لمصلحة من خنق الإسلاميين؟
21 ذو الحجه 1434
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

الحالة التي تعيشها معظم الدول العربية والإسلامية وامتدت بعد هجمات سبتمبر إلى الدول الأوروبية وأمريكا من التضييق على الإسلاميين ومحاصرتهم والنظر بارتياب لهم وكأنهم مخلوقات من كوكب آخر واستعداء الإعلام عليهم, لها تداعيات خطيرة على الأمن القومي والسلم الاجتماعي والتطور الاقتصادي والسياسي لهذه الدول..

 

لا يمكن لأي مجتمع أن ينمو في ظل تفاقم هذه الحالة العجيبة من التضييق والملاحقة والسجن والاعتقال تحت ذرائع واهية وخصوصا أن الدول العربية والإسلامية في أغلبها تعاني من أزمات خانقة على كل المستويات ولا يمكن أن تستمر حالة استعداء بعض أبناء الشعب على البعض الآخر بهذا الشكل وتنشأ نهضة اجتماعية وثقافية واقتصادية ويشعر المواطنون بالأمن والسلام والرخاء....

 

إن الإسلام جزء أصيل من عقيدة هذه الشعوب وهو يختلف عن بقية الأديان السماوية في أنه لا يقتصر على الأمور التعبدية المحضة من الصلاة والصيام والحج ولكن يشمل جميع مناحي الحياة وينظمها بشكل فريد ومحاولة إجبار الشعوب على فهم مغلوط للإسلام باستخدام مشايخ ودعاة يسيرون في ركاب السلطة لن يؤدي إلى تهدئة الأوضاع أو تغير المفاهيم بقدر ما سيؤدي إلى حالة من الشقاق والابتعاد عن المؤسسات الدينية الرسمية كما كان يحدث قبل ثورات الربيع العربي وهو ما ينذر بعواقب وخيمة على المجتمع ككل ..

 

لقد كان من ضمن أهداف ثورات الربيع العربي إطلاق حريات العمل السياسي والدعوي والكف عن استخدام السلطة لأدوات القمع من أجل البقاء في السلطة لفترات طويلة وهو ما قطع الطريق على الأفكار التي تدعو لاستخدام العنف داخل التيار الإسلامي بدعوى أن السلطة لن تسمح بحرية الدعوة وتطبيق الشريعة بالطرق السلمية..لقد انضمت فئات كثيرة لركب العمل السلمي السياسي وأعلنت تخليها عن العنف حتى قبل ثورات الربيع العربي بعد أن تبين لها أن الصدام مع السلطة سيحيق الضرر بالمجتمع ككل ولن يؤدي إلى المصالح المشروعة التي كانت ترنو إليها ومع الثورات انضمت فئات جديدة وانحسر العنف في بقاع كثيرة وفقد مروجو هذه الأفكار حجتهم وبدأوا في تغيير لهجتهم وقل عدد مريديهم..

 

إن الذين يريدون إشعال النيران بين السلطة في البلاد العربية والإسلامية والتيارات الإسلامية التي لا تتبنى العنف وتعلن صباح مساء أنها مع العمل الدعوي والسياسي السلمي وفي إطار القانون يريدون أن يهدموا هذه المجتمعات ولا يهمهم إلا مصالحهم والوصول إلى الكراسي والحصول على مكاسب دنيوية رخيصة ولو على حساب سكب دماء الأبرياء....

 

إن حصر التطرف في التيار الإسلامي والمنتمين إليه افتراء واضح وتكذيب للواقع المشاهد الذي بيبن أن تيارات علمانية ودينية عديدة عندها من الأفكار والأفعال المتطرفة ما يهز كيان الدول والمجتمعات الإسلامية فهؤلاء منهم  من  يحرضون على قتل المتظاهرين السلميين ويرمونهم بالإرهاب ويصفونهم بالخوارج ومنهم الذين يهاجمون الإسلام وشريعته ويسخرون من النقاب واللحية ويرفضون شريعة الإسلام ويستهزؤون باحكامها, ومنهم الذين يبررون قتل النساء والأطفال بحجة أنها ضريبة بناء المجتمع ويستدل بالحروب العالمية وحرب فيتنام, ومنهم من يريد إغلاق المساجد ومنع الصلاة فيها ومنهم من كون مليشيات مسلحة وقتل وعذب أعضاء التيار الإسلامي مستبيحا ذلك ومكفرا لهم وواصفا إياهم بالخرفان...

 

إلى متى ستظل هذه الحالة العبثية؟ ألن نتعلم من دروس التاريخ أم سنظل ندور في حلقة مفرغة تاركين بلادنا تهوي إلى الحضيض بسبب تكبر البعض وتسلط البعض الآخر وعدم الإيمان الحقيقي بضرورة تحقيق العدل التام حتى تستقيم الأمور؟!

 

إن فقدان لغة الحوار واللجوء للحلول الأمنية سيؤدي حتما إلى عنف مضاد على أقل من بعض الأفراد الغير منضبطين في التيار الإسلامي السلمي, كما سيحرم الوطن من الاستفادة من بعض أبنائه المخلصين..إن الذي يرى الصراع الذي المستمر منذ عقود بين السلطة والإسلاميين سيجد أن الخاسر الأكبر هو الوطن.