آخر الصيحات..انقلاب "بالقانون" وعلى نار هادئة
27 رجب 1433
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

ما حدث يوم الخميس في مصر من حكم للمحكمة الدستورية بشأن حل البرلمان وإبقاء أحمد شفيق ـ مرشح نظام مبارك ـ في السباق الرئاسي لا يمكن أن يسمى بغير أنه "انقلاب" ناعم أو غليظ أو بالقانون لا تهم التسميات الملحقة التي تخفف من وقع الكلمة ولكنه انقلاب بمعنى الكلمة قامت به "دولة مبارك" التي لم تسقط بعد ضد الثورة, والتصريحات التي أدلى بها بعض المحسوبين على الثورة ومنظري الفضائيات, والمتطرفين العلمانيين والاقباط بشان احترام احكام القضاء وسيادة القانون إلى آخر هذه "الأكلشيهات" المكررة في مثل هذه المناسبات هو كشف للمزيد من عوارهم أمام الشعب بعد أن اتضح للجميع أن المتآمر الحقيقي مع العسكري لإجهاض الثورة والتضحية بدماء الشهداء هم وليسوا الإسلاميين, كما كانوا يدعون...

 

منذ اللحظة الاولى للثورة المصرية أثيرت علامات استفهام كثيرة حول إدارة المجلس العسكري لشؤون البلاد وكلما مر الوقت أثبت فشلا ذريعا, البعض رأى أنه متعمد والبعض الآخر رأى أنه نتيجة لقصور الخبرة السياسية ولكن الذي لا يمكن الخلاف عليه أن التردي الامني الذي شهدته البلاد واستمر منذ الثورة وحتى الآن هو مسؤولية العسكري وهو أمر لا يحتاج لخبرة سياسية خصوصا أنه نجح ـ عندما أراد ـ في ضبط الامن خلال الانتخابات البرلمانية والجولة الأولى من الرئاسية..لا يمكن أن تسأل أحدا عن طموحاته المستقبلية وآماله لنفسه ولأولاده وهو يعاني من غياب الامن الشخصي؛ فالامن الشخصي أهم من الطعام والشراب وهذه القاعدة هو ما تم اللعب عليها طوال العام ونصف العام بعد الثورة حيث تم التحضير للانقلاب على نار هادئة بعد أن ساد الاحباط ووجه الناس اللوم مباشرة للاسلاميين لأنهم واجهة الثورة ولأنهم الاغلبية في المؤسسة الوحيدة المنتخبة بعد الثورة وهي البرلمان رغم تكبيلها من قبل العسكري, ولكن الناس مع اسوداد الاوضاع لم يجدوا غير الإسلاميين لينفثوا فيهم غضبهم وهو ما ظهر من خلال تراجع التصويت لهم في الجولة الاولى لانتخابات الرئاسة مقارنة بالانتخابات البرلمانية...

 

لو حاول العسكري حماية مبارك بعد الثورة لسقط معه ولو حاول الانقلاب على إرادة الشعب في الانتخابات البرلمانية لاندلعت ثورة جديدة أما الآن فهو يعلم أن الناس تشبعوا تماما ويريدون الاستقرار بأي شكل..

 

لقذ نفذ العسكري انقلابه بالقانون المليء بالثغور والمعايب وعن طريق قضاء يعاني بقوة من انقسامات وتشويه نتيجة لعصر الفساد والاستبداد, ألم يكن مبارك يستخدم بعض القضاة أحيانا للتنكيل بمعارضيه؟ وهذا لا يعني أن كل القضاة هكذا ولكن هناك نسبة كانت تغض الطرف عن تزوير الانتخابات وتشارك في أحكام جائرة نتيجة لضغوط واغراءات تحدث عنها عدد من كبار قضاة الاستقلال قبل وبعد الثورة....

 

المجلس العسكري الذي وعد بتسليم السلطة في 30 يونيو رجع وسحب "بالقانون" سلطة التشريع من البرلمان بعد حله وسيحلف الرئيس الجديد اليمين أمامه يعني لا زال فوق الجميع, ثم سؤال يلح دائما في مثل هذه الحالات وهو لماذا لا تعرض القوانين على الدستورية قبل تنفيذها أم أن البلد فيها أموال زائدة عن الحد لإجراء انتخابات وراء انتخابات وهي تمر بأوضاع اقتصادية غاية في السوء جراء ممارسات العسكري وحكوماته الفاشلة التي يصر عليها رغم أنف الشعب "البرلمان المنتخب لاول مرة بنزاهة"..حتى لو فاز محمد مرسي لن تضمن كيف سيتم التعامل معه ومع صلاحياته التي سيقررها المجلس العسكري في غياب البرلمان بل سيشكل العسكري اللجنة التاسيسية ويضع دستورا على هواه وهوى العلمانيين لتكبيل الرئيس والبرلمان الذي سياتي من بعده يعني لا ثورة ولا شعب لهما اعتبار عند العسكري ولكن بهدوء وبـ "القانون"..ولتحيا "دولة القانون"! ..

 

لاحظ أن شلة المثقفين والفنانيين ومدعي الثورة وأرزقية الفضائيات في صمت رهيب وغاية ما عندهم الآن مصمصة الشفاه وتوجيه اللوم.. لمن يا ترى؟ للإسلاميين أيضا!