الإعلام الغربي بين "الإرهاب" السني والشيعي؟!!
22 ذو القعدة 1434
منذر الأسعد

لن نسقي الإعلام الغربي من كأس التحيزات والأحكام المسبقة، التي يسقي أمتنا منها، ليس لأنه لا يستحق ذلك البتة، وإنما لأن ديننا يأمرنا بالإنصاف والشهادة بالحق على الخلق جميعاً، حتى لو كانوا كفرة حربيين.

 

نعترف ابتداءً بأن الإعلام في الغرب يحترم قواعد المهنية ومعايير النزاهة والشفافية، في معظم الشؤون التي يتناولها، باستثناءين اثنين أحدهما بالصمت المريب والكف عن نشر ما يطلع عليه من الحقيقة (كل ما يتصل باليهود بعامة وبالصهيونية بخاصة) والآخر بحجب الحقائق وتقديم بدائل مزورة (كل ما يتعلق بالإسلام والمسلمين).

 

في المضمار الأول، يكفي أن الإعلام في أمريكا وأوربا لا يجرؤ على مناقشة أعداد ضحايا المحرقة النازية لليهود(الهولوكوست) أو عرض معاناة ملايين من غير اليهود تحت سنابك القوات النازية، وذلك حتى تبقى المحرقة المؤسطرة احتكاراً يهودياً صرفاً.

 

في المضمار الموازي، لا نحتاج إلى نبش الأرشيف الغربي المخزي، منذ نشأة الإعلام الحديث حتى وقتنا الحاضر، فيكفي هنا استحضار نوعين من تعامل هذا الإعلام الذي يفقد رصانته ويصبح مدعاة للسخرية، في أي حوار حر ونزيه حول أدائه في القضايا التي تمس المسلمين. ولن نشير إلى أم قضايانا: القضية الفلسطينية فسجل الإعلام الغربي إزاءها لا يقل قبحاً وعاراً عما يفعله الساسة الغربيون من تأييد أعمى للمعتدي الظالم التوسعي، وعداء تختلف درجاته فحسب للضحايا العرب ولا سيما أهلنا الفلسطينيين.

 

لنعقد مقارنة موجزة بين موقف الإعلام الغربي من صدام حسين وعائلة الأسد. وأخرى بين "الإرهاب" السني و"الإرهاب" الرافضي.
صدام حسين في سنة 2003م كان قد خرج من دولة الكويت صاغراً بالقوة ودمرت قدراته العسكرية إلى درجة شبه كاملة، وفرضت دول الغرب عليه منطقتي حظر طيران في شمال العراق وفي جنوبه من غير قرار من الأمم المتحدة.. وقلمت أظفاره نهائياً.. ومع ذلك واصل الإعلام الغربي شيطنته وتصويره على أنه هتلر آخر، وأنه خطر مخيف على الجميع... بالرغم من إذلاله المستمر بلجان التفتيش التي تعمدت التنقيب في غرف نومه..

 

أما طاغية الشام بشار الأسد فلم يصدر قرار دولي واحد بإدانة مجازره المستمرة منذ ثلاثين شهراً، والتي فتكت بنحو 150 ألف سوري، وشردت 8 ملايين من منازلهم، وغيبت نصف مليون في أقبية استخباراته الدموية.

 

الساسة تذرعوا بالموقف الروسي كذباً، ونسوا أنهم فرضوا على العراق حظر طيران من دون قرار أممي، ونسوا أنهم أدبوا الصرب مرتين بعيداً عن مجلس الأمن..

 

فوجئ غير المتابعين بأن الشعوب الغربية ضد نجدة السوريين حتى بعد ضربهم بالسلاح الكيميائي المحظور، والذي رسمه أوباما خطاً أحمر-لإباحة الصواريخ والطيران والدبابات باعتبارها خطوطاً خضراء!!-. السبب هو الإعلام الغربي الذي دأب على تشويه الثورة السورية، بتصويرها على أنها حرب أهلية في أقل الصحف تزويراً، وأنها عبارة عن إرهاب يقوده تنظيم القاعدة لدى الإعلام الأقل حياءً.

 

أما المقارنة بين "الإرهاب" بالمفهوم الغربي بين ما ينسبونه إلى أهل السنة وما يرتكبه الرافضة علناً، فتكفي فيها الأسئلة الآتية، وقد انتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي مؤخراً، ولا يستطيع سياسي ولا إعلامي غربي أن يجيب عن سؤال واحد منها، وهي-بعد تهذيبها والإضافة إليها-:

1- ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻻ ﻳﻮﺟﺪ رافضي ﻭﺍﺣﺪ ﻓﻲ جوﺍﻧﺘﻨﻣﻮ، بالرﻏﻢ من ﺃﻧﻬﻢ ﻳﺼﺮﺧﻮﻥ ﻣﻨﺬ 30 ﺳﻨﺔ ﺍﻟﻤﻮﺕ ﻷﻣﺮﻳﻜﺎ وتسمية إيران في محور الشر وإدراج حزب اللات على قائمة الإرهاب الأمريكية؟.

 

2 ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻻ ﻳﻀﻴﻒ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺍﻟﺠﻤﺎﻋﺎﺕ ﺍﻟﻤﺮﺗﺒﻄﺔ ﺑﺈﻳﺮﺍﻥ ﻋﻠﻰ ﻻﺋﺤﺔ ﺍﻹﺭﻫﺎﺏ، ﺭﻏﻢ ﻛﻞ ﻣﺎ ﺍﺭﺗﻜﺒﺘﻪ ﺍﻟﻤﻴﻠﻴﺸﻴﺎﺕ ﺍﻟﻤﺪﻋﻮﻣﺔ ﺇﻳﺮﺍﻧﻴﺎ ﻓﻲ ﺍﻟﻌﺮﺍﻕ وسوريا ﻣﻦ ﻗﺘﻞﻭﺫﺑﺢ؟

 

3- ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺗﻘﺼﻒ ﺍﻟﻄﺎﺋﺮﺍﺕ ﺍﻷﻣﺮﻳﻜﻴﺔ بلا طيار ﺃﻧﺼﺎﺭ ﺍﻟﺸﺮﻳﻌﺔ ﻓﻲ ﺍﻟﻴﻤﻦ ﻟﻜﻨﻬﺎ ﻻ ﺗﻘﺼﻒ ﺍﻟﺤﻮﺛﻴﻴﻦ؟

 

4- ﻟﻤﺎﺫﺍ ﺗﺼﺮ أوربا ﻋﻠﻰ ﻣﻨﻊ ﺇﺩﺭﺍﺝ ﺣﺰﺏ ﺍﻟﻠﻪ ﻋﻠﻰ ﻻﺋﺤﺔ ﺍﻹﺭهاﺏ الأوربية مع تورطه الثابت في جرائم اغتيالات وتفجيرات في قلب أوربا؟

 

5- ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻻ ﻳﺴﻤﺢ ﺍﻟﻐﺮﺏ ﺑﺄﻱ ﻧﻤﻮﺫﺝ ﻟﻠﺤﻜﻢ ﺍﻹﺳﻼﻣﻲ ﺍﻟﺴﻨﻲ ﺑﺘﻜﻮﻳﻦ ﺩﻭﻟﺔ ﻣﻦ فلسطين إلى ﺃﻓﻐﺎﻧﺴﺘﺎﻥ ﺇﻟﻰ ﺍﻟﺼﻮﻣﺎﻝ ﺇﻟﻰ ﻣﺎﻟﻲ ﻭﺍﻟﻴﻤﻦ...
ﻭﻓﻲ ﺍﻟﻤﻘﺎﺑﻞ ﺳﻤﺢ ﻹﻳﺮﺍﻥ ﺍﻟﺸﻴﻌﻴﺔ ﺑﺄﻥ ﺗﺼﺒﺢ ﻗﻮة ﻋﻈﻤﻰ ﻓﻲ ﺍﻟﺨﻠﻴﺞ ولأداتها حزب اللات بالهيمنة على لبنان بتركيبته الفسيفسائية حيث لا تتجاوز نسبة الرافضة فيه 20% من مواطنيه؟.

 

6- ﻟﻤﺎﺫﺍ ﻳﺴﻤﺢ ﻟﺸﻴﻌﺔ ﺇﻳﺮﺍﻥ ﺑﺎﻻﻣﺘﺪﺍﺩ ﻓﻲ إﻓﺮﻳﻘﻴﺎ ﺗﺤﺖ ﻏﻄﺎﺀ ﺍﻟﻌﻤﻞ ﺍﻟﺨﻴﺮﻱ، ﺑﻴﻨﻤﺎ ﺗﻤﻨﻊ ﺍﻟﺠﻤﻌﻴﺎﺕ ﺍﻟﺨﻴﺮﻳﺔ ﺍﻟﺴﻨﻴﺔ من العمل حتى في البلاد العربية؟

 

7- لماذا تم تدمير العراق بذريعة سلاح نووي مزعوم وثبت ذلك بعد تدمير البلد وتسليمه لعملاء طهران، بينما يتم التلاعب بالمفاوضات الماراثونية منذ سنوات مع مشروع إيراني فعلي؟

 

8- لماذا يسمي الغرب الخليج العربي بأنه فارسي ما دامت التسمية محل تنازع؟ وكيف تفرض الفيفا الوصف الفارسي على الجميع وهي هيئة رياضية يفترض أنها تنأى بنفسها عن السياسة؟