من ينقذ اليمن "الجائع"؟!
4 شعبان 1433
تقرير إخباري ـ إيمان الشرقاوي

يوما بعد تتفاقم الأزمة الغذائية في اليمن الذي أصبح نصف سكانه يهددهم الجوع ونقص المياه في ظل حكومة ضعيفة وأوضاع أمنية هشة زادت من المعاناة الإنسانية لمعظم السكان، الأمر الذي أعاق عمليات الإغاثة للكثير من النازحين في المناطق النائية.

 

وبعد مرور أكثر من عام على الثورة اليمنية، يواجه أكثر من عشرة ملايين يمني، بينهم نحو مليون طفل نقصاً حاداً في الغذاء ومجاعة وشيكة فضلا عن احتياجهم للمناء والدواء، نتيجة الحروب الداخلية المتعددة في شمال البلاد وجنوبه ( الحوثيين والقاعدة) والأزمة السياسية التي تعصف بالبلاد منذ 2011.

 

وبحسب التقارير الدولية فإن ثلث أطفال اليمن يعانون من سوء التغذية التي قد تفضي للموت أو أمراض مزمنة أو تشوهات خَلقية في بلد تبلغ فيه معدلات دخل الفرد السنوية ألف دولار فقط أي بمعدل أقل من ثلاثة دولارات يومياً.

 

وخلفت حروب اليمن الداخلية في صعدة، وفي أبين وشبوة وفي أرحب وصنعاء وتعز نحو 500 ألف نازح يعانون نقصاً في الغذاء والمأوى، والكساء والدواء، شردوا من منازلهم وقراهم وتوجهوا إلى كهوف الجبال، ويتعذر على معظمهم العودة إلى مناطقهم، نظراً لما خلفته الحروب من دمار للخدمات الأساسية وخراب في مساكنهم.

 

ويتحمل نظام الرئيس علي عبدالله صالح المسؤولية الأولى فيما آلت إليه اليمن من نهب واستباحة الثروات، وتدمير بناها التحتية، وفساد في مؤسسات البلاد، وزاد عليه الآن ضعف أداء حكومة الوفاق الوطني، وتزايد حالات الانفلات الأمني على يد فلول نظام صالح، الأمر الذي حال دون وصول مواد الإغاثة للنازحين في المناطق النائية، حيث تواجه منظمات الإغاثة الدولية صعوبات أمنية في إيصال مواد الإغاثة إلى مئات الآلاف من النازحين. 

 

ويمتلك اليمن رغم ذلك مقومات يمكنها مساعدته على النهوض، حيث إن معدلات التعليم ارتفعت إلى أكثر من 80 % بين الفئات العمرية من 15-24، وهي نسبة فاقت دولًا كثيرة في الصحراء الأفريقية، مما يعني قدرة على تدريب العمالة اليمنية على الأعمال المهنية التي يمكنها القيام بها بدلًا من العمالة الآسيوية في الخليج.

 

لكن هذا الأمر يحاربه أصحاب المصالح ومافيا العمالة الآسيوية التي يسهل التخلص منها إذا ما طالبت بحقوقها أو تمردت على أرباب العمل، وهي المطالب التي يصعب تجاهلها في حال العمالة اليمنية.

 

وأطلقت سبع منظمات إنسانية عالمية في مايو الماضي صرخة استغاثة على هامش مؤتمر أصدقاء اليمن في الرياض، حيث دعت المجتمع الدولي للاهتمام بالأوضاع الإنسانية التي تزداد سوءا في اليمن، ووضعها ضمن قائمة الأولويات التي يعني بها أصدقاء اليمن إلى جانب الأزمة السياسية والوضع الأمني.

 

وبالفعل تقوم العديد من المؤسسات الخيرية في بعض الدول العربية والخليج بإرسال مواد غذائية للتخفيف من معاناة الشعب اليمني، لكنها ليست بالكثيرة، حيث تتعالى الدعوات لمؤسسات الإغاثة الإسلامية والجمعيات الخيرية في الكثير من الدول العربية بسرعة نجدة اليمنيين الذين يواجهون كارثة المجاعة التي تكاد تقتصر أخبارها على وسائل الإعلام الغربية.

 

وعن احتياجات اليمن ، تشير مديرة منظمة المساعدات الإنسانية الدولية "أوكسفام" في اليمن كوليت فيرون إلى أن هناك نداء عاجلا وجهه المجتمع الدولي لطلب أكثر من نصف مليار دولار لمواجهة الاحتياجات الإنسانية الطارئة في اليمن ، مشددة على أهمية الحصول على رقم واضح على الأقل الآن لأعمال الإغاثة الإنسانية في اليمن.

 

وناشدت بعثة إنسانية دولية زارت اليمن مؤخرا المجتمع الدولي الالتفات إلى الوضع الإنساني المتفاقم بها ونبهت إلى المخاطر التي قد تترتب على المجاعة وسوء التغذية واتساع رقعة الفقر الذي يهدد نصف سكان اليمن.

 

وشددت البعثة التي ضمت ممثلين منظمة التعاون الإسلامي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية مجلس التعاون الخليجي والوكالة الأمريكية للتنمية على حاجة اليمن إلى دعم مالي فوري للتخفيف من حدة الأزمة ومن تأثيرها على المرحلة السياسية الحالية .

 

وينتظر الآن اليمن المنكوب الجائع من ينقذه من أزمته الخطيرة قبل تفاقمها لتصل إلى حد الكارثة التي ستؤثر ليس على اليمن وحده ولكن على كل من يحيطه.