المصالحة الفلسطينية هل من جديد؟
26 ربيع الأول 1432
حمزة إسماعيل أبو شنب

منذ سقوط النظام المصري والقوى الفلسطينية تتحدث عن ضرورة إنهاء الانقسام بين شطري الوطن ، عبر إتمام المصالحة بين حركتي حماس وفتح ، ولعل تصريحات سلام فياض عن حكومة وحدة بين الضفة وغزة ، وتصريحات رموز حركة فتح التي لا تتوقف عن ذكر المصالحة انسجاما مع التغيرات الحاصلة في المنطقة تجعل المتابع يدرك أن التغيرات التي حصلت في مصر كانت وراء اللهفة الفتحاوية تجاه الحوار والمصالحة ، ويعود ذلك لأن النظام العربي الأكثر دعما لسلطة رام الله قد سقط ، وقد جاء ذلك بعد الضربة التي تلقتها السلطة عندما نشرت قناة الجزيرة سجلات المفاوضات التي كشفت الانحدار الكبير في المواقف السياسية لفريق السلطة وحركة فتح .

 

هذا التغيرات الجوهرية في المنطقة جعلت سلطة رام الله تبحث عن طوق نجاة لها ييسر لها الخروج المشرف من المأزق التي تعيشه، في ظل الثورات المشتعلة التي تطيح بالمعتدلين في المنطقة ومحاربي "الإرهاب الإسلامي".
عباس وفياض وسلطتهما من أفضل من حاربوا "الإرهاب الإسلامي في فلسطين" كيف لا وهما من أصبحا عملاء للاحتلال في وضح النهار ورفعا شعار الحرب على المقاومة في فلسطين  .

 

إذن فالمصالحة هي البوابة التي تريد سلطة رام الله أن تخرج نفسها منها بأدني حرج ، بعد أن أصبحت الورقة المصرية – التي لا تحظى بقبول حماس- من الزمن الماضي ، فلم يعد ينفع محمود عباس الاستقواء بـ"الفيل المصري" والورقة المصرية ، خشية السقوط كما سقط أصحابها.

 

حديث المصالحة اليوم نسمعه واضحا من القيادات الفتحاوية و رئيس وزراء رام الله و بعض من كانوا يرهنون على الموقف المصري ، وسبق هذا الحديث  إعلان منظمة التحرير بإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية والمجلس الوطني -الذي لم ينتخب منذ أكثر من عشرين عاما-  في سبتمبر من العام الحالي ليتوج محمود عباس ذلك بمسرحية نشرها عبر وسائله الإعلامية تظهره بطلا سياسيا يقاوم الضغوط الأمريكية التي رفضت اقتراحه على مجلس الأمن بإدانة الاستيطان ، بسحب قرار إدانة الاستيطان في مجلس الأمن ، بالرغم من أن مقترح القرار - لو تم إقراره - في مجلس الأمن هو قرار غير ملزم للكيان "الإسرائيلي" .

 

لكن لو نظرنا إلى الخطوات العملية التي قامت به سلطة رام الله تجاه المصالحة مع حماس ، فلن نجد سوى الملاحقة الأمنية المستمرة لعناصر حماس في الضفة ، والتنسيق الأمني مع الاحتلال ، حتى أن عميدا في الجيش "الإسرائيلي" يقول" قوة أجهزة أمن الضفة مصلحة "إسرائيلية" و العلاقة معها تسمى تنسيق لكنها في الحقيقية تعاون" كما أن العمل الأمني ضد حماس في قطاع غزة لم يتوقف لحظة واحدة. فهل هذه خطوات العكسية تعكس رغبة صادقة بتحقيق المصالحة؟

 

على الجميع أن يدرك بأن المسرحيات التي نشاهدها في رام الله هي من أجل البقاء ، ونتيجة الخوف من السقوط والغضب الجماهيري على السلطة في ظل الأوضاع التي تعيشه الضفة من حالة استسلام قد لا يصبر عليها الثائرون في الضفة مع موجة التغيرات الحاصلة في المنطقة ، كما أن الخوف من التغيرات التي قد تحصل في الأردن مع تزايد الضغوط الجماهرية على الحكومة الأردنية ، يشعر السلطة بالخطر الكبير بعد خسرت حليفها الذي كان يحاصر غزة ،  لذلك نرى أنه من الخطأ الكبير التجازب مع هذا الحديث الكاذب عن المصالحة ، قبل معرفة الجديد في مصر والتغيرات التي قد تحصل في الأردن ، وإلى حين ذلك على غزة وحماس البقاء في الاستمرار في الصمود- الذي تعودنا عليه- فلا مصالحة اليوم مع من يستقوون بالخارج على شعبهم ، وغرق هذا الفريق الذي جلب لنا العار يعد مصلحة فلسطينية كبرى ، وليس العكس كما يردد البعض.