شؤون سورية
5 ذو الحجه 1434
د. محمد العبدة

( 1 )
دروس التاريخ

   مع ابن تاشفين
عندما اجتمع ملوك الطوائف في الأندلس ( لكل ملك مدينة أو مدينتان ) وتدارسوا قضية ايقاف الزحف الاسباني النصراني عليهم وجدوا أن لا محيد لهم الا بالإستنجاد بأمير دولة المرابطين يوسف بن تاشفين ، استجاب يوسف لهذا الأمر لأنه اعتبر هذا واجباً دينياً ، وجاء إلى الأندلس من عاصمته مراكش واشترط عليهم أن تكون له القيادة العليا للجيوش جميعاً واستعد يوسف للمعركة ، وكان ملك قشتالة ( الفونسو السادس ) محاصراً لمدينة سرقسطة ، ولكنه رفع الحصار عنها واتجه مندفعاً نحو الجنوب لمحاربة ابن تاشفين .

 

التقى الجيشان في مكان اسمه الزلاقة قرب مدينة بطليوس ، أرسل (الفونس ) الى ابن تاشفين يقول : " غداً الجمعة وهو عيدكم ، وبعد غد السبت وهو عيد اليهود ثم بعدهما الأحد وهو عيد النصارى ، فليكن لقاؤنا يوم الإثنين . أجاب ابن تاشفين بالقبول ولكنه كان يشك في نوايا ( الفونس ) واستعد للمعركة كما لو كانت ستنشب يوم الخميس ، وصدق ظنه ، فإن ملك قشتاله كان كاذباً وأخلف وعده ، ونشب القتال يوم الجمعة .

 

كان تخطيط بن تاشفين أن يجعل أهل الأندلس في المقدمة ، وعندما تزعزعوا دخل بجيوشه وبعشرة آلاف من أنجاد رجاله كان قد خبأهم وراء تلة مشرفة على المعركة
انهزم الاسبان هزيمة منكرة وقتل منهم الآلاف ، وعاد يوسف إلى عاصمة مراكش ، وترك لمسلمي الأندلس جميع الغنائم .

مع صلاح الدين
واجه السلطان صلاح الدين في بداية حكمه موقفين  : الصليبيين من جهة والدويلات التي تمزق البلاد من الداخل من جهة اخرى وبدأ بعلاج الداخل
وبعد عشرين سنة تقريباً وفي سنة 583هـ حاصر صلاح الدين مدينة طبرية ، وتجمع الصليبيون من أطراف البلاد واندفعوا نحو طبرية ( وهذا ما كان صلاح الدين يريده أن يلقاهم في المكان الذي اختاره هو )

 

وفي سهل حطين ، وفي شهر من أشهر الصيف الحارة بدأت المعركة ، وخلال  يومين تم النصر وقضى صلاح الدين على الجيش الصليبي . لم يتباطأ صلاح الدين بعد هذا النصر ليقيم المهرجانات ، ويملأ البلاد بالاستعراضات ولم يوزع الأوسمة على المقربين ، بل قسّم جيشه فرقاً ونشرها في البلاد ، وفي مدى أربعة أشهر فقط ، فتحت هذه الفرق التي بثها صلاح الدين : عكا ، الناصرة ، قيسارية ، حيفا ، صفورية ، الشقيف نابلس ، يافا ، صيدا ، بيروت ، جبيل ، عسقلان ، الرملة ، غزة ، الخليل بيت لحم ، . ثم حاصر القدس في العشرين من رجب في العام نفسه 583 وبعد اسبوع من الحصار طلب الإفرنج الاستسلام على شروط يضعها صلاح الدين .

الحرب الخرساء
( 2 )

يتفرج الغرب الأوروبي والغرب الأمريكي ، بل العالم ـ الا قليلاً ـ يتفرجون على سورية وهي تمزق أوصالاً ، وكأنه لا مانع عندهم من فناء هذا الشعب رجالاً ونساءً وأطفالاً ، إنها حرب خرساء على الشعب السوري زيادة على الحرب بالطائرات والدبابات التي يمارسها النظام المجرم ، وعندما استخدم هذا النظام السلاح الكيماوي قامت قيامة الغرب  ( ظاهرياً ) ثم تراجعوا بشكل سريع ومفاجىء ، وبدأ التهرب من الوعود دون حياءٍ أو خجل وما ان سمعوا بالاقتراح الروسي حتى هرولوا إليه مسرعين وكأنه قد جاءهم الفرج ، ليس غريباً الموقف الغربي فالذين يقتلون ويسجنون في سورية هم من أهل السنة ليس غريباً ولكنه يدل على مدى الانحطاط الأخلاقي والإنساني الذي انحدرت اليه هذه الدول بل ومدى ضعف الوازع الإنساني عند الشعوب أيضاً فقد كان في الغرب قادة عندهم قرار كالجنرال ديغول والرئيس أيزنهاور عندما أمر بريطانيا وفرنسا وإسرائيل بالإنسحاب من مصر عام 1956 م مهما كانت المبررات لذلك ولكنه قرار شجاع .

 

هذا الغرب له مواقف لينة مع ايران التي تُصنّع النووي وتشارك في قتل الشعب السوري ، ومن عقائد مذهبها وفتاوى ملاليها قتل المسلمين السنة  ( النواصب ) وسلب أموالهم كما جاء في كتبهم ، ولم يصنف الغرب ايران كدولة ارهابية ، مع أنها هي التي تغذي كل المجموعات المخربة في العالم العربي وهي تهديد حقيقي ليس لجيرانها العرب ، بل للإنسانية ككل ، ولماذا لم يصنف الغرب المسمى ( حزب الله ) كحزب ارهابي وهو الذي يمارس الارهاب والقتل والاغتيال علناً وسراً .

 

سؤال كبير يثير الاستغراب والتعجب، ولكن التفسير ليس صعباً ، فالعلاقات الإيرانية الاسرائيلية والأمريكية الجيدة لا تتيح للغرب أن يصنفها كدولة ارهابية ، الغرب يعلم أن ايران مستعدة لتقديم أي خدمة له مقابل السكوت عن أطماعها ونفوذها في المنطقة .
هذا هو الغرب وموقفه من السنة ( وهو يعلم حقيقة الفرق بين السنة والشيعة ) ولكن ما بال الدول العربية والعالم الإسلامي لماذا هذا السكوت أيضاً عن إبادة الشعب السوري وحصاره وتجويعه ، هذا سؤالٌ ربما يحتاج جوابه إلى مجلدات وليس مقالاً قصيراً .
نحن لا نمارس الشكوى أو البكاء على حالنا ، فشباب الثورة الذين يجاهدون على الأرض السورية لم يقصروا في الدفاع عن الدين والمال والعِرض وعن حرية الإنسان وكرامته ، فهل يُتركون لوحدهم أمام نظامٍ عاتٍ يتلقى المال والسلاح من إيران وروسيا .
إن من واجب المسلمين في كل مكان مناصرة اخوانهم في سورية فالمعركة كبيرة وهي دفاعٌ عن الجميع .