صور مشرقة من ثورة الشام .. (4) قاشوش حرستا
19 رمضان 1433
عبد الرحمن الشامي

ها هم المتظاهرون في مدينة حرستا القريبة من دمشق يتوقفون عن سيرهم البطيء وإنشادهم المستمر ليأخذوا بالهتاف : أبو سعيد ... ( تكبير ) ... الله يحميك ...       ( تكبير )

كان ذلك قبل أن يقول من يقوم بالهتاف لهم أن أبا سعيد على الخط عبر الموبايل .... صمت الجميع ليسمعوا صوت حبيبهم ومشعل ثورتهم ( أبي سعيد ) : ألقى أبو سعيد تحية الإسلام عليهم , وحياهم وطلب منهم متابعة ثورتهم ...

 وضبح هؤلاء مرة أخرى بالتصفيق والهتاف : أبو سعيد ... الله يحميك , فمن يا ترى أبو سعيد؟ :

- إنه قاشوش حرستا ( أيمن الدحدوح ) , منشد الثورة في حرستا لعدة أشهر , بعدها أصبحت حنجرته مطلوبة للأمن السوري كما طلبت حنجرة قاشوش حماة.

لقد أصبح اسمه في رأس قائمة المطلوبين , والأمن لا يغادر حيَّه بحثاً عنه , أما بيته فيتعرض كل يوم إلى اقتحام إثر اقتحام , ومداهمة إثر مداهمة .

فما كان منه إلا أن غادر مدينته الحبيبة ميمماً وجهه إلى الأردن ...

ويبقى أبو سعيد شهوراً عديدة في منفاه , وفي كل يوم يمني النفس بالعودة إلى أحضان الوطن , ويشتد شوق أبي سعيد للثورة , وتشتاق حنجرته للهتاف والإنشاد , فيعود أدراجه لينشد مرة أخرى :

سألتنا أم الشهيد                 سألتنا عن يوم العيد
قلنا ما عاد بعيد                     بكره جايه الحرية

ويفرح الثوار برجوعه إليهم ويرددون خلفه تلك الهتافات , ودموع الفرح تذرفها أعينهم لعودته , وما هي إلا ثلاثة أيام بعد عودته حتى دوهم المنزل الذي يتوارى فيه , ويسمع الجيران صوت الرصاص , فيعلمون أن قاشوش مدينتهم هو المطلوب,

وبعد فترة وجيزة أعلن أهلوه نبأ مقتله فبكته زوجته وأطفاله الثلاثة وجميع من عرفه من مدينة الزيتون  ( حرستا ) وغيرها من المدن السورية الثائرة , وتمضي الثورة في حرستا قدماً بدون قاشوشها هذه المرة , لكن أصداء صوته العذب تزال تقرع أسماع أهلها في كل آن وفي كل حين .