هل تتورط أمريكا في العراق مجددا؟
19 شعبان 1435
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

جاءت الاحداث التي شهدتها العراق مؤخرا بعد الهجوم المفاجئ لثوار العشائر ضد جيش المالكي الذي فر مذعورا وترك الشمال خاليا تماما في أيدي الثوار السنة الذين يطالبون بمنحهم حقوقهم المشروعة كمواطنين, لتعيد أمريكا مرة أخرى كلاعب أساسي في العراق بعد أن كانت سحبت معظم قواتها وعزلت البقية الباقية داخل قواعد عسكرية بعيدة عن المواجهات المباشرة مع المقاومة وتركت هذه المهمة لقوات أو قل لمليشيات المالكي النظامية المدعومة من مليشيات شيعية غير نظامية وقوات الصحوات التي شكلتها بعد الغزو من بعض العشائر ...

 

أمريكا كانت وصلت في ظل حكم الرئيس الديمقراطي باراك أوباما إلى نتيجة مفادها أن حكم العراق يكون بايدي الشيعة بدعم من إيران على أن يحفظ هذا الحكم مصالحها البترولية كاملة مع وجود عدد من القواعد العسكرية لمواجهة أي ظروف طارئة في المنطقة ولكن الهجمات المفاجئة لقوات العشائر السنية والانتصارات التي حققوها على مليشيات المالكي في وقت قصير أربكت الحسابات الأمريكية بشدة فرغم أن واشنطن كانت ترى أن المالكي بالغ في طائفيته وتهميش السنة وأن ذلك سيؤدي إلى توتر المنطقة في غنى عنه في ظل ما تموج به من أحداث إلا أنها لم تكن تتوقع أن ينهار جيشه الذي  أنفق عليه المليارات من بترول العراق وتحت إشرافها بهذه السرعة رغم سنوات التدريب الطويلة والدعم العسكري الكبير الذي حصل عليه من الغرب لكي يتمكن من مواجهة المقاومة...

 

رد الفعل الأمريكي لا يختلف عن رد الفعل الإيراني وهو ما يؤكد أن المالكي يحظى بدعم من أمريكا وأن ممارساته الطائفية مرت بموافقتها بشكل أو آخر وأن واشنطن متورطة تماما في الجرائم التي ارتكبها المالكي طوال السنوات الماضية ضد أهل السنة مثلها مثل إيران...أمريكا تحفظت في البداية حول التنسيق مع إيران لمواجهة الواقع الجديد في العراق ولكن ومع سرعة تقدم الثوار وعدم بروز ما يشير في الأفق إلى أن المالكي قادر على مواجهتهم تخلت أمريكا عن تحفظها وترددها وأكدت أنها لا تمانع في التعاون العسكري مع إيران بشأن ما يجري في العراق وخفت لهجة النقد لسياسات المالكي الطائفية مع تزايد الهجوم على  ما يسمى بـ"الإرهاب" في محاولة لنزع الشرعية عن مطالب السنة المشروعة وحقيقة أن الكثير من المقاتلين  لا ينتمون لداعش أو غيرها بل هم من ثوار العشائر الذين خرجوا انطلاقا من دعوات الأهالي لهم للدفاع عن المدن والأعراض التي ينتهكها المالكي وقواته...

 

أمريكا أعلنت أنها سترسل عددا محدودا من القوات إلى بغداد لجس النبض! ولم تستبعد توجيه ضربات جوية ضد الثوار عن طريق طائراتها التي تسير بلا طيار وهي الهجمات التي تنفذها في اليمن وباكستان وأثارت العديد من الانتقادات الداخلية..في نفس الوقت بدأ مقاتلون شيعة من إيران يتدفقون على العراق بدعوى "الدفاع عن عتباتهم المقدسة"!مع صمت تام من أمريكا ومن الغرب بشأن هذا التدفق الذي سيؤدي إلى إشعال حرب طائفية في العراق رغم إصرار الثوار على أن حربهم هي من أجل حقوقهم المشروعة وأنهم مع العراق الموحد لكل أبنائه دون تفرقة وأن المالكي هو من أصم آذانه طوال الفترة الماضية عن سماح شكواهم...إن أمريكا تخشى التورط في العراق بقوات كبيرة على الأرض خوفا من الخسائر التي ذاقتها من قبل وعلى الأغلب أنها ستترك المهمة لإيران والمليشيات الشيعية التي يمكن أن تأتي من كل مكان وستغض الطرف عن ذلك وستكتفي بضربات عن بعد...

 

إن ما يجري في العراق أرسل مجموعة من الرسائل الهامة للعالم الخارجي عن معادلات القهر والاضطهاد التي أصبحت سائدة في الواقع العربي تحت لافتات مزيفة, وأن هذه الآفة لا يمكن أن تستمر لطائفة ما أو لفئة ما للأبد دون أن تتفجر الأوضاع وعندما يحدث ذلك لن تكون الأمور دائما تحت السيطرة.