بي بي سي.. المتآمرة!! ولكن: ضد مَنْ؟
11 صفر 1433
منذر الأسعد

لا يستطيع المرء تفسير الفرق الشاسع بين إذاعة لندن في الزمن الذهبي للإذاعات، وبين قناة بي بي سي عربي الفضائية، فمهما قيل في الأولى من مآخذ وجيهة، فإنها تبقى هنات هينة إزاء القناة الفضائية في وضعها الراهن. علماً بأن كفة الأخيرة هي التي يجب أن ترجح بحكم المدة الزمنية وتراكم الخبرات واتساع المنافسة الإعلامية في عصر الفضائيات، لكن العكس هو الواقع!!

 

وسوف نعرض في عجالة بعض الشواهد التي تثبت بالدليل الناصع سقوط فضائية بي بي سي العربية وفقاً للمعايير المهنية الموضوعية، وهي مستقاة من تعامل القناة مع الحدث الأكثر سخونة اليوم وهو الجرح السوري النازف.

 

ففي حلقة من برنامج أجندة مفتوحة (الجمعة 5/2/1433هـ الموافق 30/12/2011م)، كان موضوعها تقويم أداء بعثة المراقبين التي أوفدتها جامعة الدول العربية إلى سوريا للتثبت من التزام نظامها الدموي ببنود المبادرة العربية بشأن الأزمة السورية.

 

أحد الضيوف بوق شهير من أبواق النظام واسمه: حيان سلمان –وهو في المناسبة ضيف شبه دائم بالتناوب مع البوق الآخر المدعو أحمد صوان ولا ندري لماذا؟ -ثم يطرح العقل سؤالاً بديهياً هو: ألا تعرف القناة أن ظهور شخص من دمشق على شاشتها مستحيل على غير أبواق النظام؟ المهم أن البوق سلمان يتشبث بانتقادات الثوار السوريين لعمل المراقبين، متناسياً أن إعلام نظامه المأجور وأذنابه في لبنان سبقوهم إلى ذلك فشككوا في المراقبين قبل دخولهم، في حين أن المحتجين وجهوا انتقاداتهم بناء على تصرفات فعلية لرئيس البعثة شخصياً!! وتغافل المذيع الرديء عن هذه النقطة المهمة أو أنه لا يعلم بها، الأمر الذي يعني انعدام أهليته لتقديم برنامج في هذا الموضوع!!

 

والضيف الآخر أستاذ معروف للعلوم السياسية هو حسن نافعة الذي راح يخطب عن التحريض الإعلامي والأجندات الخارجية لتغيير النظام ويزعم أن معوقات اللجنة لوجستية!!!!!!ويدعي أن انشقاق جنود سوريين يعني تهريب أسلحة من خارج سوريا ويتحدث عن صورتين يقدمهما النظام ومعارضوه لمجريات الأحداث، وكل منهما غير محايدة فلعل اللجنة تفعل ذلك.ويتناسى الدجال تحديد من يمنع وجود إعلام حر ومؤسسات مدنية تقدم صورة حقيقية!!ويغفل مذيع الغفلة كذلك عن مواجهة الشبيح المصري بشهادات محايدة قدمت بي بي سي الرابعة إحداها من خلال فيلم وثائقي أنجزته إعلامية بريطانية جريئة بصورة خفية في داخل سوريا!!!!!!

 

وإذا كان عاراً على نافعة مدعي العلم ورافع شعارات التغيير والربيع العربي أن يلغي ضميره وحواسه وعلمه فيدعي أن النظام المتآمر على سوريا وعلى العرب كافة هو ضحية مؤامرة غربية، فإن من الشنار أن يكون انحياز بي بي سي إلى جانب الجزار بهذا القبح المفضوح!!

 

وتكمل القناة تهريجها السابق فيلتحق بالحلقة في وقت لاحق إعلامي من أتباع حزب الله اسمه قاسم قصير من بيروت!!!حتى يكاد المرء يتصور أنه يتابع قناة الدنيا السورية الساقطة أو المنار اللبنانية الصفوية.

 

وعندما تكلم المدعو حيان سلمان عن عقوبات الجامعة العربية على نظامه ادعى أن تركيا تحولت من التحالف مع سوريا إلى التآمر عليها (مشكلة أبواق النظام تصورهم للآخرين على غرار نظامهم فلو سلمنا جدلاً بسائر أكاذيبهم عن المؤامرة فأردوجان زعيم منتخب وليس طاغية متفرعناً مثل صاحبهم هناك معارضة فعلية تتربص به وإعلام حر يرصد حركاته ورأي عام مستعد للإطاحة به وبحزبه....ولتلاحظ أن سوريا تعني عند هؤلاء العبيد المنحطين عصابة الحكم)، وحيان قال كلاماً يراد به باطل ويرتد على صاحبه، إذ أكد أن سوريا عقدت في السنوات الماضية اتفاقات اقتصادية مع تركيا كلها لصالح الأخيرة وانتقدها بعض رجال الأعمال !!

فهذا دليل على تفريط النظام بمصالح البلد بهواه ولم يجرؤ أحد على النقد إلا بعدما غير الترك موقفهم مكرهين.
وكل هذه الملاحظات الجوهرية لم يهتم بها المذيع "الهمام" أو أنه يمارس مهنة ليس أهلاً لها، فهل يُعْقَل وقوع ذلك في مؤسسة بعراقة بي بي سي؟

 

وفي يوم الثلاثاء11/1/1433هـ الموافق 6/12/2011م بثت القناة حلقة من برنامج (نقطة حوار)، ومع أن الموضوع عن سوريا، فقد استضافوا في الجزء الأول من الحلقة الدبلوماسي اللبناني السابق كلوفيس مقصود، وفي الجزء الثاني تمت المسرحية باستضافة شبيح لبناني ربما كان من أصل فلسطيني، وهو كذاب وقح فلماذا استضافته أصلاً؟وما صلته بالقضية؟

 

المهم أن الضيف الوقح شن هجوماً صفيقاً على متصل سوري يقيم في السعودية فيحط الضيف من شأنه بذريعة أنه يجهل ما يجري لأنه خارج سوريا، ولم يوقفه المذيع عند حدوده، كما لم يقل له: إن عدم إقامة مواطن في بلده الجريح لا تعني جهله بما يقع لأهله فيه، بل إن معرفته تظل أفضل من الضيف الشبيح الذي لا يقيم في سوريا ولا ينتمي إليها ولكنه منتفع من نظامها على حساب شعبها المكلوم!!

وجاءت الصفعة القوية من السوري المتصل إذ تبين أنه حمصي من باب عمرو ولم يغادر سوريا إلا منذ 20يوماً!!!!!!