عندما تلعب بعض الصحف دورا مضادا للثورة الشعبية؟!
15 رجب 1432
جمال عرفة

كشفت التحقيقات مع الضابط "الإسرائيلى"، المقبوض عليه بتهمة التجسس على مصر أن جهاز الموساد (كلفه بجمع معلومات عن جماعة الإخوان المسلمين) بحسب نص جريدة المصري اليوم 14 يونيه.. فنشرت الجريدة (المصري اليوم) منشيتا ساخنا يقول : (الضابط الإسرائيلى اتصل بقيادات الإخوان ) !! .

 

وعندما تطرق الشيخ محمد حسان بالنقد لمعارضي الجيش ضمنا وهو يتحدث في خطبة الجمعة عن المرتدين في عهد رسول الله دون رابط بينهما، نسبت صحيفة (اليوم السابع) إليه قوله إن الذين يهاجمون المجلس العسكري والقوات المسحة '' كالمرتدين بعد وفاة الرسول'' ، وعندما عاتبهم الشيخ قالوا له أرسل تكذيبا ، ثم أعترفت الجريدة أخير بأنها أخطأت وأن "هذا الربط جاء متعسفًا ومبالغًا فيه من المسئول عن تغطية هذه الخطبة"!.

 

وعندما فوجئت المذيعة هالة سرحان في برنامجها (ناس بوك) بمسئول حزب (النور) الاسلامي السلفي الجديد يقول كلاما معتدلا في حلقة 13 يونيه عن تكاتف المصريين جميعا للخروج بمصر لبر الأمان ، لم تجد ما تحرجه به سوي سؤاله : (هل توافق علي رواية نجيب محفوظ أولاد حارتنا !؟ ) ، برغم أنها خارج سياق الحديث ، بهدف تصيد رفضا من الرجل يشوه صورة السلفيين ، ولكنه افحمها برده أنها رواية أدبية عظيمة !.

 

الصحف الحكومية تشارك في الثورة المضادة
ولم يقتصر الأمر علي الصحف الخاصة في الهجوم علي الدعاة والتيار الاسلامي عموما ، وإنما أنضم لها صحف ومجلات حكومية بعضها كان يهاجم التيارات الاسلامية بأوامر أمنية فاصبح يهاجمها لغرض في نفس يعقوب ، فجريدة الجمهورية القومية نشرت على لسان الشيخ حسان قوله أنه يريد في مصر 80 مليون ''دقن''، واستنكر حسان ذلك بقوله هل يعقل هذا ؟ أين التحري؟.. اين التثبت؟..، وهل يعقل ان تنشر كل جريدة ما تريد''؟! .

 

وفي عددها الصادر 2 مايو لم تجد صحيفة روز اليوسف عنونا لخبر تعلق به علي عدم وجود قيادات نسائية ضمن قادة حزب العدالة والحرية الاخواني سوي عنون (الإخوان جماعة تضطهد النساء) ! ، برغم أن كل الأحزاب الاخري المعلنة لم ترشح اي قيادة نسائية وليس الاخوان فقط وهذا بخلاف الحفاوة بمن يهاجمون الجيش والمجلس العسكري وأنصار حملة الدستور أولا ، برغم أن هناك خارطة طريق لابد من تنفيذها بعد الاستفتاء علي التعديلات الدستورية .

 

أما مجلة (المصور) التي لم يكن عدد منها يخلوا من هجوم علي جماعة الاخوان قبل الثورة ، فهدأت وتيرتها قليلا ، قبل أن تعود بنفس الحدة في الهجوم ، مع فتح الباب علي مصراعيه في الأعداد الأخيرة لليساريين والعلمانيين لطرح أفكارهم المشوهة عن أن العلمانية ليست كلها شر ، وتلميع د. مراد وهبة رائد العلمانية في مصر في حوار يقول فيه أنه (بدون علمانية ثورة يناير فاشلة ) !!.
فضلا عن فتح المجلة أبوابها في عددها الأخير لغسيل سمعة بعض الادباء اليساريين الذين كان يحتضنهم نظام مبارك ، وتبروؤهم منه لاحقا لحد قول أحدهم أن مبارك في جهنم وبئس المصير !.

 

أسباب الهجوم وتشويه الاسلاميين
والحقيقة أنه يمكن تقسيم تفسير هذا الهجوم من جانب الصحف الخاصة والحكومية علي التيارات الاسلامية بحسب تصنيف الصحف ، فالصحف الخاصة المملوكة لرجال أعمال خصوصا ممن كانت مصالحهم تتناغم مع النظام السابق ويستفيدون من وجوده تتحرك بمنطق الحفاظ علي مصالحها التي تخشي أن تتضرر لو سيطر الاسلاميون علي السلطة ، فيسعون ضمن التأثير الاعلامي لتعمد تشوية صورتهم وتصيد اي تصريح أو خبر يشوه صورتهم بمنطق "الترصد" لا "الرصد الاعلامي" المحايد .
أما الصحف الحكومية فهي تعاني السيطرة التقليدية القديمة لبقايا التيارات اليسارية والسيكرة التقليدية الحديث للموالين للحزب الوطني الحاكم سابقا علي مدار السنوات الـ 30 السابقة ، من أصحاب الأجندات ذات المصالح الخاصة أو المتصلة بالقناعات الفكرية المخالفة للتيارات الاسلامية عموما .

 

والمشكلة أن هؤلاء الذين يسعون للترصد وتشوية صورة بعض التيارات في بعض هذه الصحف الخاصة أو الحكومية ، عبر النشر المسئ أو المشوه وإختلاق المعارك أو ترجيح أراء المناوئين للتيارات الاسلامية يخدمون من حيث لا يقصدون أهداف الثورة المضادة في تعكير وتسميم الأجواء السياسية وخلق عداوات واحتقان سياسي لا يخدم هدف تجميع القوي السياسية في صف واحد لإنقاذ مصر في الفترة الانتقالية والتحول لنظام ديمقراطي حقيقي يحترم الأغلبية ولا ينتقص من حق الأقلية .
فضمن هذه الحملة الاعلامية الغير مبررة علي التيارات الاسلامية ، يجري تجريف قيم وقواعد ديمقراطية متعارف عليها ، مثل الهجوم علي استفتاء تعديل الدستور الذي قال فيه 77% من المصريين كلمتهم مع الانتخابات أولا ثم الدستور ، والالتفاف علي راي هذه الأغلبية بطلب الدستور أولا والتظاهر للضغط علي المجلس العسكري لتنفيذ الدستور أولا وتأجيل الانتخابات فقط لأن المؤشرات تؤكد فوز الاسلاميين بنسبة كبيرة فيها وسقوط القوي المناوئة لهم !.
من هذه الأخطاء المترتبة أيضا علي حملة الترصد والترهيب للقوي الاسلامية ،أنها تخدم اصحاب الثورة المضادة في الداخل والخارج ، من خلال إثارة مشكلات طائفية بتخويف الأقباط من الاسلاميين وتصويرهم علي أنهم وحش كاسر وخطر علي الأقليات ، وعبر تأجيل الانتخابات وتمديد فترة الفوضي السياسية والأمنية .