كيف نخفف من مخاض المصالحة؟
11 رجب 1433
حمزة إسماعيل أبو شنب

بين الحين والحين تتجدد الآمال لدى المواطن الفلسطيني في توقيع ورقة جديدة أو اتفاق جديد أو مذكرة استدراك أو تفاهم جديد بين حركة فتح وحماس حتى وصل الملل لحد عدم تأثر الشارع الفلسطيني بأي اتفاق جديد وعدم الاكتراث كثيراً لما يحدث من لقاءات ، حتى التفاعل الإعلامي من قبل الإذاعات المحلية والفضائيات الفلسطينية لم تولي الاتفاق الأخير أهمية كبيرة ، ولم يتغير شيء على دورة البرامج اليومية وكأن اليوم يوماً عابراً .

أمام هذه الحالة الشعبية العامة وفي ظل حالة الانقسام بين الضفة الغربية و غزة نسأل : هل ما جرى في القاهرة هو المخرج الحقيقي لحل الأزمة الفلسطينية ؟ أم الاتفاق هو مناورة جديدة من قبل الأطراف ؟ وهذا مسموح في السياسية وبديهي أن تناور لتحصل على مكاسب جديدة أو لتقي نفسك من ظروف قادمة أو لتحصل على مواقف أفضل أو تنازلات أوفر في مجال ما !

باعتقادي أن ما جرى في القاهرة قبل يومين وما جرى في السابق في اتفاق الدوحة لا يشكل مخرجاً حقيقياً للمصالحة الفلسطينية ؛ لأن المشكلة ليست في لجنة انتخابات أو ترتيب أمور الانتخابات أو في تشكيل حكومة تسيير الأوضاع لحين إجراء الانتخابات ، أو في التطرق لمن يتولى رئاسة الوزراء أو لإعادة الإعمار ، فعجلة الإعمار تسير في قطاع غزة ولا تنتظر الوعود الغربية أو المصالحة الفلسطينية ، فالأموال العربية والإسلامية تُسيّر عجلة الإعمار وإن كانت تسير بتمهل لكنها مستمرة ، على كلٍ هذه شكليات لا تقدم ولا تؤخر في الحالة الفلسطينية .

و لا أعتقد أن عشرة أيام كفيلة بتهيئة الأجواء ، فالتعصب الحزبي والتفرق والعقلية المغلقة التي زادت بعد الانقسام تحتاج إلى مزيد من الوقت ليتقبل كل الآخر وننقبل أننا جميعاً في مكان لا يمكن أن نلغي الآخر ، لذلك نحن بحاجة إلى مزيد من الوقت لتهيئة الأجواء في الضفة الغربية وقطاع غزة ، ولعل قضية المعتقلين السياسيين في الضفة الغربية والمعتقلين الأمنيين في قطاع غزة هي أبرز هذه العقبات .

ففي  الضفة الغربية المعتقلون على خلفية سياسية من وجهة نظر رئيس الوزراء المرتقب هم مجرمون لأنهم يخالفون القانون في حيازة السلاح و تهريب الأموال للمقاومة ، أما معتقلي غزة فهم يقومون بواجبهم الوطني في جمع المعلومات ونشاط الأجهزة الأمنية حتى لو أن هذه المعلومات تذهب للاحتلال فهذا تنسيق أمني فلا ضير فيه ، وهذا مثال بسيط على مدى الاختلاف السياسي في البرامج ، وهناك العديد من الأمثلة التي يمكن سردها .

لقد أثبتت الانتخابات الطلابية في جامعات الضفة الغربية أن حركتي فتح وحماس لا تزالان  تسيطران على الشارع الفلسطيني بشكل كبير جداً ، وهذا يفند مقولة أن الشعب لا يريد فتح أو حماس ، فالذي يحاول أن يروج لهذه المقولة  التنظيمات التي لم تحسن أن تدير نفسها خلال فترة الانقسام أو أن تستقطب الشارع الفلسطيني نحوها  .

لذلك باعتقادي أن المدخل للمصالحة الفلسطينية يكون عبارة عن أمرين هامين ، الأول : هو نشر ثقافة تقبُّل الآخر وعدم التخوين والتشكيك واستيعاب الجميع على قاعدة الإمام حسن البنا رحمه الله ( نتفق على ما اتفقنا عليه ويعذر بعضنا بعضاً فيما اختلفنا فيه ) وهذا يتطلب إجراءات على الأرض  ووقت .

الأمر الثاني : هو بداية إعادة الحياة الانتخابية للمؤسسات والنقابات الفلسطينية والجامعات  بشكل متوازن بين الضفة الغربية وغزة وعلى الجميع المشاركة سواء الكتلة الإسلامية في الضفة الغربية أو الشبيبة الفتحاوية  في قطاع غزة ، ثم تتوج بانتخابات المجالس البلدية والمحلية  وهذا يعيد التفاعل مع القضايا المطروحة على الساحة السياسية ويمهد الأجواء بشكل مناسب .

هذا ما أراه مخرجاً جيداً للحالة الفلسطينية وتهيئة أجواء جيدة في ظل تعسير الحياة السياسية خلال الفترة القادمة ، بسبب الانتخابات الأمريكية وترتيب الأوضاع في مصر والعالم العربي في ظل الثورات العربية فمن المجدي استغلال الظروف لترتيب البيت الفلسطيني .