هل حققت ثورات العالم العربي أهدافها؟
27 ربيع الأول 1432
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

لا شك أن الثورات التي شهدها العالم العربي في الفترة الاخيرة فاجأت الكثيرين في الداخل والخارج, ورغم الانجازات التي تحققت على أيدي هذه الثورات حتى الآن إلا أنها لم تكتمل بعد كما أراد أبناؤها ومفجروها حيث تتداخل عدة عوامل حتى الآن لمنعهم من قطف ثمار تضحياتهم وإخراج أوطانهم من أزماتها, إن الطريق يكن أمامهم ممهدا وحتى الآن لا زالت العقبات تلقى في وجوههم في محاولة لتخفيض سقف طموحاتهم وأحلامهم وإقناعهم بما تم تقديمه وكأنها منحة من الحكام الجدد لهم, ولو راجعنا على سبيل المثال ثورة الشعب المصري ضد حكم الرئيس المخلوع حسني مبارك والذي دام ما يقرب من 30 عاما , سنجد أن مبارك راوغ الثوار كثيرا وحاول أن يفرق جمعهم عن طريق تقديم بعض التنازلات وللأسف كان من بين الإعلاميين المستقلين من ينخدع بذلك ويطالب المتظاهرين بفض اعتصامهم والاكتفاء بما تحقق ويطالبهم بالعودة إلى أعمالهم بل وصل ببعضهم أن اتهم المتظاهرون بالرعونة لأنهم أصروا على تنحي الرئيس مبارك رغم تفويض سلطاته لنائبه عمر سليمان, وعندما تنحى مبارك هلل الجميع بنجاح الثورة وتناسوا تثبيطهم للمتظاهرين.

 

وأعتقد أن نجاح الثوار في تنحية مبارك بعد 30 عاما من الحكم الاستبدادي وإفشال مشروعه التوريثي أصاب الثوار بفرحة أنستهم أن القضية ليست في تنحي مبارك فقط ولكن من الذي يخلفه؟ وهي قضية تدرجت فيها مطالبهم من تفويض عمر سليمان إلى التنازل للجيش, ولكنهم لم يفكروا أن قيادات الجيش هي جزء من النظام ولقد حاولت إلى آخر لحظة إنقاذ النظام عندما خرجوا ببيان تعهدوا فيه بتنفيذ ما التزم به مبارك قبل تنحيه, والذي ينظر إلى طريقة تعامل هذه القيادات مع مطالب الثوار يجد نفس أسلوب مبارك فقد طالب الثوار بإقالة وزارة شفيق ومع ذلك اكتفوا بتغيير بعض الوزراء فقط كما طالبوا بتعيين مجلس رئاسي مكون من عدد من المدنيين وعضو عسكري وحتى الآن لم يستجيبوا , كما أن موقفهم من إطلاق كافة المعتقلين السياسيين لا زال غامضا.

 

ولو فكرنا قليلا سنجد من يحكم مصر الآن هو وزير الدفاع في نظام مبارك ووزير الطيران السابق فكيف تكون مطالب الثورة قد تحققت بشكل حقيقي وما معنى الثورة إذن؟ إن الثوار أظهروا الكثير من التقدير للجيش وهو يستحق ذلك ولكن الجيش كمؤسسة يختلف عن قياداته التي عينها مبارك ودانت له بالولاء سنوات طويلة ولم تأمر بمنعه من السفر إلا بعد أن سافر ـ كما قيل ـ للخارج للعلاج هو وأسرته, كما أن مصادرة أمواله تأخر لأيام سمحت له بأن يحول أو يخفي ما يريد منها خصوصا أن نجله الاصغر ووريثه السابق في حكم البلاد سافر إلى لندن فور تنحيه..

 

ما يحدث الآن هو أقرب للإصلاح منه للثورة وهناك فرق شاسع بين الامرين ولعل ذلك ما دفع شباب الثورة لإصدار بيانهم الأول وإعلانهم اعتزام الاعتصام حتى تلبية مطالبهم كاملة..والأمر كذلك ينطبق على تونس فرئيس مجلس النواب الذي تولى الرئاسة بعد بن علي ورئيس الوزراء إلى فترة قريبة من أقرب المقربين لبن علي, أما في ليبيا فقد تمكن الثوار من تحرير الغرب وبعض مدن الشرق وما زالوا يسعون لإسقاط العاصمة التي يتحصن فيها القذافي ومرتزقته, ولعل انحياز عناصر من الجيش للثوار بشكل واضح وخروجهم على القذافي سيسهل المهمة بد خلعه ولا تقع ثورة ليبيا في الحفرة التي وقعت فيها الثورة في تونس ومصر.

 

إن حداثة سن الثوار وعدم خبرتهم وافتقادهم لقيادة موحدة في تونس ومصر ساهمت في تأخر تحقيق ما يصبون إليه, ولكن ما يدعو للتفاؤل أنهم يتداركون أخطاءهم وما زالوا يحتفظون بزخم ثورتهم وعندهم الاستعداد لبذل المزيد, كما أن الشعب كله معهم بعد أن رأى حجم الفساد المتفشي من أنصار النظام السابق, ومع ذلك فعامل الوقت ليس في صالحهم لأن طول فترة عدم الاستقرار وعدم وضوح الرؤية بشأن المستقبل ستؤدي إلى تفكك التأييد الشعبي الذي يبحث في المقام الاول عن الأمن والامان.