قطع الغاز عن "إسرائيل" .. قرار صائب وتوقيت غامض
3 جمادى الثانية 1433
تقرير إخباري ـ إيمان الشرقاوي

يستطيع أحد إنكار الفوائد والإيجابيات الجمة لقرار مصر قطع الغاز عن الكيان الصهيوني وهو قرار انتظره المصريون كثيرا قبل وبعد الإطاحة بالرئيس حسني مبارك الذي تورط وهو ومساعدوه في صفقة الغاز سيئة السمعة، لكن هذا القرار الذي أجمع عليه الخبراء بأنه "صائب وصحيح" صدر في توقيت غامض من جانب الحاكم العسكري للبلاد والحكومة الذين يثيران في الوقت الحالي استياء الشعب المصري والبرلمان بأغلبيته الإسلامية على حد سواء وهو ما يثير الشكوك في مدى جدية هذا القرار.

 

وسادت حالة من الارتياح بين الأوساط الشعبية والسياسية في مصر وترحيب فلسطيني بعد صدور قرار إلغاء اتفاقية تصدير الغاز ل"إسرائيل" بسبب "تأخر الشركة الصهيونية في دفع المستحقات لمصر لمدة 4 أشهر، واعتبر الخبراء أن القرار صائب وسيحقق استقراراً أمنياً كبيراً في سيناء، وسيوقف عمليات تفجير خط الغاز التي تكررت لأكثر من 14 مرة، اعتراضاً على تصدير الغاز للكيان الصهيوني.

 

لكنه أقروا في الوقت نفسه بأن القرار جاء متأخراً كثيراً بعد سنوات من المظاهرات والاحتجاجات والدعاوى القضائية المطالبة بذلك خاصة عقب سقوط مبارك، معربين عن أملهم في ألا يتم الالتفاف حول القرار أو التراجع عنه بذريعة الاتفاقيات الدولية.

 

وقد اعتبرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية أن تعليق مصر لتوريدها الغاز ل"إسرائيل" أصابها بضربة اقتصادية قاتلة حيث كان الغاز المصري يوفر 40% من احتياجات الكيان الصهيوني والذي يشكل نحو ثلث إجمالي احتياجاتها مما وضعها في موقف لا تحسد عليه.

 

وكان رد الفعل الرسمي "الإسرائيلي" في البداية قويا غاضبا حيث أخذ مسئولوها خاصة المنتمين لليمين المتطرف يتوعدون ويهددون ووصل التهديد إلى إعادة احتلال سيناء، وطالبوا بتدخل أمريكا للضغط على مصر، لتلافي ما وصفوه بالتداعيات السياسية والاقتصادية، ولكن تغيرت اللهجة المتوعدة إلى أخرى هادئة بعد قليل لتصف ما حدث بأنه "مجرد نزاع تجاري".. و"لا يجب أن يتحول إلى نزاع دبلوماسي أو عسكري" مثلما جاء على لسان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو.

 

وبحسب سياسيين مصريين فإن توقيت قرار المجلس العسكري، إلغاء تصدير الغاز إلى "إسرائيل" يهدف لامتصاص غضب الشعب تجاه بعض ممارسات "العسكري" والحكومة وتحسين صورته السياسية والإعلامية، فضلا عن كونه وسيلة لسحب أوراق الضغط التي توجهها القوى السياسية المختلفة للعسكري، ومنها المطالبة بإقالة الحكومة.

 

كما أن "العسكري" يحاول تعبئة الرأي العام لكي يدعم بعض خياراته تجاه القوى الإسلامية (الإخوان والسلفيين)، في حين أن التأثير الدولي جراء إلغاء الاتفاقية سيكون "محدودًا للغاية".
وبدورها ذهبت صحيفة فايننشال تايمز البريطانية إلى أن قرار المجلس العسكري بإلغاء اتفاقية الغاز جاء "نكاية" في جماعة الإخوان المسلمين وحزبها الحرية والعدالة ومحاولة لسحب الشعبية التي يتمتعان بها، مشيرة إلى أن "إسرائيل" لا تزال لديها حوارا جيدا مع المجلس العسكري، خصوصا في القضايا المتعلقة بالأمن في سيناء".

 

وبعيدا عن تفسيرات القرار المفاجئ، فإن خبراء آخرين رأوا أنه على العكس فتوقيت وقف الاتفاقية خاطئ، في ظل مرحلة حرجة، تمر بها مصر من انفلات أمني واقتصادي وسياسي، فقد كان يجب على "العسكري" ألا يتخذ هذا القرار الآن لمصلحة الأمن القومي المصري.

وخلال عهد المخلوع تم توقيع الاتفاقية سيئة السمعة لتصدير الغاز المصري الى الكيان الصهيوني، عبر شركة "شرق المتوسط" المملوكة لصديقه حسين سالم رجل الأعمال الهارب في أسبانيا، وهي اتفاقية استنزفت بسبب شروطها مئات ملايين الدولارات من أموال الشعب المصري، وقد حان الوقت الآن لوقفها بشكل حقيقي، وسيتضح خلال الأيام القادمة مدى جدية قرار المجلس العسكري.