هل يخون العلمانيون الثورة؟
7 رجب 1433
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

جاءت نتيجة الانتخابات الرئاسية المصرية في جولتها الاولى لتكشف عن مفاجآت كبيرة لم تكن تدور بخلد أحد من المراقبين وإن كانت لها ما يبررها بوضوح؛ فلقد استطاع الفريق أحمد شفيق آخر رئيس وزراء للرئيس المخلوع مبارك والذي اعترف أكثر من مرة أنه يتخذ من مبارك يعد مثالا أعلى له, استطاع شفيق أن يحرز المركز الثاني بعد المرشح الإسلامي التابع لجماعة الإخوان محمد مرسي, وتفوق على ثلاثة من أبرز المرشحين وهم الدكتور عبد المنعم ابو الفتوح المرشح الإسلامي المستقل والذي يقف وراءه عدد من التيارات الإسلامية والليبرالية والثورية, وحمدين صباحي المرشح اليساري الثوري, وعمرو موسى المرشح المحسوب على النظام السابق والذي حاول التنصل منه وتقديم نفسه كمرشح له خبرة سياسية واسعة اختلف مع النظام السابق وأيد الثورة...وكانت استطلاعات الرأي تستبعد شفيق تماما فيما عدا عدد من الاستطلاعات التي أعلنت عنها جهات تابعة لفلول النظام السابق واحاطت بها شبهات كبيرة...

 

لم تشهد الانتخابات خروقات واضحة وظهر حياد المؤسسة العسكرية والامنية في إدارتها فيما بدا محاولة لتلافي أية صدامات مع القوى السياسية التي تخوفت بشدة من الانحياز لشفيق أو موسى ولكن نتيجة شفيق قلبت الموازين وبدأت التحليللات تنهال لتبرير ما حدث والحقيقة أن المفاجأة  كانت في الشخص وليس في المبدأ بمعنى أن هناك إرهاصات قبل الانتخابات أظهرت احتمال تقدم أحد مرشحي الفلول ورجحت أن يكون هذا المرشح هو عمرو موسى وكان السبب الواضح لذلك هو حملة التشهير ضد الاسلاميين التي قادتها قنوات فضائية وصحف تابعة لرجال أعمال محسوبين على النظام السابق وإن تخفوا وراء شعارات ليبرالية, واشتدت هذه الحملة بعد ترشيح جماعة الإخوان لأحد عناصرها للرئاسة خلافا لوعود قطعتها سابقا, كما أن سوء إدارة المجلس العسكري للبلاد وعدم اتخاذه مواقف حاسمة من الانفلات الامني واصراره على رجال مبارك لادارة الدولة ورفضه بشدة أن يترك الحزب الذي اختاره الشعب ليشكل الحكومة زاد من احباط الناس وقلل تعاطفهم مع الثورة, وساعده في ذلك تشهير القوى العلمانية المتطرفة المعادية للإسلاميين بالبرلمان رغم أنه يفتقد لأية صلاحيات تنفيذية حتى أن العسكري حرمه من عزل وزير مهما كانت خطاياه...

 

لايمكن أن ننكر أن التعاطف الشعبي تجاه الإسلامييين خلال الانتخابات البرلمانية قل في الانتخابات الرئاسية بسبب العوامل السابقة وبسبب بعض أخطاء الاسلاميين وعدم وحدتهم وفشلهم في إدارة المعركة الاعلامية مع فلول النظام والعلمانيين المتطرفين, ولكن مع ذلك لا يمكن أبدا أن نقول أن الثورة فشلت أو انتهت كما زعم المتحدث باسم احمد شفيق لأن المرشحين الثوريين الثلاثة وهم محمد مرسي وابو الفتوح وحمدين صباحي حصلوا مجتمعين على أكثر من 50 % من أصوات الناخبين ولو اتفقوا على فريق رئاسي قبل الانتخابات مكون من رئيس ونائبين كان الفوز حليفهم لا محالة وهذا وارد جدا الآن إذا حدث في الإعادة, أما إذا نظرنا لمرشحي الفلول فلا يمكن أن يحصلوا مجتمعين على هذه النسبة....

 

ولكن ما كشفت عنه التصريحات من بعض القوى السياسية العلمانية المحسوبة على الثورة بعد ظهور النتائج يدعو للقلق الشديد ويؤكد أن المبادئ التي يتحدثون عنها حبر على ورق وللاستهلاك الاعلامي فقط؛ فقد أعلن بعض هؤلاء أنهم لن يدلوا بأصواتهم  في جولة الاعادة لأنهم لن يقفوا بجانب "الدولة الدينية" كما أسموها أو الفلول, والبعض الآخر ألمح أنه سيعطي شفيق هروبا من "النظام الديني القمعي" و"تكويش فئة معينة على السلطات" ـ كما قالوا ـ فهل ينحاز هؤلاء إلى شفيق أو يساهموا في فوزه بامتناعهم عن الادلاء باصواتهم أو يحققوا له ما يريد من خلال انهيالهم بالسب والشتم على التيار الإسلامي الذي شاركة بقوة في الثورة وما كانت أن تنجح بدونه؟ هل يخون هؤلاء مبادئهم وثورتهم ودماء الشهداء التي يتشدقون بها بسبب عداوتهم للتيار الإسلامي الذي أرسل العديد من رسائل الاطمئنان لهم إلا أنهم فيما يبدو يريدون التخلي تماما عن الشريعة الإسلامية وهو ما لا يقبله الشعب المصري بتاتا؟ هل سينتقم العلمانيون المتطرفون من الإسلاميين الذين هزموهم شر هزيمة في استفتاء تعديل الدستور والانتخابات البرلمانية وحتى في الانتخابات الرئاسية؟ ماذا يريد هؤلاء صراحة؟ لماذا لا يعلنونها بوضوح مثلما أعلنها الشيوعي الحاقد رفعت السعيد؟ إلى متى سيمثل هؤلاء على الناس دور المظلومين والمدافعين عن الثورة والشهداء وهم يدافعون عن الكراسي والمصالح الشخصية ويكرهون خيار الشعب الذي أكد على الإسلام دينا ودولة؟ هل ستكشف جولة الإعاد حقيقة هؤلاء التي طالما حذرنا منها وينتهي دورهم تماما من الحياة السياسية ؟ كل هذه الاسئلة وغيرها ستأتي الاجابة عنه خلال الايام القليلة القادمة, والتي ستشهد على الأغلب أكبر مفاجأة في تاريخ البلاد