العدو الحقيقي الأول لإيران
1 ربيع الثاني 1435
تقرير إخباري ـ المسلم

لم يكن ما صرح به السفير الأميركي السابق "فرِد هوف" نقلا عن مسؤولين إيرانيين من اعتبار إيران السعودية عدوها الأول وليس "إسرائيل" ، لم يكن أمرا مفاجئا أو كاشفا لشيء غير معلوم أو مجهول , فالعداء الرافضي لأهل السنة عموما وللمملكة السعودية خصوصا معروف و مفضوح .
وإنما الشيء الجديد في كشف "هوف" عن وجود إجماع لدى المسؤولين الإيرانيين رفيعي المستوى - ممن عقد معهم مؤخرا جلسات معروفة بـ"المسار الثاني" – "من كون العدو الحقيقي هو السعودية، داخل سوريا وخارجها"، بحسب ما أوردته صحيفة "الرأي العام" الكويتية , الجديد فيه هو هذا التصريح العلني لهذه العداوة التي كانت عبر عقود من الزمان مخفية , مما يعني أننا في مرحلة إنهاء حالة العداء العلني الشكلي بين اليهود والأمريكان من جهة والصفويين من جهة أخرى , وإظهار العداء الحقيقي الرافضي لأهل السنة بعد عقود من إخفائه تقية .
إن تاريخ الشيعة الرافضة القديم والحديث يؤكد وجود عداء غير مبرر ولا مفهوم لأهل السنة رغم زعمهم بأنهم مسلمون , فالتاريخ شاهد على خيانة ابن العلقمي الشيعي وزير المستعصم الذي سهل دخول التتار إلى بغداد وإسقاط الخلافة الإسلامية فيها , كما أنه شاهد على مساعدتهم الصليبيين لاحتلال بيت المقدس أيام وجود دولتهم الفاطمية بمصر , ناهيك عن محاولاتهم المتكررة لاغتيال صلاح الدين الأيوبي .
وهل ينسى التاريخ فعلة القرامطة الباطنية النكراء بالحرم المكي عام 317 هجرية , حين روعوا الآمنين وقتلوا 30 ألفا من الحجاج ودفنوهم في بئر زمزم , وسرقوا الحجر الأسود الذي بقي عند القرامطة بمدينة "هجر" حوالي 22 عاما .
وإذا كان تاريخهم القديم حافل بكل هذا الحقد وتلك الكراهية الشديدة لأهل السنة , فإن تاريخهم الحديث لا يقل عدوانية ودموية , فجرائمهم بسنة إيران لا تخفى على أحد , ومساعدتهم لأمريكا بدخول أفغانستان والعراق معلوم مشهور , وكذلك تحالفهم مع بشار والمالكي ضد أهل السنة في العراق وسوريا ولبنان مشاهد ومعلن , وتعاونهم مع الشيطان الأكبر والأصغر ضد المسلمين السنة في كل مكان مفضوح وملموس .
وإذا كان عداؤهم لأهل السنة عموما حافل بالأمثلة القديمة والحديثة فإن عداءهم للحجاز والجزيرة العربية أشد , نظرا لكون الفاتحين العرب المسلمين أيام الخلافة الراشدة لبلاد فارس كانوا من الحجاز , الذين أسقطوا إيوان كسرى وعرشه , وأطفئوا نار المجوس المقدسة للأبد , وصلوا صلاة الفتح في قصر كسرى الأبيض بالمدائن , الأمر الذي جعل الحقد في نفوس الفرس الجدد مضاعف على أهل بلاد الحرمين .
ورغم المحاولات المتكررة من الرافضة في إيران وحلفائها لتصوير وإظهار خلافها وعدائها للمملكة السعودية سياسيا فحسب , إلا أن الوقائع والأحداث التاريخية المعاصرة تشير إلى خلاف ذلك , وتؤكد وجود دلائل وعلامات العداء العقدي المزمن الذي يشوب تلك العلاقة من ناحية إيران .
لقد أشار السفير الأمريكي "هوف" إلى أن أحد المسؤولين الإيرانيين اعتبر أن السعودية تزداد أهميتها يوما بعد يوم في حسابات إيران , وذلك نظرا للخلاف القائم بينهما حول طريقة إنهاء الأزمة السورية تحديدا , فبينما تصر المملكة على إنهاء حكم بشار , ترى إيران في بقائه مصلحة استراتيجية , حيث يمثل بالنسبة لها حجر الزاوية في بقاء نفوذها في المنطقة , بل إنه لا خلاف داخل إيران بين السياسيين والعسكر في كون سوريا أهم بالنسبة إلى إيران من خوزستان ، المحافظة الإيرانية الجنوبية الغربية الغنية بالنفط وذات الغالبية السكانية العربية .
ولا يخفى تقارب وجهات النظر الأمريكية الإيرانية في المسألة السورية , حيث المصلحة المشتركة بينهما في "إلحاق الهزيمة بالتحدي السعودي للولايات المتحدة" حسب تعبير "هوف" نقلا عن مسؤولين إيرانيين , كما لا يخفى التقارب الإيراني الأمركي في بقاء المالكي على رأس السلطة في العراق , مما يشير بوضوح لمؤامرة صفوية غربية لإنهاء وجود أهل السنة في المنطقة , أو إضعافها بشكل كبير أمام طهران على أقل تقدير .
لقد بات القاصي والداني يعلم بحقيقة كون السعودية هي العدو الأول لإيران من خلال تصرفاتها وأفعالها , وليس "إسرائيل" كما تدعي من خلال أقوالها وتصريحاتها النارية , وقد أكد ذلك الدكتور محمد آل زلفة أستاذ التاريخ في جامعة الملك سعود حيث قال : "منذ ثورة إيران وهي تنظر إلى السعودية كعدوة أولى ، أما العداء لإسرائيل فهو غطاء فقط " .
وقد أشار "آل زلفة" إلى أن إيران محتلة لأرض عربية كما "إسرائيل" تحتل أرضاً عربية، ومع أن روحاني ذهب إلى واشنطن ودافوس وتكلم بلغة ناعمة، لكن ذلك لا يغير من السياسة الإيرانية.
وبعيدا عن مصالح أمريكا والغرب من وراء تأجيج الصراع السني الشيعي في المنطقة , فإن إعلان إيران على الملأ من هو في الحقيقة عدوها الأول والأبرز , يوجب على الدول العربية والإسلامية – وخاصة الخليجية – المسارعة إلى توحيد الصفوف وجمع الكلمة , وإيجاد تحالف أمني وعسكري فاعل وسريع لمواجهة هذا التحدي الخطير قبل فوات الأوان .