"سلخ" غزة من جديد
12 رمضان 1435
خالد مصطفى

كل عام أو عامين نستيقظ على سلخ الجزار الصهيوني المجرم لضحيته في غزة عن طريق الصواريخ والطائرات التي تمنحها له دول "حقوق الإنسان"! التي تتباكى على موت "ثعلب" أو "دارفيل" نادر الوجود وتنشئ من أجله الجمعيات التي تدافع عن حق الحيوان في الحياة..

 

فما بالكم بحق الإنسان! ولكن يبدو أن المسلمين والعرب خرجوا من توصيف الإنسان في المفهوم الغربي الحديث فالقتل يستشري فيهم شرقا وغربا ولم نسمع عن قرار أممي أو دولي يدافع عنهم أو يمنع قتلهم ويدين جلاديهم...غزة تشهد الآن حملة واسعة يشنها الاحتلال الصهيوني تحت دعاوى مختلفة بدأت بمسألة خطف المستوطنين اليهود ثم العثور على جثثهم ثم تم قتل صبي فلسطيني من قبل مستوطنين وتم اعتقال المئات من الناشطين الفلسطينيين رغم عدم تبني أي فصيل من فصائل المقاومة المعروفة للعملية وأصر الاحتلال على تحميل حماس مسؤولية العملية إلا أنها نفت ذلك ولم تستبعد مصادر مختلفة أن تكون العملية مرتبة من الاحتلال لتبرير هجوم واسع على غزة وهو أمر اعتاده الاحتلال بين حين وآخر لأسباب من أهمها عدم منح المقاومة فرصة طويلة لترتيب الصفوف والتقاط الأنفاس وتحضير الخطط الملائمة لشن هجمات, ومن بين هذه الأسباب أيضا إرباك الشعب الفلسطيني وإلهائه بالخراب والقتل والدمار عن المطالبة بحقوقه وإذلاله بالحصار والتجويع للأسف بمساعدة أطراف عربية...

 

في هذه المرة يمكن أن تضاف للأسباب الهامة لشن هذه العملية الواسعة الرد على تشكيل حكومة موحدة بين حماس وفتح من جديد بعد فرقة وانفصال لسنوات عديدة وهو ما لم يكن على هوى الاحتلال أو هوى داعميه في الغرب الذي اعتبر الحكومة الجديدة ضد الاستسلام للشروط الصهيونية خلال المفاوضات التي تجريها السلطة مع الاحتلال منذ سنوات ولم تصل لشيء حتى الآن..الهجوم الصهيوني الذي اقتصر حتى اللحظة على الغارات الجوية والمدفعية الثقيلة يبدو أنه يمهد الأرض أمام غزو بري لتنفيذ عدة ضربات للمقاومة في غزة وهو ما جعل الاحتلال يستدعي 40 ألف من قوة الاحتياط...هذه المرة بدت فيها المقاومة أكثر صلابة وأكثر استعدادا وشنت هجمات صاروخية قاسية وعنيفة وصلت للعمق الصهيوني في حيفا و"تل أبيب" كما استهدفت مواقع للاحتلال في القدس المحتلة...

 

الروح العالية التي أظهرتها المقاومة منذ بدء الهجوم الصهيوني ترسل رسائل هامة للعالم أجمع بما فيه العالم العربي الذي ما زال يبحث عن "طرق تفاوضية" لتقليل عدد القتلى والجرحى والدمار وليس منعه!...المقاومة الفلسطينية رغم الأوضاع الصعبة التي تمر بها والعزلة التي تحاول دول مجاورة أن تفرضها عليها لأسباب لا تتعلق في معظمها بها, وما تعانيه من قلة الدعم وانشغال العالم العربي بأزمات ومعارك في أكثر من بقعة إلا أنها لم تظهر استسلاما أو تراجعا عن مواقفها الشامخة حيث توعدت برد مزلزل , وأكدت أن "الاسرائيليين" في كل مكان أصبحوا هدفا لهجماتها....

 

إن شموخ المقاومة الفلسطينية ومن قبلهم ثوار سوريا والعراق يغير قواعد اللعبة التي يراد فرضها بالقوة على المنطقة عن طريق الصفقات المشبوهة التي تسمح باستضعاف فئات معينة لمصلحة دول غربية وإقليمية نافذة.