيرادها - دون التعويل عليها وحدها في تحقيق النصر المنتظر من الله وحده – قد يكون لا بأس به من باب تذكير الجميع بقوله تعالى : { وَلَا تَهِنُوا فِي ابْتِغَاءِ الْقَوْمِ إِنْ تَكُونُوا تَأْلَمُونَ فَإِنَّهُمْ يَأْلَمُونَ كَمَا تَأْلَمُونَ وَتَرْجُونَ مِنَ اللَّهِ مَا لَا يَرْجُونَ وَكَانَ اللَّهُ عَلِيمًا حَكِيمًا } النساء/104