هل انتهى حقا نظام مبارك في مصر؟
13 ربيع الأول 1432
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

لحظات الفرح الكبيرة في حياة الشعوب عليها أن لا تنسيها التفكير الدقيق في واقع الاحداث ومجريات الامور, والثورة المباركة التي اندلعت على أيدي الشباب المصري ضد نظام مبارك يوم 25 يناير ستكتب اسمها بحروف من نور في صفحات التاريخ, فقد أثلجت صدور العرب في كل مكان وليس المصريين وحدهم وهو ما ظهر خلال الاحتفالات التي عمت أنحاء العالم العربي؛ فمصر ليست دولة هامشية وتراجع دورها على جميع المستويات في الفترة الاخيرة أثر بالسلب على العالم العربي بل والإسلامي.

 

وإذا تجاوزنا هذه الفرحة وبدأنا نفكر في الواقع سنجد أن هناك انجازا كبيرا ولا شك تمكنت الثورة من تحقيقة بخلع مبارك وجزء كبير من حاشيته ولكن إذا نظرنا إلى القائمين على الامور في مصر حتى هذه اللحظة سنجدهم من التابعين للنظام السابق فالحكومة الحالية المسماة بحكومة تصريف الأعمال برئاسة الفريق أحمد شفيق ـ وهو أحد تلامذة مبارك في القوات الجوية ـ هي الحكومة التي شكلها مبارك قبل أيام  قليلة من خلعه وعناصرها بشكل او آخر من المقربين من نظامه, وقد خرج شفيق عقب أول اجتماع للحكومة بعد قرار الجيش باستمرار عملها ليؤكد أنه لن يجرى تعديلات كبيرة على تشكيلة الحكومة الرئيسية في الوقت الحالي, وهذه الحكومة تضم في تشكيلتها بعض العناصر المقربة بشدة من النظام السابق وكانت موجودة في حكومة رجال الاعمال السابقة المتهمة بالفساد, مثل مفيد شهاب وأحمد أبو الغيط وسامح فهمي, أضف إلى ذلك أن المجلس الأعلى للجيش الذي يقود البلاد حاليا يترأسه وزير الدفاع المشير حسين طنطاوي ويليه الفريق سامي عنان رئيس الاركان وهما قيادتان معينتان من قبل الرئيس المخلوع حسني مبارك حيث كان يتولى منصب القائد الاعلى للقوات المسلحة, ورغم موقف قيادات الجيش المشرف طوال الثورة ورفضها الصدام مع الثوار وتعهداتها بتسليم الحكم لسلطة مدنية والاستجابة لمطالب الثوار, إلا أن هذا لا ينفي أنها تدين بشكل أو آخر للنظام السابق مما قد يؤثر على بعض قراراتها ولعل ما يؤيد ذلك ما ذكرته صحيفة الدستور المستقلة على موقعها الالكتروني بشأن بقاء عمر سليمان نائب الرئيس السابق وزكريا عزمي رئيس ديوان الرئيس المخلوع حتى هذه اللحظة في القصر الرئاسي وقيامهما بعملهما وكأن شيئا لم يكن.

 

لقد حاول بعض شباب الثورة الاستمرار في مواقعهم الاحتجاجية حتى تنفيذ مطالبهم وعلى رأسها إلغاء قانون الطوارئ والإفراج عن المعتقلين السياسيين ولكن الجيش رفض بشدة وتدخل لفض احتجاجهم وحدثت بعض الاحتكاكات, كما كرر وفد من الثوار هذه المطالب وغيرها في لقاء مع الجيش وقد أسفر اللقاء عن تعهدات جديدة وتشكيل لجنة لتعديل الدستور برئاسة المستشار طارق البشري ولكن إلى الآن لم يتم تغيير الحكومة بتشكيلتها القديمة كما لم يتم إطلاق بقية المعتقلين أو إلغاء قانون الطوارئ وهو ما جعل جماعة الإخوان تتوجه للجيش مطالبة ببناء الثقة مع الشعب.

 

الجيش يطلب مزيدا من الوقت والثوار تنتابهم الريبة بعد عشرات السنين من المماطلة واللف و الدوران دون إنصات لهم, كما أن المعادلة بدأت تدخل فيها أرقام جديدة وهي الاحتجاجات والاعتصامات الفئوية التي يطالب أصحابها بتحسين أوضاعهم وهو حق لهم ولكن في نفس الوقت قد يغبش على المطالب الكبرى للثورة فالبرلمان المنتخب بشفافية وما ينبثق عنه من حكومة, والدستور الجديد الذي يفصل بين السلطات ويحد من صلاحيات الرئيس ويعطي القضاء الحق في الإشراف على الانتخابات هو الطريق لتحقيق مطالب هذه الفئات على المدى الطويل, وهو ما ينبغي التركيز عليه الآن حتى لا يتم التحجج بهذه الاعتصامات لإطالة الفترة الانتقالية أو إلهاء الشعب ببعض المكاسب الصغيرة. إن الطريق أمام الثوار طويل ويحتاج إلى مجهود مضاعف حتى لا تضيع ثورتهم هباء أو يسرقها محترفوا السياسة, وللحديث بقية.