النظام الإيراني على صفيح ساخن
1 صفر 1432
تقرير إخباري ـ خالد مصطفى

منذ انتخابات يونيو الماضي التي أسفرت عن إعادة انتخاب أحمدي نجاد لولاية رئاسية جديدة والاحداث التي تلت الانتخابات من احتجاجات على نتائجها واتهامات للحكومة بالتزوير, والاوضاع في إيران على صفيح ساخن؛ فقد تمكن زعيما المعارضة المحسوبين على ما يسمى بـ "التيار الإصلاحي"  مير حسين موسوي ومهدي كروبي من حشد عدد كبير من الجماهير واطلقا مظاهرات احتجاجية عارمة امتدت لعدة مدن بالاضافة للعاصمة طهران, وظهر بوضوح تدخل الحرس الثوري في دعم نجاد, كما ظهر دعم المؤسسة الدينية كذلك متمثلة في مرشد الثورة علي خامنئي الذي انتقد المحتجين بشدة ووصفهم بالخارجين عن الدولة.

 

لقد عكست ممارسات السلطة العنيفة تجاه المحتجين وانضمام قيادات حكومية كبيرة للمعارضة مثل رئيس مصلحة النظام هاشمي رفسنجاني والرئيس الاسبق محمد خاتمي, حجم الخلافات الدائرة داخل النظام والشعور بالخطر من اركانه, وكشفت المواقع المعارضة كيف تدار السجون والمعتقلات الايرانية والانتهاكات الجنسية والتعذيب الذي يتعرض له السجناء السياسيون كما كشفت عن اتساع دائرة الرفض لطريقة ادارة الدولة والتي تتسم بالانغلاق والاستبداد.

 

الامر لم يتوقف عند هذه الاحداث التي بدأت تخف حدتها بالتدريج ولكن في الايام القليلة الماضية تكشفت المزيد من علامات التصدع التي اصابت النظام الحاكم في ايران فقد كشف موقع ويكيليكس عن صفع رئيس الحرس الثوري لنجاد بعد التداعيات التي شهدتها الانتخابات الرئاسية رغم نفي طهران الرسمي للواقعة, كما أقال نجاد وزير خارجيته منوشهر متكي بطريقة فجائية تتسم بالرعونة والاستخفاف حيث أبلغ متكي بالاقالة خلال زيارته للسنغال وعلم بالقرار من مضيفيه, كما قال؛ مما اصابه بحرج بالغ وشن هجوما حادا على نجاد وكبار المسؤولين واتهمهم بالكذب عندما زعموا انه كان يعلم بالقرار قبل سفره, كما اتهمهم بمخالفة "الاخلاق والاسلام", وبعد ذلك بقليل أقال نجاد 14 مستشارا رئاسيا دون الافصاح عن اسباب ذلك, كما تحدثت انباء عن اعتزام نجاد اقالة وزير الاستخبارات حيدر مصلحي بعد خلافات بينهما حول طريقة إدارة الملف الأمني وتدخل نجاد المباشر والمستمر في شؤون الوزارة دون علم الوزير, كذلك اقال نجاد على نحو مفاجئ رئيس المنظمة الوطنية للشباب "مهرداد بذرباش"، وهو أحد أتباع نجاد المقربين, كذلك أقال نائب وزير الثقافة محمد راميين, وقد أرجع  بعض المحللين أسباب هذه الإقالات المتوالية والمفاجئة لتدخل صهر الرئيس الإيراني ومساعده المقرّب أسفنديار رحيم مشائي والذي ثار حوله كثير من اللغط بعد تصريحاته عن "الصداقة مع الإسرائيليين", ولكن الواضح أن هناك خلافات حادة داخل النظام كانت بدايتها الاحتجاجات التي اعقبت الانتخابات الرئاسية حيث ظهر اتجاهان واضحان في كيفية التعامل معها أحدهما كان يدعو للحكمة واحتواء المحتجين والآخر, وهو الذي انتصر في النهاية, الذي كان يدعو للشدة و"الحسم", ومازال هذا الاتجاه يواصل تصعيده حيث صرح أحد قادته مؤخرا بضرورة محاكمة موسوي وكروبي بتهمة "المحاربة" وهي تهمة قد تصل عقوبتها للإعدام, كما أن الظروف الاقتصادية المتدهورة خصوصا مع تشديد العقوبات الدولية ورفع أسعار البنزين وما أعقبه من تذمر اجتماعي زاد من حجم الخلاف, كما أن طريقة التعامل مع الغرب بشان الملف النووي ما زالت من الامور التي تسبب خلافات داخل المنظومة الحاكمة وهو ما اتضح من تولي رئيس البرنامج النووي الايراني علي صالحي لحقيبة الخارجية بعد متكي.

 

لقد ازدادت التحديات التي تواجه النظام الايراني مؤخرا على الصعيدين الداخلي والخارجي؛ فعلى الصعيد الداخلي يضاف لما سبق حركة المقاومة السنية المتمثلة في جماعة جندالله والتي وجهت ضربات قوية في العمق الايراني اوقعت العشرات من عناصر الحرس الثوري بين قتيل وجريح ولم يثنها اعتقال زعيمها واعدامه, كذلك تنامي حركة المقاومة في الاحواز المحتل رغم الاعدامات المتواصلة للناشطين, أما على الصعيد الخارجي فيضاف لازمة الملف النووي والتوتر الحادث بين إيران الدول الكبرى بسببها, حالة التوجس والقلق التي تنتاب دول الخليج وجميع دول المنطقة من طهران نتيجة لتدخلها السافر في شئونها الداخلية عن طريق دعم سكانها الشيعة ومحاولات نشر التشيع فيها؛ كل هذا اورث النظام الايراني عداوات كثيرة وألقى بزخمه على الخلافات المتصاعدة على التيارات المتصارعة على الحكم وأجج من حجمها في وقت يسعى كل طرف لاستغلالها لصالحه.