مأزق دستوري بالكويت بعد تشكيل حكومة دون "محلل"
20 محرم 1433
رضا عبدالودود

رغم أداء الحكومة الجديدة التي شكلها رئيس الوزراء الشيخ جابر المبارك اليمين الدستورية صباح اليوم الأربعاء أمام أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الصباح، إلا أن الجدل حول عدم دستورية الإجراءات الحكومية المتخذة تفاقم بصورة كبيرة، وسط تهديدات عدد من القانونيين بالطعن على تلك الحكومة التي جاءت من دون وزير نائب (بمجلس الأمة المحلول سابقا) ومن ثم الطعن على كافة المراسيم التي ستصدر عنها خلال الفترة المقبلة، رغم أنها حكومة تصريف أعمال مهمتها اجراء الانتخابات التشريعية المقبلة، ومن ثم اقالتها دستوريا، ومن ثم تكليف رئيس جديد لها بتشكيل حكومة جديدة تقسم اليمين أمام المجلس القادم.

 

التشكيل الجديد
الشيخ جابر المبارك الحمد الصباح رئيس مجلس الوزراء ، والشيخ أحمد الحمود الجابر الصباح نائبا لرئيس مجلس الوزراء ووزيرا للدفاع ووزيرا للداخلية، والشيخ صباح الخالد الحمد الصباح نائبا لرئيس مجلس الوزراء ووزيرا للخارجية ووزير دولة لشؤون مجلس الوزراء ومصطفى جاسم الشمالي وزيرا للمالية ووزيرا للصحة والدكتور فاضل صفر علي صفر وزيرا للأشغال العامة ووزير دولة لشؤون البلدية أحمد عبدالمحسن المليفي وزيرا للعدل ووزيرا للتربية ووزيرا للتعليم العالي. والدكتورة اماني خالد بورسلي وزيرا للتجارة والصناعة ووزير دولة لشؤون التخطيط والتنمية وسالم مثيب أحمد الأذينة وزيرا للكهرباء والماء ووزيرا للمواصلات ومحمد عباس ربيع النومس وزيرا للشؤون الاجتماعية والعمل ووزيرا للأوقاف والشؤون الاسلامية ووزير دولة لشؤون الاسكان والشيخ حمد جابر العلي الصباح وزيرا للاعلام حيث أدوا اليمين الدستورية امام سموه بمناسبة تعيينهم في مناصبهم الجديدة.
فيما خرج أربعة وزراء وهم هلال الساير وزير الصحة، ومحمد العفاسي وزير العدل والشئون الاجتماعية والعمل، وعبد الوهاب الهارون وزير الدولة لشئون التخطيط والتنمية، وعلى الراشد وزير الدولة لشئون مجلس الوزراء، وحمل الباقون أكثر من حقيبة نتيجة خروج من يصر على الاستقالة أو يرغب في خوض الانتخابات البرلمانية.

 

مزيد من "عدم الدستورية"
يأتي اعلان مرسوم تشكيل الحكومة الجديدة بالكويت بعد أيام من مرسوم قبول استقالة الشيخ ناصر المحمد، وتكليف الشيخ جابر المبارك برئاسة الوزارة، حيث عاد الشيخ جابر المبارك ليشكل حكومته 'المؤقتة' المكلفة تصريف العاجل من الأعمال، وذلك بعد صدور مرسوم رفعته حكومته التي لم يشكلها بحل مجلس الأمة.
ونتيجة لذلك، وبسبب اللغط في دستورية الحكومة التي أقسم الشيخ جابر المبارك على رئاستها أمام سمو الأمير، وبالتالي في دستورية الحل، رأى فقهاء الحكومة الدستوريين ، تشكيل حكومة جديدة ، ومن ثم سترفع مرسوما ثانيا بحل مجلس الأمة، لكنها حكومة غير دستورية لأنه ينقصها محلّل من النواب، إذ أنها تشكلت بدون النائب علي الراشد الذي استقال استعدادا للانتخابات، وكان الأجدر أن يبقى في التشكيل الحكومي لساعات حتى تؤدي القسم الدستوري، ثم ترفع مرسوم حل المجلس.

 

ورطة حكومات
وتدلل التفاعلات السياسية بالساحة الكويتية أن الحكومة الآن تحاول الخروج من ورطة لتقع في أخرى على حد تعبير النائب عن الحركة الدستورية الإسلامية د.جمعان الحربش، الذي أوضح –في تصريحات خاصة - أن "القول بدخول نائب محلل في الحكومة غيرممكن لعدم وجود نواب بعد حل المجلس والنواب السابقين ليسوا سوى مواطنيين حاليا؟ والقول ان مرسوم الحل باطل اساسا لن يوقف باب الطعن عند من يرى بدستوريته اعتقد اننا خرجنا من حفرة ووقعنا في جليب لست متخصصا ولكن اي نائب سيقبل ان يكون محللا لحكومة شكلت لافقاده عضويته. هذه تساؤلات مشروعة ومستحقة".

 

فيما يذهب المحامي عادل العبدالهادي بأن التشكيل الحكومي الجديد والمعلن مساء الثلاثاء، مخالف لصريح الدستور لعدم وجود العضو المحلل في الحكومة.حيث أن المرسوم الأخير بحل مجلس الأمة وقعت به مخالفات دستورية جسيمة وتشوبه شبهات كثيرة نزلت به الى درجة العدم ، وأن أعضاء مجلس الأمة يتمتعون بعضويته الى هذه اللحظة. وعليه طبقاً لأحكام الدستور يجب ان تتضمن الحكومة عضو محلل من مجلس الأمة ، وان هذا التشكيل الحكومي غير دستوري".

 

وترجع الإشكاليات الدستورية التي تتصاعد سحبها في سماء الكويت، بسبب قبول استقالة رئيس مجلس الوزراء السابق الشيخ ناصر المحمد قبل الاعلان عن حل مجلس الأمة ومن ثم اضطرار السلطات الكويتية اللاعلان عن تكليف رئيس للوزراء جديد لاستحالة استمرار الشيخ ناصر في رئاسة الوزارة الجديدة التي شكلها سبعة مرات قوبلت بمعارضة قوية كل مرة، وجاء المأزق في ضرورة الاعلان عن حكومة المبارك الجديدة لتدعو المواطنين إلى الانتخابات التشريعية إذ لا يجوز لحكومة مستقيلة أن تدعو الناخبين للاقتراع...وجاء التشكيل الجديد المتسارع بصورة غير دستورية لخلوه من وزير نائب على الأقل، لحل البرلمان وعدم وجود نواب .....

 

المخرج
فيما يرى بعض الخبراء إلى أن الخطوات التصحيحية تتوجب إعلان الحكومة الجديدة عدم دستورية قرار حل البرلمان الأول، ومن ثم يصدر مرسوما تاليا (خلال أيام) بحل المجلس ومرسوما اخر لدعوة الناخبين للانتخابات خلال 60 يوما، على أن تسقط الحكومة كافة المراسيم الصادرة خلال الأيام الماضية...إلا أن ذلك الرأي يعتريه اشكالية كبرى ، وهي عودة الحصانة النيابية إلى النواب الذين تستجوبهم المحكمة الجنائية حاليا بتهم التحويلات المليونية التي تشهدها البلاد حاليا وكانت السبب الرئيس لحل مجلس الأمة واستقالة الحكومة...!!!!

 

ظروف ضرورة
وفي هذا الإطار بدا أن المخرج الدستوري صعب للغاية ما يرشح الساحة الكويتية لمزيد من الشحن ، من قبل البعض خاصة الذين سيفشلون في الانتخابات القادمة حيث الدعاوى القضائية ضد المراسيم الحكومية وعدم دستوريتها ستكون العنوان الأبرز للأزمة السياسية المتوقعة...

 

إلا أن الخبير الدستوري د.محمد الفيلي يرى أن هذه الحكومة يمكن اعتبارها دستورية، لأنها "شكلت في ظرف ضرورة وهو استثناء يجيزه الدستور بتشكيل حكومة بدون نائب، كحالة إن تعرض الوزارة على النواب جميعا ويعتذرون، إلا انه أكد ضرورة عدم التوسع في هذا الاستثناء"، مشيرا إلى أن الحكومة الجديدة ليست ملزمة بأداء القسم أمام مجلس الأمة للحيازة على دستوريتها، ويكتفي لذلك بقسمها أمام الأمير ، معتبرا أن صدور مرسوم التشكيل هو بداية التصويب الدستوري.
وأوضح الفيلى أن المنتظر في شأن مرسوم الحل هو بين سيناريوهين أولهما الإبقاء على المرسوم الحالي وإصدار آخر، والثاني وهو الأسلم أن يتم سحب مرسوم الحل وإعادة إصدار مرسوم جديد من خلال الحكومة الجديدة الدستورية.

 

فيما يقول الخبير الدستوري د.محمد المقاطع لصحيفة "الراي" الكويتية أنه بعد تشكيل الحكومة الجديدة، وأداء القسم أمام الأمير لإثبات الوضعية الصحيحة، تنوّه الحكومة الجديدة بأن مرسوم الحل السابق لمجلس الأمة غير دستوري وتُقَرّر سحبه، ثم تصدر مرسوما جديدا بحل المجلس.مشددا على ضرورة أن تتخذ الحكومة تتخذ في حال تشكيلها قرار إيقاف الأعمال التي اتخذت منذ يوم الحل وحتى تشكيل الحكومة الجديدة، لأنها أمور غير دستورية، وبعد ذلك يصدر مرسوم دعوة الناخبين الى انتخابات جديدة ، وأكد أن تكرار السبب الذي ذكر عند إصدار مرسوم الحل ليس له وجود ولا يعتد به ، وأن ذكر السبب نفسه عند إصدار مرسوم الحل الجديد لا يعتبر مخالفا للدستور، وتحديدا للمادة 107 التي تشترط عدم تشابه أسباب حل المجلس ، ولا إشكالية في ذلك.

 

وعلى أية حال، يبدو أن التشكيل الحكومي الجديد لن يحل الأزمة الدستورية التي تشهدها الكويت منذ استقالة حكومة الشيخ ناصر المحمد في 28 نوفمبر الماضي، وما استتبعها من تكليف الشيخ جابر المبارك بتشكيل الحكومة، وأدائه اليمين منفردا أمام أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، ثم ترؤسه للمجلس القديم وتقديم كتاب عدم تعاون مع مجلس الأمة مما أدى إلى صدور مرسوم بحل المجلس.