تونس: الرباعية تغتال مبادرتها بالانحياز للمعارضة الراديكالية
23 ذو القعدة 1434
عبد الباقي خليفة

كان يوم السبت 21 سبتمبر تاريخا مفصليا في علاقة، الترويكة الحاكمة ، بمبادرة الرباعية، متمثلة في الاتحاد العام التونسي للشغل، والاتحاد التونسي للصناعة والتجارة ، والرابطة الوطنية للدفاع عن حقوق الانسان، وعمادة المحامين ، حيث خرجت هذه الرباعية عن حيادها المزعوم ، وأعلنت صراحة انضمامها لمطالب المعارضة، من خلال تحميل ، الترويكا، المسؤولية عن عدم التوصل إلى اتفاق ، أو بالأحرى الموافقة على مبادرة الرباعية دون نقاش ودون الدخول في مفاوضات على أساسها. وكانت حركة النهضة قد أعلنت قبولها بالمبادرة وطالبت بالتسريع في انطلاق "حوار وطني جاد يمكن البلاد من الخروج من الازمة السياسية إلى آفاق أرحب تلبي فيها طموحات شعبنا في الحرية والكرامة وما يخدم أهداف ثورتنا المجيدة" . وقد عبرت الحركة في بيان لها الجمعة 20 سبتمبر عن استعدادها التام غير المشروط للشروع الفوري في جلسات الحوار للتوافق حول جميع المسائل المطروحة . ومن بين المسائل التي ترى الحركة ضرورة التعجيل بها "المصادقة على الدستور بوصفه غاية وركيزة للمهمة التأسيسية في أقرب وقت ممكن لا يتجاوز ثلاثة أسابيع. ثم تحديد موعد نهائي لاجراء الانتخابات لا يتجاوز ستة أشهر من تاريخ تأسيس الهيئة المستقلة للانتخابات ، وعلى ضوء ذلك يتم التوافق على رئيس وزراء وحكومة ووزراء جددا مع برنامج عمل".

 

النهضة والترويكة: أعلنت حركة النهضة، وحزبا المؤتمر والتكتل الموافقة على مبادرة الرباعية، كأساس للتفاوض، وجاء في بيان لحركة النهضة بتوقيع زعيمها الشيخ راشد الغنوشي، قبولها للمبادرة " واستعدادها التام غير المشروط للابتداء الفوري في جلسات الحوار الوطني للتوافق حول المسائل المطروحة وخاصة منها التعجيل بالمصادقة على الدستور بوصفه غاية وركيزة للمهمة التأسيسية في أقرب وقت ممكن ، لا تتجاوز ثلاثة أسابيع" ومن ثم "التحديد النهائي لأجل الانتخابات في ظرف لا يتجاوز ستة أشهر من تركيز الهيئة المستقلة للانتخابات، على ضوء ذلك" .

 

وفي بيان مشتكر بين الترويكة الحاكمة، ثمنت الترويكة المبادرة كأساس لتقريب وجهات النظربين الفرقاء السياسيين للتوصل إلى أرضية صالحة للحوار الوطني. وأكدت حرصها على انجاح الحوار من خلال التسريع بانهاء المسار التأسيسي والتوافق حول البديل الحكومي، والوصول إلى انتخابات نزيهة وشفافة في أقرب الآجال. كما أعلن الائتلاف الوطني لانجاح المسار الديمقراطي، والذي عدة أحزاب منها حزب حركة النهضة، وحزب الاصلاح والتنمية ، وحركة البناء المغاربي، وحزب القيم والرقي، وحركة اللقاء، والحركة الوطنية للعدالة والتنمية، وحزب الثقافة والعمل، وحركة الجمهورية، وحزب حركة 17 ديسمبر، وحركة شباب 14 جانفي{يناير} وحزب العمل والاصلاح، وحركة الديمقراطيين الاشتراكيين، عن تحفظه على مبادرة الرباعية التي تشمل مشاوراتها أحزاب المعارضة  وإنما بعض أالاحزاب الراديكالية ، وأن الحوار بهذه الصفة" لا يرتقي إلى مرتبة الحوار الوطني الحقيقي" وأعلن الائتلاف تمسكه بموقفه الداعي"إلى مؤتمر وطني عاجل للحوار يضمن أوسع تمثيلية للأحزاب وللمجتمع المدني لا إقصاء فيه ولا وصاية ولا شروط مسبقة" وأعلن الائتلاف عن رفضه ل" مصادرة مهام المجلس الوطني التأسيسي باعتباره السلطة الأصلية المعبرة عن الارادة الشعبية وتعويضه عمليا بالمنظمات الأربع التي ستكون ،إطارا للتفاوض لحل بقية المشاكل الخلافية التي تعيق إتمام المرحلة الانتقالية ولاسناد الحكومة في مهامها". كما أعلن رفضه عدم تحديد أجل لانهاء حكومة الكفاءات أعمالها في حين تم تحديد توقيت لانهاء عمل المجلس التأسيسي. كما أعلن رفضه للتعسف في تحديد آجال المهام المعروضة ، وغياب التنصيص على هدنة اجتماعية.

 

 إنحياز الرعاة: بعد وضوح رؤية حركة النهضة والترويكة والائتلاف الوطني لانجاح المسار الانتقالي ،رأى الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، حسين العباسي  بأن الترويكا، تعتمد المرواغة لربح الوقت متهما حركة النهضة بالسعي إلى إفشال المبادرة ، وأن بيانها بخصوص المبادرة الرباعية غامض وضبابي ولا يتضمن إرادة واضحة . "إن بيان حركة النهضة غامض وفيه مناورة ومتعدد القراءات " وأنه نسف نصف خارطة الطريق " واتهم الترويكة بالمماطلة وتمييع الحوار على حد قوله وعدم الوصول إلى نتائج .

 

المبادرة  الرباعية التي تم الاعلان عنها في ر17 سبمبر2013 م حددت أول جلسات الحوار بحضور الرؤساء الثلاثة، رئيس الجمهورية، ورئيس الوزراء، ورئيس المجلس التأسيسي، ويتفق فيها على تشكيل حكومة كفاءات ترأسها شخصية وطنية مستقلة لا يترشح أعضاؤها للانتخابات القادمة، تحل مكان الحكومة الحالية التي تتعهد بتقديم استقالتها، وتكون للحكومة الجديدة الصلاحيات الكاملة لتسيير البلاد ولا تقبل لائحة لوم ضدها إلا بامضاء نصف أعضاء المجلس الوطني التأسيسي، ويتم التصويت على حجب الثقة عنها بموافقة ثلثي أعضاء المجلس.

 

وترى قيادات في حركة النهضة ، مثل العجمي الوريمي، وعامر العريض، أن تشكيل حكومة كفاءات وطنية لا يمكن أن تكون بدون الجلوس على طاولة الحوار،كما أن هناك نقاط في المبادرة لا بد من اجراء حوارات حولها، ومن بينها ضرورة استكمال المجلس لمهامه في أقرب الآجال قبل تشكيل الحكومة الجديدة ، وهناك تحفظات حيال تشكيل حكومة لا تقبل ضدها لائحة لوم إلا بامضاء نصف الأعضاء، وحجب الثقة عنها بثلثي الأعضاء، وهو ما لم تتمتع به حكومة منتخبة.

 

ومن المآخذ على المبادرة، هو تحديد عمل المجلس الوطني التأسيسي، بأربع أسابيع، من انعقاد جلسة الحوار الأولى، أي بقطع النظر عن الانتهاء من المصادقة على الدستور من عدمه . وقال القيادي في حركة النهضة نور الدين العرباوي" لا مجال لاستقالة الحكومة قبل المصادقة على الدستور،وأن هناك بعض التحفظات بخصوص ورقة العمل التي قدمتها الأطراف الراعية للحوار الوطني ومنها تخلينا عن القانون المنظم للسلطات لأن الصيغة الموجودة مبهمة وتحتمل التأويلات، وأن المجلس الوطني التأسيسي هو الحل الأمثل لحل كل المشكلات ويجب التنصيص على استمرار مهامه.

 

ويبدو أن الرباعية الراعية للحوار وضعت نصب أعينها استقالة الحكومة، فقد ترددت هده العبارة على لسان حسين العباسي عندما أشار إلى أن تسريب وثيقة عن علم وزارة الداخلية بعملية اغتيال البراهمي كافية لاستقالة الحكومة، وتثنية رئيس الرابطة الوطنية للدفاع عن حقوق الانسان عبد الستار بن موسى بأن " المشكل الكبير اليوم يكمن في مسألة استقالة الحكومة ". وأنه كان المفروض أن تستقيل الحكومة بعد اغتيال البراهمي على حد قوله .

 

لا بديل عن الشرعية : المكلف بالعلاقات مع النقابات في حركة النهضة حمد القلوي اعتبر الرباعية الراعية للحوار منحازة إلى طرف سياسي معين ، وهي بالتالي حادت عن الرسالة التي حاولت القيام بها ، فليس لهذه المنظمات الحق في الحكم على النوايا "وذلك ردا على اتهامات وتخمينات العباسي. وأوضح بأن " حركة النهضة دعت إلى الحوار والجلوس إلى طاولة واحدة لرسم التفاصيل وايجاد الحلول " وأن " المنظمات الراعية للحوار تتبنى قراءة لا يمكن تفسيرها بالرفض أو اغلاق الابواب"

 

وحمل القيادي في حركة النهضة المنظمات الاربع المسؤولية عم نتائج تصريحاتها والتي وصفها بأنها محاولات لتركيع الشعب . ودعاها لما وصفه بالرشد وتحمل المسؤوليات

 

  وقال عضو المكتب السياسي لحزب المؤتمر من أجل الجمهورية طارق المحلاوي، إن الحزب  فوجئ بتصريحات الامين العام للاتحاد العام التونسي للشغل حسين العباسي غير الموضوعية وغير المحايدة في الندوة الصحفية التي انعقدت يوم السبت 21 سبتمبر. وتابع " وددنا لو أن الاتحاد بقي في موقف وسط لكنه أظهر اليوم انحيازه للأطراف التي رفضت المبادرة باشتراطها استقالة الحكومة قبل بدء الحوار وهو ما يعبر ضمنيا عن رفض المبادرة " وأردف " الترويكا قبلت بالخطوط العريضة الكبرى وطالبت بالتفاصيل من خلال الجلوس على طاولة الحوار لكن الامين العام لاتحاد الشغل حمل مسؤولية الفشل للترويكة".

 

رئيس حزب وفاء المحامي وعضو المجلس التأسيسي، عبدالرؤوف العيادي دعا المنظمات الراعية للحوار بأن تهتم بأنشطتها الاجتماعية ، ووصف مبادرة الرباعية أشبه ما تكون بالاملاءات ، وهي تذكر بسياسة بن علي حيث يكون التصويت صوريا لا قيمة له . وطالب المحامين باصلاح القطاع كاشفا عن خروقات وفساد في داخل نقابة المحامين بما في ذلك ترسيم محامين لا يحملون شهادات معترف بها.

 

النائب نجيب حسني اعتبر أن أي حكومة غير منتخبة لا تعد شرعية تحت أي ذريعة أو مسمى كان. كما أن الحكومات طبقا لارادة الصندوق الانتخابي تسقط عبر لائحة لوم من نواب الشعب.والمبادرة غير معقولة وتحديدها لرزنامة عمل المجلس يمثل مهزلة . وطالب المنظمات الراعية للحوار بالعمل على حل مشاكلها . وجدد رفضه ورفض النواب بالمجلس معارضتهم لتشكيل أي حكومة لا تعبر عن إرادة الشعب. مشددا على أن الحكومة يجب أن لا تسلم مهامها إلا لحكومة منتخبة . وأشار إلى أن الدعوة إلى حل المجلس التأسيسي متأتية من التجمعات البائسة للبلطجية في الشوارع تقاضوا مبلغ 30 دينارا  للمشاركة في الاعتصام ولتناول الأرز بالفاكهة .