حرية الكفر وقمع الإيمان!
29 شعبان 1435
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

في ظل المعايير المزدوجة التي تعيشها العقلية الغربية على المستوى السياسي والاجتماعي والثقافي أصبح من المعتاد أن ترى أمورا غاية في التناقض وإثارة العجب والدهشة؛ ففي الوقت الذي تدافع فيه هذه العقلية عن إحدى النساء المرتدات عن الإسلام في السودان والتي حكم عليها بالإعدام طبقا للقانون السوداني والشريعة الإسلامية وتضغط بكل ما أوتيت من قوة على النظام السوداني الذي يعاني بشدة من الحصار والأزمات المفتعلة والمؤامرات الداخلية والخارجية؛ من أجل إطلاق سراحها والسماح لها بالسفر للخارج نجد نفس العقلية تكتفي بالشجب والاستنكار أمام أحكام تعسفية بالإعدام على مئات النشطاء في مصر في سابقة تاريخية لم تشهدها البلاد من قبل ومع وضوح الدوافع السياسية في المثال الثاني وانتفائها تماما في الأول إلا أن الغرب المدافع عن حرية "التعبير والديمقراطية" ـ على حد زعمه ـ كان أسدا مع نظام البشير نعامة مع أنظمة أخرى تمارس الاستبداد الممنهج وتخرج تصريحات غربية تعبر عن قلق أو إدانة ولكنها لا تمارس ضغوطا من اي نوع من اجل الإفراج عن هؤلاء لأنهم ببساطة من التيار الإسلامي والحرية لهم غير ملزمة للغرب اما حرية الردة والكفر بالإسلام فهي الحرية التي يدافع عنها الغرب ويبجلها ويعمل على تنفيذها بحذافيرها...

 

لقد تم الإفراج عن السودانية المرتدة إثر إلغاء الحكم بإعدامها  بعد أيام من المطالبات الغربية وبعد خروجها على ذمة القضية أرادت السفر إلى الولايات المتحدة خلافا للقانون الذي يلزمها بالبقاء حتى نهاية التحقيق والمحاكمة..

 

وبعد إلقاء القبض عليها للمرة الثانية تم الإفراج عنها لكي تلجأ للسفارة الأمريكية ومعنى هذا أنها خرجت من سيطرة الحكومة السودانية ولا تستطيع القبض عليها أو محاكمتها لأن السفارات الأجنبية أراضي تابعة لدولها بحسب القانون الدولي..لم نسمع من الأفواه والأقلام المتشدقة بالاستقلالية والوطنية انتقادا لهذا المسلك ولو حدث ذلك من داعية إسلامي حكم عليه بالإعدام في يوم أو يومين دون سماع دفاعه لقامت الدنيا ولم تقعد حول العمالة للغرب ولأمريكا...الاستقلال عند هؤلاء هو استقلال التبعية, والحرية هي حريتهم فقط في الهجوم على المخالفين لتبعيتهم ومصالحهم أما الآخر فلا حق له ما دام خارج منظومتهم الفاسدة...هم تربوا على هذه المعايير على أيدي أساتذتهم في الغرب الذين يمارسونها ليل نهار في العالم أجمع أما التلامذة فيمارسونها على نطاق ضيق محليا...

 

الغرب الآن يمارس أبشع صور العنصرية عندما يمنع الحجاب ويعاقب من ترتديه بالفصل من وظيفتها بدعوى حماية القيم العلمانية وكأن هذه القيم تم اكتشافها فجأة ولم تكن موجودة منذ سنوات أو كأن هذه القيم البشرية التي تتبدل كل يوم حسب الأهواء ومصالح جماعات الضغط أهم من القيم الدينية التي تفرض على المسلمة ارتداء ما يستر عورتها..

 

لقد أصبح الستر يخالف القيم الغربية المستنيرة التي يدافع عنها بعض "أراجوزاته" في عالمنا العربي الذين يهاجمون الحجاب ويعتبرونه تخلفا! ويزعمون أنه من قيم البادية الدخيلة على الإسلام, في حين أن العري أصبح من قيم الحرية ومن العيب الإشارة إليه بسوء أوتوجيه اتهامات لأصحابه بالخروج عن الشرع والدين ومطالبتهم بمراعاة شعور المجتمع المسلم..يتعرض المسلمون في مختلف بقاع الأرض للاضطهاد والقتل من سريلانكا للفلبين لتايلاند لبورما لأفريقيا الوسطى لتركستان الشرقية والدماء تنزف بغزارة منذ سنوات وأشهر وأيام ومع ذلك لم نر تحركا حاسما في اتجاه وقف هذه الانتهاكات أما إذا مس أحد شعرة في جنب "مسيحي" أو بوذي أو يهودي فهنا تبدأ الضغوط والعقوبات والتهديدات شديدة اللهجة...

 

لقد أصبح النظام العالمي أضحوكة وانكشفت عورته أمام الشعوب الضعيفة المغلوبة على أمرها ولم يبق سوى تشييعه إلى مثواه الأخير.