فزّاعة الهجوم الصهيوني على غزة
14 ذو الحجه 1433
حمزة إسماعيل أبو شنب

شهد قطاع غزة خلال الأسبوع الماضي العديد من عمليات الاغتيال لنشطاء المقاومة مما استوجب الرد من قبل الأجنحة العسكرية على الخروقات الإسرائيلية، ليبدأ الإعلام الصهيوني والعديد من القيادات السياسية والعسكرية بالترويج لعدوان جديد على قطاع غزة، في الوقت التي تشهد فيه دولة الاحتلال انتخابات برلمانية مبكرة، كان الدم الفلسطيني في السابق هو الرصيد الانتخابي للأحزاب الإسرائيلية مما يولد هواجس لدى البعض بأن هذه أجواء تصعيد وعدوان جديد على غزة .

 

الناظر للوضع "الإسرائيلي" الداخلي والمحيط العربي في الفترة الحالية يعي أن كل ما يتحدث به الاحتلال عن هجوم على غزة يأتي فقط في إطار رفع معنويات جنوده من خلال التدربيات والاستعدادت الدائمة داخل  جيش الاحتلال ورسائل حرب نفسية لمن يحكم في قطاع غزة ليذكره بقوة الردع ويذكره بحرب الفرقان ( الرصاص المصبوب عام 2009 ) وبث الرهبة لدى المواطنين ولكن الواقع مختلف تماماً فالاحتلال لا يفكر الآن في تنفيذ أي هجوم على قطاع غزة في ظل المعطيات الداخلية والخارجية .

 

فعلى الصعيد الداخلي ينشغل رئيس الوزراء الإسرئيلي نتيناهو بالانتخابات القادمة التي ستعقد في شهر يناير من العام المقبل متسلحة بشرعنة الاستيطان في الضفة الغربية، واستطلاعات الرأي التي تمنحه أغلبية مريحة يستطيع أن يشكل بها حكومة يمينية متطرفة، كما أن نتنياهو يتفاخر بعدم خوضه حروباً أثناء توليه رئاسة الوزراء خلال فترة الحكم الحالية أو السابقة عام 1996 ، لذلك فهو لا يفكر في التصعيد ضد أي من الجبهات المحيطة .

 

الاحتجاجات الاجتماعية المتواصلة في المجتمع "الإسرائيلي" والمدعومة من القوى اليسارية في حال نشوب تصعيد جديد سيكون جزءاً كبيراً منها تحت مرمى صواريخ المقاومة الفلسطينية مما يأججها على الحكومة، يستغلها ضده اليسار في المعركة الانتخابية القادمة، و يرفعها كشعاره الانتخابي، حيث يعاني اليسار من التراجع الملحوظ وتشتت في الساحة السياسية الإسرائيلية وفرصته الانتخابية ضئيلة بتشكيل معارضة قوية في وجه اليمين المتطرف المتصاعد .

 

أما المقاومة في قطاع غزة فهي غير معنية  بتصعيد عملياتها ضد الاحتلال فهي تعتمد سياسة الردود على الاخراقات كما أنها تبني نفسها وتطور قدراتها القتالية والتسلحية، وفي نفس الوقت يتجنب الاحتلال استهداف عناصر فاعلة في حماس والجهاد الإسلامي، لذلك لن نشهد ردوداً قوية أو عمليات نوعية من قبل المقاومة تجبر الاحتلال على الرد بشراسة ضد غزة، كما تشهد الضفة الغربية تذمراً كبيراً نتجية لفشل مسار التسوية السياسية ونجاح الاحتلال بفرض السلام الاقتصادي، وشهدت احتجاجات ضد السلطة الفلسطينية التي تقف عاجزة أمام الاحتلال، ولا يحبذ نتنيناهو بأن تنفجر الضفة الغربية في وجه الاحتلال لحين الانتهاء من الانتخابات.

 

رغم أهمية العوامل الداخلية إلا أن الأوضاع الخارجية لا تقل أهمية أيضاً فالولايات المتحدة على موعد مع انتخابات رئاسية تشهد منافسة كبيرة، وكان نتنياهو طراًف فيها من خلال دعمه للمرشح الجمهوري رومني، فهو ينتظر إلى أين ستفضي نتائجها كما أن الملف الإيراني مازال يشكل الهاجس الأكبر للاحتلال بعد فشل تحديد القدرات القتالية بعد نجاح حزب الله وايران في إرسال طائرة بدون طيار وفشل الاحتلال في اكتشافها إلا بعد فترة من الوقت.

 

حالة الضبابية في العلاقة مع مصر الجديدة والتقارب المصري التركي الحليف السابق لـ"إسرائيل" يجعله يفكر كثيراً في رد الفعل المشترك على أي عدوان جديد على غزة، وهو يعيش حالة من الترقب، لذلك لن يُقدم الاحتلال على أية عملية عسكرية واسعة في قطاع غزة  في المنظور القريب وسيكتفي بالملاحقات الميدانية المحدودة .